بشار دراغمة - النجاح الإخباري -
صديقي عاشق للدجاج، لا يقوى على مقاطعته، حاول مرارًا خفض نسبة السعرات الحرارية في وجباته لكنه فشل ودَونَ فشله في تغريدة على الفيس بوك، لا يعرف إلا من "أين تؤكل الكتف"، السمنة المفرطة وأمراض تصلب الشرايين لم تجد معه نفعا، ولم يتغير على وجباته الغذائية إلا أن زادت دهونا. 

انتقد صديقي الارتفاع المتزايد في أسعار الدواجن، كان يكتب يوميا عن هذا الارتفاع ويمارس هوايته المعهودة في "الردح واللطم والسب والشتم" وما أن يفرغ من تغريداته حتى يمارس هواية "الأكل بشراهة"، هو يدرك في ذاته أنه لن يستطيع التوقف عن أكل الدجاج مهما "شاط" سعره، مثلما يُدرك أنه لا يمكن أن يبقى صامتا أمام كل هذا الارتفاع.
حالة هذا الصديق لا تتوقف عنده، فالكثيرون مثله، وجمعيات حماية المستهلك طالبت أيضا بتدخل وزارة الزراعة لخفض أسعار الدواجن، وعندما طرحت الوزارة حلولا للاستيراد من إسرائيل لخفض الأسعار، خرجت نفس الجمعيات وقالت الاستيراد سيلحق ضررا بالمزارعين، ورفضت هذا الحل، وبالنهاية بقي المستهلك بدون حماية.

قصصنا لا تتوقف عند الدجاج، ففي رام الله خرجت مسيرة ضد محاكمة الشهيد باسل الأعرج، صديقي الصحفي وقد عرفته صادقا في كثير من الأحيان، ومبالغا في حين آخر، قال لي إنه سأل متظاهرا عن سبب تواجده فقال له "بدهم يعتقلوا باسل الأعرج".

نحن لا ندري ما الذي نريده، نطبل ونهلل وقد نُزمر، بعضنا يتخذ قرارات ناتجة من ردات فعل لا تدري علاقتها بالفعل نفسه، فالجبهة الشعبية قررت تعليق مشاركتها في الانتخابات المحلية بسبب قمع المسيرة في رام الله، أتفهم أن يتم تعليق المشاركة في حال كان هناك خلل في سير العملية الانتخابية، أو تحفظ على قانون انتخابي، أو بسبب إجراء الانتخابات في الضفة الغربية دون قطاع غزة، أما أن تعلق المشاركة بسبب حديث عن قمع مسيرة فهو غير مستوعب، تماما مثل جمعيات حماية المستهلك التي تطالب بخض سعر الدجاج دون أن يسبب ذلك نقصا في أرباح المزارعين.