عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - كتب الصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت الاسبوع الماضي في صحيفة "معاريف" بتاريخ 26/12 الحالي معقبا على دفاع الطفلة عهد التميمي وعائلتها عن بيتهم في قرية النبي صالح، وبعد إطلاق جنود جيش الاستعمار الإسرائيلي الرصاص على ابن عمهم، كاشفا عن وجهه الحقيقي كعنصري بشع، فنضح من مستنقع الوعي الصهيوني الآسن لتعميم تعاليم الأسفار في استباحة "الأغيار" الفلسطينيين العرب، فَّدون يقول:" في حالة الفتيات، الثمن يجب جبايته في فرصة أخرى، في الظلام، دون شهود وكاميرات. عائلة التميمي يجب أن تفهم أن الاستفزاز الشيطاني أمام مقاتلي الجيش سيكلفهم الكثير." ويتابع المسكون بالعنصرية مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي لديه "قدرات إبداعية" في ارتكاب الجرائم دون دفع الثمن امام الكاميرات، ويضيف ولديه "وسائل لحل أمر كهذا دون دفع ثمن شعبي باهظ."

 من يقرأ الإعلامي الإسرائيلي يستطيع ان يقف جيدا على مراميه وأهدافه العنصرية واللاأخلاقية والإجرامية، فهو أولا يدعو جيش الحرب الإسرائيلي لاستعمال العصا الغليظة ضد الفلسطينيين بغض النظر عن الإنسان الفلسطيني وعمره أو جنسه أو طبيعة العمل الذي يقوم به؛ ثانيا يطالب ضباط وجنود جيش الموت بارتكاب جرائمهم ضد الفتيات أمثال عهد في الظلام، وبعيدا عن الشهود والكاميرات حتى تتم جباية الثمن دون مقابل في الرأي العام الفلسطيني والعالمي؛ ثالثا وتأصيلا لما تقدم، يدعو الجنود القتلة لارتكاب جرائمهم ضد الفتيات بشكل "إبداعي"، وكأنه اراد هنا دعوتهم لممارسة الرذيلة والفاحشة ضد الماجدات الفلسطينيات بشكل وقح، يعكس مستوى الانحطاط، الذي بلغه الوعي العنصري الإسرائيلي؛ رابعا حرض الجيش الإسرائيلي على مضاعفة الثمن ضد كل مواطن فلسطيني يدافع عن بيته وأرضه ووطنه. وكأن الفلسطيني مطلوب منه، ان يقف مكتوف الأيدي أمام وحشية وجبروت الطغاة المستعمرين الإسرائيليين؛ خامسا وهو في كل ما تقدم، يؤكد إصراره على دعم خيار الاستيطان الاستعماري، ورفض خيار السلام والتعايش.

ولو كان لدى بن كاسبيت حد أدنى من الأخلاق، وقيم المعرفة، ومهنية الإعلام الليبرالي لما كتب ما كتب. ولكنه لا يمت بصلة لذلك. لأنه لصيق الصلة بوعي المستعمر الإسرائيلي، والأسفار المزورة في التوراة "استعباد وقتل الأغيار" الفلسطينيين العرب، ووريث التعاليم والانتهاكات العنصرية، وهو مروجها ومعممها في اوساط المجتمع الإسرائيلي. ذلك المجتمع الأحوج إلى تعاليم وقيم السلام والتعايش، وبناء جسور التعاون والتكامل مع شعوب المنطقة عموما والشعب العربي الفلسطيني خصوصا، لأنه صاحب ومالك أرض فلسطين التاريخية، الذي تسيطر دولتهم على 78% من أراضيها منذ نكبة العام 1948، وتحتلها كلها بالإضافة للجولان السورية حتى الآن منذ حرب حزيران/يونيو 1967، رغم قبول القيادة والشعب الفلسطيني بالسلام وفق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

لكن بن كاسبيت ومعه جوقة المستعمرين العنصريين الإسرائيليين من الإعلاميين والمثقفين والأكاديميين والنخب السياسية والدينية ليسوا بوارد ذلك، ويأخذون من المشهد قشوره ليروجوا لتحريضهم الأسود، الذي يستهدف الكل الفلسطيني، وفي الوقت نفسه هم يستهدفون السلام والتسوية السياسية، ويعممون خيار القتل والإرهاب المنظم ضد الفلسطينيين الرازحين تحت نير احتلال دولتهم المارقة والخارجة على القانون. لذا لم يشعر بن كاسبيت بالعار يغطي رأسه ورؤيته الدونية، لأنه متصالح مع ذاته وخياره الأيديولوجي والسياسي الاستعماري.