النجاح الإخباري -  لم تتوقف النيران في المسجد الأقصى، منذ أشعلها اليهودي المتطرف مايكل دينس روهان في 21 آب (أغسطس) عام 1969، بل غدت أشد عنفا وخطورة من ذي قبل مع تصاعد وتيرة الاعتداءات والاقتحامات من قبل المستوطنين والجماعات اليهودية.

والمؤلم أن تتزامن الذكرى 49 لجريمة إحراق المسجد الاقصى المبارك هذا العام، مع اول ايام عيد الاضحى المبارك، والمسلمون مجتمعون من كل انحاء العالم لأداء فريضة الحج متوجهين لله تعالى بالدعاء أن يفك اسر الاقصى من ايدي المغتصبين.

ففي صبيحة يوم الخميس الموافق 21 آب (أغسطس) 1969 المشؤوم، اندلعت النيران في المسجد الأقصى، والتهمت ألسنة اللهب المتصاعدة المصلى القبلي، وأتت على أثاث المسجد وجدرانه، وعلى مسجد عمر بن الخطاب، ومحراب زكريا، ومقام الأربعين، وثلاثة أروقة ممتدة من الجنوب شمالا داخل المسجد.

وطال الحريق يومها منبر صلاح الدين الأيوبي، الذي يعتبر قطعة نادرة مصنوعة من قطع خشبية، معشَّق بعضها مع بعض دون استخدام المسامير أو البراغي أو أية مادة لاصقة، كما طال أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب الرخامي الملون والجدران الجنوبية، وأدى الحريق الى تساقط 48 شباكًا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبس والزجاج الملون، وأتى على السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.

وبعد 49 عاما من هذا الحادث الغادر، غدا المصلون والمرابطون هدفا لاعتداءات وانتهاكات المتطرفين، وامتدت أيادي الاحتلال إضافة الى ذلك، لتحفر أسفل المسجد وتشق الأنفاق من تحته، بالتزامن مع عمليات التهويد والاستيطان.

ولعل قيام قوات الاحتلال يوم الجمعة الماضي بإغلاق أبواب المسجد الأقصى وطرد المصلين من ساحاته، بعد اندلاع مواجهات إثر اقتحام المسجد، خير دليل على إصرار حكومة الاحتلال على استفزاز المسلمين هناك في محاولة لفرض سيطرتها الكاملة على المسجد.

ويقول مساعد امين عام وزارة الاوقاف/ مدير متابعة شؤون القدس وشؤون المسجد الأقصى عبدالله العبادي، ان مدينة القدس مدينة محتلة بموجب القانون الدولي، وهناك احتلال غاشم عليها يحاول تغيير الوضع التاريخي القائم، وفي المسجد الأقصى المبارك بشكل خاص، مبينا أن التطرف يزداد يوما بعد يوم في القدس وفي المسجد الاقصى بالذات بدعم من حكومة الاحتلال.

وأشار العبادي في تصريح نقلته وكالة الأنباء الأردنية "بترا" الى المحاولات السابقة لمضايقة اهلنا في مدينة القدس للاستيلاء على المسجد، لافتا إلى انه منذ محاولة إحراقه، والجهات المعنية تعمل بجهد كبير لإعادة المسجد كما كان عليه في السابق قبل تعرضه للاحتراق.

من جهته قال مدير عام اوقاف القدس وشؤون المسجد الاقصى المبارك الشيخ "محمد عزام" الخطيب التميمي، ان المخاطر التي تتهدد المسجد الاقصى المبارك مستمرة بعد 49 سنة مضت على الحريق المشؤوم الذي أتى على كنوز اثرية لا تقدر بثمن.

وبين ان الحريق دمر اكثر من ربع المسجد الاقصى وما فيه من فسيفساء اثرية ورسوم نادرة على اسقفه الخشبية وسجاده الفارسي، وفي مقدمة ما دُمر منبر صلاح الدين الايوبي، وهو المنبر الذي أمر بتصميمه وبنائه القائد صلاح الدين عندما حرر القدس عام 583 هـ / 1187 م من سيطرة الصليبيين، ليظل شاهدا حيا على ان القدس مدينة عربية اسلامية الى ان يرث الله الارض وما عليها. بحسب "بترا".

 واضاف، "بعد مرور 49 عاما على الحريق المشؤوم تزداد المخاطر التي تتهدد الاقصى بنيانا وانشاء، فالحفريات الاسرائيلية في محيط المسجد تهدد مبنى المسجد الاقصى وجدرانه وسائر منشآته".

كما تهدد الأنفاق التي تحفرها السلطات الاسرائيلية في البلدة القديمة من مدينة القدس – وفقا للشيخ التميمي - المدارس الاثرية التاريخية الاسلامية وسلوان ومسجد سلوان والبيوت الاسلامية فيها، مشيرا الى ان البؤر الاستيطانية التي تزرعها سلطات الاحتلال في مختلف ارجاء المدينة المقدسة وسلوان والشيخ جراح تهدد الوجود العربي الاسلامي في القدس.