عمر حلمي الغول - النجاح الإخباري - دخل إضراب الحرية والكرامة شهره الثاني بخطى حثيثة وقوية، رغم محاولات التشويش على المضربين خاصة شخص المناضل مروان البرغوثي. وبمواصلة أسرى الحرية البواسل الـ 1500 إضرابهم، وإصرارهم على تحقيق المطالب الإنسانية ليعكس إرادة التحدي، التي يتمثلونها. ومجموع المطالب الصحية والتعليمية والإعلامية والفنية والقانونية، كما يعلم القاصي والداني، هي مطالب محقة، وتتوافق مع معاهدات جنيف الأربع لعام 1949، ويقف خلفها ابناء الشعب الفلسطيني بقطاعاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية وطبعا الحزبية والفصائلية.

ورغم التباين في مواقف بعض القوى السياسية من الإضراب وبين منتسبيهم داخل السجون، إلا ان هناك إجماعا على دعم الإضراب، لأن فكرة الإضراب جرى التداول بها منذ تموز/ يوليو الماضي. وتم تأجيل ساعة الصفر ارتباطا بعوامل مختلفة مرتبطة بالحركة الأسيرة وبالمناخ السياسي العام. مع ان إضراب أسرى الحرية فرادى ومجتمعين، جائز ويقبل القسمة على كل لحظة سياسية، لاسيما ان المواجهة ما بين الحركة الأسيرة وسلطات الاحتلال، مواجهة دائمة وعلى مدار 24 ساعة. وإن كان المرء لا يميل إلى خيار الإضراب الفردي، ويدعم بقوة الإضراب الجماعي، لأنه اهم، ويملك مقومات أعلى في التأثير على صانع القرار الإسرائيلي، وبالتالي تحقيق الأهداف المطلبية او السياسية.

إذا من حيث المبدأ لا أحد ضد إضراب جنرالات الأمعاء الخاوية. بل الجميع معهم، وبغض النظر عن التباينات، والملاحظات والتقديرات للقائمين على الإضراب او مواقف بعض اعضاء لجنة دعم الأسرى اوالقوى السياسية، التي يسعى كل من موقعه لركوب حصان الإضراب لتحقيق مآرب شخصية او فصائلية من خلال حرف الأنظار عن أهداف المضربين، منها: اولا الغمز من قناة الهيئات القيادية خاصة اللجنة المركزية لحركة فتح او اللجنة التي انبثقت عنها لدعم مطالب الأسرى، وتحميلها أكثر مما تحتمل، وبالتالي لي عنق الحقيقة (وانا لست فتحاويا، لينبري البعض ويدعي إني أدافع لحسابات تنظيمية او غيرها من الحسابات الصغيرة)؛ ثانيا تغليب المصالح النفعية الصغيرة على حساب المصالح الوطنية؛ ثالثا عدم التمييز بين دعم الإضراب وبين مواصلة الحياة والعمل في المؤسسات، الأمر الذي يدفع بعض الشباب المنفعل وتحت تأثير الشعارات الشعبوية الوقوع في ممارسات لا تخدم بحال من الأحوال دعم معركة الأسرى؛ رابعا وقوع بعض اسرى الحرية في المغالاة تجاه حركة الشارع، ورفع شعارات أقصوية تحتاج إلى توافق وطني عام؛ خامسا غرق بعض القيادات السياسية في متاهة الأمية والتجهيل للآخرين بإسقاطاتها الساذجة في دعم الإضراب ودعواتها لمقاطعة الأنشطة المختلفة، حتى ان بعضهم دعا لعدم إجراء الإنتخابات البلدية والمحلية، وبعضهم هاجم تخريج بعض المدارس لطلابها، وبعضهم أغلق ويغلق الطرق في ذكرى إحياء النكبة وعلى مدار الأيام، مع ان المطلوب وصول المواطنين للساحات للمشاركة في الفعالية الوطنية، ومتابعة دورة العمل والحياة، وحتى ان بعض القيادات قاطع لقاءات سياسية ودبلوماسية بذريعة دعم الإضراب ... إلخ.

وهناك ممارسات وسلوكيات تفصيلية كثيرة تعكس الجهل في الربط العميق بين دعم اضراب أسرى الحرية وبين مواصلة الحياة، وضمان مصالح الشعب. الأمر الذي يفرض على الجميع إجراء حوار منظم بين القوى السياسية وقطاعات الشعب المختلفة لوضع رؤية وطنية متكاملة في الربط الجدلي بين الدعم الحقيقي والمسؤول لإضراب الأسرى وبين ضمان إستمرار العمل والحياة في القطاعات المختلفة. ووقف الغمز واللمز من قبل هذا الفريق او ذاك، والابتعاد عن التصيد في المياه العكرة لتحقيق مآرب صغيرة على حساب الكل الوطني.

دعم إضراب اسرى الحرية البواسل، هو مسؤولية وطنية عامة في الضفة والقطاع بما فها القدس وداخل الداخل والشتات، وحيثما كان. ولكن يجب تنظيم عملية الدعم والتكامل بين قطاعات الشعب المختلفة لإنجاح الإضراب، وقطع الطريق على اردان وليبرمان وكاتس وغيرهم من القتلة الإسرائيليين، الذين يعملون دون كلل او ملل لإعدام أسرى الحرية الأبطال، والالتفاف على أهدافهم ومطالبهم المطلبية.