عاطف شقير - النجاح الإخباري -    ان الحرب النفسية قديمة قدم المجتمعات البشرية، فقد استخدمتها اسرائيل لبسط سيطرتها على المناطق الفلسطينية من خلال الايحاء بانها قوة لا يمكن قهرها، وهذا ما تجلى من خلال سياسة فرض الامر الواقع التي تقوم بها اسرائيل لتثير الاحباط عند المواطنيين الفلسطينيين، وكان اخر تجلياتها بان فرضت البوابات الالكترونية والكاميرات الذكية على ابواب المسجد الاقصى ضاربة بعرض الحائط اسلامية هذا المسجد، ولكن المقدسيين تصدوا لهذه السياسة والحرب النفسية الاسرائيلية بالثبات والعزيمة محققين النصر على هذه الحرب القذرة التي شنتها اسرائيل ضد المقدسات الاسلامية في مدينة القدس.
  وقد استفادت الحركة الصهيونية العالمية من أساليب الحرب النفسية التي استخدمت في الحرب العالمية الأولى والثانية، وقامت بتطويرها من خلال ما يعرف (بالدعاية الصهيونية) التي انبرت  بالدفاع عن الوجود الصهيوني في أرض فلسطين، وقام بتجسيد هذه الفكرة وتطويرها الى حلم الدولة الصهيونية الصحفي هرتزل في القرن العشرين، وعلى اثرها قامت  دولة (إسرائيل) عام 1948م على أراضي فلسطين، وذلك عن طريق المذابح والمجازر التي نفذت بحق السكان الفلسطينيين العزل كمجزرة دير ياسين وغيرها، وفي تلك الأثناء ذاع صيت القوات الصهيونية الدموية التي تقتل الأطفال والشيوخ والنساء وتدمر البيوت على رؤوس اصحابها من خلال مجزرة دير ياسين، مما أدى إلى انتشار هذه المعلومات المخيفة والمرعبة والتي أدت إلى تهجير سكان القرى والمدن في المناطق المحتلة عام 1948م إلى الدول العربية الشقيقة.
   وقد استخدمت (إسرائيل) أسلوب التضليل الإعلامي في حربها عام 1967م حيث أعلن كبار سياسيها بأن جنوده يقضون إجازاتهم في هذه الأوقات، ونحن طلاب سلام، وفي اليوم التالي قام الطيران (الإسرائيلي) بتدمير الطيران المصري برمته، مما أحدث الصدمة النفسية عند الشعوب العربية التي استيقظت على وقع هزيمة حزيران والتي أدت إلى إحتلال الضفة الغربية وسيناء والجولان.
  وقد هددت (إسرائيل) بإستخدام البطش الشديد للشعوب المحتلة في الضفة الغربية إذا ما قاموا بأعمال عنف على حد زعمها، أما الأسرى العرب والفلسطينين فقد مارست عليهم عمليات لغسيل الدماغ، عن طريق إستخدام العزل الإنفرادي في زنازين صغيرة، وعن طريق التجويع والتهديد المستمر للإسير وعائلته، كي يدلي بإعترافه أمام المحققين الذين يقومون بعمليات غرس إافكار جديدة في ذهن الأسرى مفادها، ان (إسرائيل) دولة لا تقهر وهي قادرة لان تصل أيديها الى كل المقاتلين في كل مكان، فيشعر الأسير بالإحباط والندم على ما فعل، إلا ان هذه السياسة فشلت ومن ملامح فشلها عودة المعتقلين لنفس أعمال النضال و المقاومة.
  أما الإشاعة فقد حاول الإحتلال الإسرائيلي ترويج الإشاعات من خلال عملائه لإضعاف الروح المعنوية للشعب الفلسطيني ورضاه بسياسة الأمر الواقع وعدم مقاومة الإحتلال، ولمقاومة الإشاعة يجب التأكد من صحة المعلومات الواردة ومحاولة تفنيدها بالسرعة الممكنة، وهذا الأمر يقع على عاتق أصحاب الأمر والقرار.
  لقد اهتمت (إسرائيل) بالإعلام الذي يقلب الحقائق لصالحها ويغير المفاهيم والقيم حسبما تريد، فقد استخدمت السينما للتعبير عن الظلم التاريخي الذي لحق باليهود على يد النازي هتلر، واستفادت من هذه المنابر لكسب تأييد العالم وعطفه، ولكن الفلسطينين تنقصهم الأمكانات المادية الهائلة للقيام بهذه الأعمال.
  وقد استخدمت (إسرائيل) مواقع الإنترنت في حربها النفسية عن طريق إنشاء المواقع المعلنة والمستورة للتعبير عن سياستها، إلا ان القوى الفلسطينية نجحت في الرد على هذه المواقع عن طريق مواقعها التي تزود الجمهور بالمعلومة الصادقة والحية، واستخدمت (إسرائيل)  كذلك الكتب والمنشورات والصحف ومكبرات الصوت وغيرها، في حربها النفسية ضد الفلسطنيين.
   وان الوقاية من حرب (إسرائيل) النفسية يكمن في الثبات والارادة والعزيمة التي تحلى بها المقدسيون في مواجهتهم المخططات الرامية الى تهويد المسجد الاقصى، وكشف أهداف العدو وأساليبه وكتمان أسرار المناضلين في الميدان ووعي الأمن وأهميته، وتحلي الجبهة الداخلية بالقوة النفسية، وسيطرة القادة على الموقف وتهدئة خواطر المواطنين.