النجاح الإخباري - أظهرت دراسة دولية حديثة أن جينات الخلايا البشرية تظل نشطة إثر وفاة الإنسان، في اكتشاف يُمكن أن يساعد في أعمال الطب الشرعي وتحديد أسباب وتوقيت الوفاة بدقة الدراسة قادها باحثون في معهد برشلونة للعلوم والتكنولوجيا، ونشروا نتائجها في "دورية الطبيعة" العلمية.

وأوضح الباحثون أنّ فهم نشاط الجينات يقدّم رؤية كاملة عمّا تقوم به الخلايا البشرية والأنسجة وأعضاء الإنسان، سواء في الحياة والموت.

وتتواجد الجينات داخل الحمض النووي "دي. إن. إيه" الموجود في خلايا الإنسان، وعند تنشيطها ينتج عنها جزء يسمّى نسخة الحمض النووي الريبوزي "آر. إن. أي"، وهو أحد الجزيئات الأساسية لكل أشكال الحياة.

ويقيس العلماء غالبا الحمض النووي الريبوزي عندما يرغبون في معرفة ما يحدث في خلايا جسم الإنسان، إلا أن الحصول على عينات لدراستها ليس أمراً سهلاً، لأن اقتطاع جزء من الذراع أو غرس إبرة في قلب أو كبد إنسان حي لا يعدّ أمراً عادياً.

ولذلك، يعتمد العلماء إلى حد ما على المصادر الوفيرة للخلايا والأنسجة البشرية التي يمكن الحصول عليها من الإنسان بعد الموت لكن الاعتماد على العينات المحفوظة بعد الوفاة يثير قلق البروفيسور رودريك جيجو، عالم الأحياء في معهد برشلونة للعلوم والتكنولوجيا وفريقه، لأن هذه عينات لا تعكس حقا ما يجري في الجسد أثناء الحياة، لأنه لا يتم الحصول عليها بعد الوفاة مباشرة.

وللوصول إلى نتائج الدراسة، حلل الباحثون نشاط الجينات في 36 نوعا مختلفا من الأنسجة البشرية، مثل الدماغ والجلد والرئتين، وجمعت هذه الأنسجة من أكثر من 500 من المانحين خلال 24 ساعة من الوفاة.

واستخدم الفريق تسلسل الحمض النووي الريبوزي، لاكتشاف وجود وكمية جزيئات هذا الحمض في العينات الحيوية في لحظة ما، وذلك على عينات ما بعد الوفاة التي تم جمعها خلال 24 ساعة من الوفاة، وعلى مجموعة فرعية من عينات الدم التي تم جمعها من بعض المرضى قبل الوفاة.

وأوضح البروفسور جيجو أن "ما تم اكتشافه كان مفاجئا، حيث سجّل رد فعل للخلايا على وفاة الفرد، ونحن نرى بعض المسارات، وبعض الجينات النشطة، وهذا يعني أنه في وقت ما بعد الموت لا يزال هناك بعض النشاط على مستوى نسخ الحمض النووي الريبوزي".

ورغم أن السبب الدقيق لبقاء الجينات نشطة بعد الموت غير واضح، إلا أن جيجو قدم تفسيرا واحد ممكنا لهذا، وهو أن واحدة من التغييرات الرئيسية تعود إلى وقف تدفق الدم، ولذلك ربما التغيير البيئي الرئيسي هو نقص كمية الأكسجين التي تصل للخلايا.

ورغم أن البيانات كانت متسقة في مختلف الجثث، لكن فريق البحث يشير إلى أن هناك حاجة إلى مزيد من العمل قبل تطبيق نتائج الدراسة في الطب الشرعي على أرض الواقع وأشار إلي أن ذلك يتطلب المزيد من التحقيق وفترات أطول بعد الوفاة وليس 24 ساعة فقط، وعمر الفرد وسبب الوفاة.