ميسون المزين - النجاح الإخباري - أتابع بقلق بالغ وقلب موجوع ما يجري في وطني المحتل فلسطين وتحديدا في القدس المحتلة والتطورات الحاصلة في أعقاب إقامة البوابات الالكترونية على مداخل المسجد الأقصى واسكات المآذن لأول مرة منذ خمسين عاما، وردة الفعل الجماهيرية الفلسطينية وردة الفعل العربية والدولية. وفي سياق المستجدات والتجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية وما نجم عن ذلك من تغيير نسبي في التوجهات والمفاهيم والرؤى لدى البعض عبر أنحاء العالم حول المعاني والبديهات المتعلقة بالحقائق التاريخية والحقوق الوطنية وأدبيات النضال عند الشعوب، أصبح من الواجب توضيح وتأكيد عدد من النقاط بشكل مبسط ومختصر:

• فلسطين: بلد موغل في العراقة والتاريخ وقد سميت فلسطين بأسماء عديدة عبر الزمن بداية بأرض كنعان والأرض المقدسة ووصولا لفلسطين. وفيها أقدم مدينة في العالم هي أريحا وبالكنعانية القديمة تسمى اريحو او أريخو بمعنى مدينة القمر، والتي يعود تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد.

• الشعب الفلسطيني: هو شعب عريق ووجوده أصيل ومتجذر في منطقة الشرق الأوسط وتعود أصوله إلى أجداده الكنعانيين (أصحاب الصبغة الأرجوانية الحمراء) وصولا إلى يومنا هذا.

• فلسطين التاريخية: فلسطين في التاريخ السياسي الحديث وضعت تحت الانتداب البريطاني في عشرينات القرن الماضي كإحدى الدول ضمن اتفاقية سايكس بيكو التي سيتم استقلالها كسائر دول بلاد الشام ومنطقة الشرق الأوسط في ذاك الوقت.

• فلسطين المحتلة: تم احتلال أجزاء كبيرة من فلسطين التاريخية عام 1948 من قبل قوة الاحتلال إسرائيل بدعم وتمهيد بريطاني بدت ملامحه بشكل صريح منذ إعلان وعد بلفور عام 1917. ثم جاءت حرب حزيران 1967 ليتم احتلال فلسطين بالكامل.

• القدس: هي عاصمة فلسطين التاريخية، أنشأها الأجداد الكنعانيون وتحديدا اليبوسيون (احدى القبائل الكنعانية) في الألف الرابع قبل الميلاد وأسموها أورسالم (أورشالم) التي تعني مدينة النور(أور) والعافية (سالم). وقد تمت السيطرة على المدينة واحتلالها عدة مرات عبر التاريخ، غير أنها احتفظت بهويتها الفلسطينية والكنعانية الجذور وكانت دوما نموذجا للتعددية والتعايش الديني والانساني.

وفي التاريخ الحديث، خضعت مدينة القدس للانتداب البريطاني، ثم بعد نكبة 1948 احتلت إسرائيل قوة الاحتلال الجزء الغربي من المدينة المقدسة، وبعد حرب حزيران عام 1967 تم احتلال كامل المدينة.

• النضال الوطني الفلسطيني: وسط الحروب المتلاحقة ونتائجها الجائرة بقي الشعب الفلسطيني متمسكا بحقه التاريخي ومدافعا عن أرضه وعاصمته بمقدساتها المسيحية والاسلامية وبذل الأرواح والتضحيات فداء للقدس، وناضل وما يزال بكل الوسائل المشروعة لحماية عاصمته ودفاعا عن الوجود الفلسطيني في فلسطين  وعاصمتها المقدسة.

إن الشعب الفلسطيني شعب حضاري يتمسك بحقة التاريخي بأرضه ويناضل من أجل العيش بكرامة، ويدافع عن إنسانيته وحريته في وجه احتلال يسعى لطمس هويته وإلغاء وجوده وسرقة أرضه وتهويدها.

إن الشعب الفلسطيني يحب الحياة، وبهذا المعنى فهو يقاوم من يسلبه حق الحياة على أرضه بحرية وكرامة، ومن يحب الحياة يتمسك بها، غير أن الوطن غال وفي سبيله تقدم كل التضحيات، وشعبنا أثبت عبر تاريخه النضالي أنه أهل للتضحية من أجل الحرية وتقرير المصير وتحقيق الاستقلال. وهذا حق مشروع وفقا للقانون الدولي واتفاقيات حقوق الانسان وأدبيات النضال عند الشعوب من أجل التحرر والاستقلال.

وفي الختام، من الأهمية بمكان التأكيد على أن القيم الوطنية والنضالية والمبادئ الانسانية لا تتغير أو تتبدل في المضمون والمفهوم مع مرور الزمن، وقضية فلسطين هي قضية تحرر في المقام الأول، والشعب الفلسطيني لا يدخر وسيلة من أجل تحقيق التحرر والاستقلال ويناصره ويدعمه في ذلك كل الدول والشعوب المؤمنة بالعدالة وحقوق الانسان وحق تقرير المصير للشعوب.    

* كاتبة وباحثة في العلاقات الدولية