بشار دراغمة - النجاح الإخباري - رفضت حركة حماس المشاركة في الإنتخابات المحلية المقرر إجراؤها في الثالث عشر من آيار/ مايو القادم وقدمت الكثير من المبررات، ومنها عدم توفر البيئة الأمنية المناسبة لإجرائها وأن يكون قرار الإنتخابات بالتشاور، والعودة إلى قانون 2005.
الحديث هنا ليس عن مناقشة صحة المبررات من عدمها، بل في الظروف التي اتخذت فيها حماس قرارها السابق بالمشاركة في الإنتخابات قبل أن يتم تأجيلها بعد جدال طويل في أروقة المحاكم. 

فالحركة قررت سابقا المشاركة، والظروف الذي اتخذت فيها قرار خوض الإنتخابات والسماح بإجرائها في قطاع غزة لا تختلف بأي حال عن الظروف السائدة اليوم، الحالة الأمنية هي ذاتها، قانون الإنتخابات هو ذاته، ومستشارو الرئيس توجهوا إلى غزة وتشاوروا بشإن الأنتخابات، ورئيس الوزراء منح "حماس" مهلة لإتخاذ قرار بشأن الإنتخابات، كما أن القانون الفلسطيني يمنح الحكومة وحدها الحق في تحديد موعد الإنتخابات، ومجلس الوزراء استند إلى القانون في ذلك، اذا لا تبدو مبررات الحركة مقنعة لعدم المشاركة في الإنتخابات المحلية في الضفة بل ومنعها في قطاع غزة.

إذاً لماذا اتخذت حماس هذا القرار؟ قد يقول قائل إن الحركة تخشى خسارتها في الإنتخابات المحلية، لكن لا أتفق مع هذا الرأي، وقد يتوقع آخر أن ضغوطاً خارجيةً أجبرت حماس على عدم المشاركة، وهذا الأمر لا يبدو مستبعداً إلا إذا تساءلنا لماذا لم يتدخل هذا الطرف في المرّة السابقة ويطلب من "حماس" عدم المشاركة؟
ما الذي تغير في حماس مؤخراً، وما الذي يدفعها لمثل هذا القرار؟ أعتقد أنّ الإجابة تكمن هنا، فقيادة سياسة جديدة بدأت تتشكل بانتخاب يحيى السنوار قائداً للحركة في غزة، ووجوه جديدة في المكتب السياسي، كلها على تناغم تام مع فكر السنوار، بينما لا زال ملف الإنتخابات الداخلية للحركة في الضفة الغربية غير محسوم حتى الآن.

من هذه التطورات يمكن الإستنتاج أن قرار عدم المشاركة في الإنتخابات نابع من تغير القيادة في غزة، وعدم اتمام الإنتخابات في الضفة، وقد يُضاف إليه سبب آخر هو التخوف من حرب قادمة على غزة، وقد بتنا نشهد تصعيداً محدوداً للغاية، اطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، وقصف إسرائيلي لأهداف محدودة في غزة، فالحركة لا تريد على ما يبدو الإنشغال في الإنتخابات خاصة أن قيادتها الجديدة ذات خلفية عسكرية فمنحت الأولوية للمعركة القادمة،
مهما كان المبرر والآلية والظروف التي اتخذ فيها قرار منع الإنتخابات في غزة، فإن الحركة سلبت الشعب حقاً مقدساً في التعبير عن رأيه بعد فترة طويلة من الجفاف الديمقراطي.