عاطف شقير - النجاح الإخباري -  

   ان الطرح الأمريكي الإعلامي الجديد الذي يقوم على السيطرة على مصادر تناقل المعلومات في شتى أنحاء العالم وفق الرؤية الإعلامية الأمريكية التي تقوم على فرض الأفكار الأمريكية على الساحة الدولية دون أي منافس نزيه لتلك الأفكار، من شانه اثارة حفيظة الإعلاميين العرب الذين يتطلعون إلى عالم إعلامي تسوده الحرية، لا عالم تسوده الأفكار الأمريكية القوية التي تقوم على نفي الغير إذا لم تتوافق أفكاره ورؤاه مع الأفكار والمنهج الأمريكي، مما يجعل العالم جميعه صغيره وكبيره عبيدا للأفكار الأمريكية واي شطح او زلل عن تلك الأفكار التي تتعلق بالملبس والمأكل إلى الفيلم الأمريكي الذي تريد أمريكا إدخاله إلى كل بيت عربي واسلامي، للقضاء على كل الثقافات الأخرى عن طريق ما يسمى بالاحتواء لتلك الثقافات وذوبانها، وذلك بحكم التفوق المعرفي والتكنولوجي الأمريكي على سائر الدول في مختلف أنحاء العالم.

وهذا ما يدخل تحت مسميات العولمة الأمريكية التي تريد صهر العالم بنظام عالمي أمريكي واحد دون سواه، وهذا ما يعزز نظرية الاستعلاء وتخليد الذات وتقديسها وتفوقها على جميع الأعراق البشرية.

وهذه العولمة الأمريكية أثارت سخط الطبقات العاملة في مختلف أرجاء العالم سيما في دول العالم الثالث، لان العولمة تريد فرض القوي والأفضل والرأسمالي على الضعيف والفقير والاشتراكي، مما يجعل تلك الطبقات تعيش عيشة ضنك وبؤس على ضوء هذه السياسة.

أما فيما يتعلق بالإعلام الأمريكي فان أمريكا تتطلع إلى احتواء معظم الصحف والفضائيات والإذاعات المحلية ببوتقتها الأمريكية، من خلال التفرد بمصادر المعلومات وتدفقها الهائل وحقها في التحكم في أجهزة البث القوية كيفما تشاء وبالصورة التي تراها مناسبة، مما يجعل وسائل الإعلام الضعيفة تتهاوى على ارض نظام العولمة الجديد، لان تلك الوسائل تحتضن جمهورا ضئيلا  لضعف إمكاناتها المادية وقدرتها على تغطية الأحداث الدولية بسرعة، الأمر الذي يجعل الجمهور العالمي الذهاب إلى التغطية العالمية السريعة و الذهاب إلى التكنولوجيا الأمريكية المهيمنة على سواه من التكنولوجيا العربية المتخلفة.

أما التكنولوجيا العربية الإعلامية في مجملها تعتمد على المكالمات الهاتفية في تغطيتها الإعلامية، الأمر الذي يجعلها لا تستطيع الصمود ومنافسة وسائل الإعلام الأمريكية وميزانيتها الضخمة التي تفوق ميزانية إحدى الدول النامية.

أما من حيث الكفاءة والخبرة فان الإعلامي الأمريكي يتلقى العديد من المهارات في مختلف فنون العمل الإعلامي، كصياغة الأخبار بالطريقة التي ترضي الحكومة الأمريكية، و التعامل مع التكنولوجيا المعاصرة والتحدث بأكثر من لغة،مما يجعله يتأقلم بشكل كبير مع ظروف تلك البلاد التي ينقل أخبارها.

أما الإعلامي العربي فخبرته تأتى عن طريق الخبرة والتجربة، لا عن طريق العمل الأكاديمي الإعلامي التدريبي الذي يتماشى مع متطلبات العصر الإعلامية، زد على ذلك ان وسائل التكنولوجيا الإعلامية الحديثة لا يستطيع التعاطي معها بسرعة، الأمر الذي يجعله يتخلف عن الركب التكنولوجي الإعلامي المتسارع.

أما فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية الأمريكية فأنها تحاول مخاطبة العالم جميعه وصهره بالأفكار الأمريكية، مما يجعلها تؤثر في اكبر عدد ممكن من سكان العالم، بحكم أجهزة البث القوية والحديثة وتعدد اللغات التي تخاطب بها العالم، الأمر الذي يجعل من هذا النفوذ الإعلامي الأمريكي يهيمن على معظم أرجاء المعمورة كما هو الحال مع النظام السياسي الأمريكي الذي يبسط سيطرته ونفوذه على معظم دول العالم، فالاعلام يأخذ قوته ونفوذه من النظام السياسي، فكلما زاد النظام السياسي قوة وصلابة زاد الإعلام  قوة وصلابة كما هو الحال مع الولايات الأمريكية.

أما فيما يتعلق بالرسالة الإعلامية العربية فهي ضعيفة ولا تكاد تخرج عن المحيط العربي، وذلك بحكم اللغة أو لعدم توحيد الجهود الإعلامية العربية لمخاطبة الرأي العام العالمي بمختلف قضايا الوطن العربي وهمومه.

في ظل هذه التحديات الإعلامية العربية فلا بد للاعلام العربي من خلق ما اسميه بالعوربة العالمية التي تستطيع منافسة العولمة الأمريكية في طرح قضاياها على الساحة الدولية.

فلا بد لهذا النظام الإعلامي الجديد ان يستغل كافة الكفاءات العالمية العربية، لنشر الأفكار العربية والمصالح العربية في مختلف أنحاء العالم عبر وسائل إعلام قوية البث والخبرة والمراسلين والطاقم الإعلامي، وذلك لمضاهاة العولمة الأمريكية التي تريد صهر الثقافة العربية والإسلامية في بوتقتها العنصرية، إلا ان الثقافة العربية والإسلامية عصية على الانصهار، لأنها تتمتع بطابع مستقل عن مختلف ثقافات العالم.

وبطبيعة الحال هذا الأمر يحتاج إلى تسخير الإمكانات العربية لخدمة النظام الإعلامي العربي الجديد الذي سيقدم الرسالة العربية الحضارية إلى مختلف أصقاع العالم.

وهذا الأمر يحتاج إلى يقظة إعلامية من قبل رجال الأعمال العرب، و من قبل الحكام والكتاب والفنيين العرب لتطبيق هذه الأطروحة الإعلامية التي من شانها ان تعيد الاعتبار والصدارة إلى العرب والمسلمين التي سلبها المستعمر الغربي منه عبر سيطرته على مختلف موارد الأمة ومقدراتها.

   خلاصة القول، يكمن في ان تتوحد الجهود الإعلامية العربية للخروج برسالة إعلامية عربية حضارية تكون قادرة على تحمل المسؤوليات الإعلامية الجسام ونقل الصورة العربية المشرقة لشتى بقاع الأرض.