بشار دراغمة - النجاح الإخباري - في كوكبنا حكاية مرعبة اسمها الفيس بوك، تأسر أوقاتنا وتتلاعب بتفاصيل حياتنا كيفا شاء الإلكترون، يعبث بنا في كل اتجاه، ويقرر مارك زيبرغ مؤسس الفيس بوك، وحيدا كيف يحكم العالم بعيدا عن أسطول ترامب العسكري، وقنبلة كوريا الشمالية النووية، والبوارج الروسية الراسية في عرض المحيط، والتهديد الإيراني غير المحسوم، والفتن الطائفية ما ظهر منها وما بطن، يتحكم في أوقات تفكيرك ويضع قيودا على حريتك ممارسا باسم قوانين الفيس بوك القمع والبطش متمايلا في تعديل قوانينه ذات اليمين وذات اليسار، ومحولا مملكة حرية التعبير إلى ديكتاتورية يرسم هو وحيدا تفاصيلها وأوقات الحرية والقمع فيها.

هو الفيس بوك الذي ينتمي إليه أكثر 2 مليار نسمة حول العالم حاكما بذلك ربع سكان كوكب الأرض على الأقل.

منذ ثلاثة أيام فرضت قوانين مارك الديكتاتورية حظرا على حسابي على الفيس بوك، وبموجب محكمة مارك فقدد تقرر أن أكون مشاهدا صامتا يُمنع من تداول الحديث بتهمة اختراق قوانين الفيس بوك، وفي محكمته غير العادلة لم يوضح سببا واضحا للحظر وكان إشعاره الذي وصل عبر كاتب العدل الالكتروني هو اختراق القوانين دون مزيد من التوضيحات، لم تكن الأدلة كافية لإقناعي بالحظر لكن لا حول لي ولا قوة واضطرت للتعامل مع قرار المحاكمة الصورية الذي شكلته ممكلة الفيس بوك العظيمة.

خلال الأيام الثلاثة كنت أنسى قرار الحظر وأحاول الكتابة على الفيس بوك، فيظهر لك مباشرة قرار الحكم، وتنسى مجددا القرار لتحاول الحديث مع أصدقائك على المسنجر فيأتيك إخطار عدلي ممهور بتوقيع إدارة الفيس "تبقى لك يومين لتعود إلى حريتك الإلكترونية". لم يكتبوا ذلك حرفيا لكن هذا هو المعنى الحقيقي.

يا إلهي كم أصبحنا عبيدا للعنة الفيس بوك؟!، حتى عملنا الرسمي يتم عبر الصفحة الزرقاء، فالزملاء في العمل يتواصلون معي عبر هذه النافذة.

اثناء الحظر كنت اجد نفسي في عزلة عنهم ومضطر للعودة إلى الوراء واستخدام الهاتف والتواصل الوجاهي، كان الكل يضحك ويصفني بـ"المسكين" لأني معزول عن عالم مارك، فأي جريمة ارتكبتها بتغيير نمط سلوك البشرية وطرق تواصلها الاجتماعية يا مارك، أنت لم تخدم كوكب الأرض بل جعلته أسيرا لديك ووفق أهوائك وربما مراهقتك؟