بشار دراغمة - النجاح الإخباري - لفتني ما كتبته زميلة صحفية على صفحتها على الفيس بوك عن أزمة أخلاق في قطاع غزة وتتساءل الزميلة منى حلس "هل تعلمون ما هي أكبر كارثة يمر بها قطاع غزة في الآونة الأخيرة؟ لا ليست الكهرباء ولا الماء ولا الحصار المادي ولا الجغرافي.. نعم كل ماسبق هي أزمات وممكن حلها، لكن الكارثة الحقيقية في تدهور الأخلاق!
لا غرابة في الحديث عن أزمة اخلاق في قطاع غزة رغم أنها تحكم اليوم من قبل حركة حماس التي تصف نفسها بـ "الإسلامية" بينما لم يتم الحديث سابقا عن أزمة مشابهة في عهد حركة فتح التي وصفها البعض بـ"العلمانية"، فكيف تسير الأمور وما هي الشعرة الحاسمة بين حفظ المنظومة الأخلاقية وانهيارها.
قبل أيام وقع تفجير انتحاري عندما فجر عنصر من السلفية الجهادية نفسه بين مجموعة من أمن حماس وكتائب القسام، قُتل المنفذ وقتل معه عنصرا من القسام وعلى الفور خرجت بيانات الطرفين وراحت كل جهة تترحم على "شهيدها" وتزفه إلى "حور العين" اللواتي ينتظره على أحر من الجمر، فالقاتل ضمنوا له الجنة والمقتول كذلك، ولا زال الكثيرون منا يعتقدون أن طريق الجنة لن تتحقق بدون سفك دماء، وتفجيرات، ومما راج بعد هجوم الهجوم أن المنتحر كان عنصرا في كتائب القسام وتشرب فكر حركة حماس ودرس على يد مشايخها، وأخذ لاحقا جرعة إضافية من التطرف الديني ووصل به الحال إلى تكفير حماس واعتبار نفسه حارس الفضيلة وحامل اختام الطريق إلى الجنة. 
السؤال كيف تلتقي أزمة الأخلاق مع التشدد الديني والقتل طمعا في الجنة وحور العين. 
المتطرفون دوما يعتبرون أنفسهم حراس الأخلاق والفضيلة والقيم، وشهدنا الإعدامات التي نفذوها في سوريا وغيرها بأبشع الطرق بإسم الحفاظ على الأخلاق وبإسم تعبيد الطريق إلى الفردوس الأعلى ومع ذلك أزمات الأخلاق في ازدياد رغم كل هذا البطش. وفي الوقت نفسه هناك من يرى من علماء الاجتماع أن أزمة الأخلاق هي التي تؤدي إلى نشوء ظاهرة التطرف الديني خاصة مع توفر البيئة المناسبة لنمو مثل هذه الجماعات، حتى وصل بنا الحال الذي إلى ظن قلة قليلة أن الدين هو الذي يحض على التطرف فهرب الكثيرون منه وراحوا ينزعون مكارم الأخلاق عند مشاهدة تصرفات المتطرفين دينيا، فأنقسم المجتمع إلى متطرفين يدعون حراسة الأخلاق وهم متورطون في انهيار منظمة الاخلاق وأشخاص تخلو عن الاخلاق بعد أن كفروا بالمتطرفين، والنتيجة ضياع القيم الأخلاقية.
فأزمة الأخلاق الأولى هي التطرف وبمعالجتها يمكن المساهمة في تخفيف أزمات أخرى أقل ضررا من التطرف، ولا يمكن علاج كل ذلك بين يوم وليلة في قطاع غزة، فحركة حماس التي تقول اليوم إنها تحارب التطرف غير قادرة على الإمساك بزمام الأمور ربما لأن نسبة من عناصرها تغلغل إليها التطرف بشكل أو بآخر، وعليه فإن محاربة مثل هذه الأفكار يجب أن تكون أولا من داخل الحركة قبل اتخاذ قرار مواجهة الجماعات المتشددة التي تبيح قتل المسلم، فحماس نفسها قتلت مسلمين وزرعت بانقلابها على السلطة الفكر المتطرف وربما كانت تلك نقطة التحول في المنظومة الأخلاقية في قطاع غزة.
وهناك من يرى أن فكرا متطرفا يُزرع بشكل أو بآخر لدى فئة ليست قليلة في غزة فينتج هذه الحالة من الفوضى التي نشهدها اليوم في القطاع، مع اهتزاز ميزان القيم والأخلاق التي هي السياج الحامي للأفراد والمجتمع وهروب البعض من منظومة التطرف باتجاه الانحلال.