عبد الله عبيد - النجاح الإخباري - تشهد مدينة القدس المحتلة، وبالأخص المسجد الأقصى المبارك، تصعيدا خطيرا، تبلغ ذروته هذه الأيام، بفعل الإجراءات الأمنية غير المسبوقة التي اتخذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وخصوصاً اليوم الاثنين وهو اليوم الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وحوّلت سلطات الاحتلال مدينة القدس إلى ثكنة عسكرية، لهذا الإجراء غير القانوني الذي اتخذته إدارة ترمب بشأن نقل سفارتها، رغم رفض القيادة وشعبنا لذلك، والمجتمع الدولي، لأن نقل السفارة سيكون الحادث الأول في التاريخ، حسب ما أكده الرئيس محمود عباس في تصريحات سابقة، بالقول "نقل السفارة الأميركية للقدس يجحف بالوضع النهائي للمفاوضات، ويؤثر عليه، وهو يتماشى مع القرار غير الشرعي الذي اتخذته الحكومات الإسرائيلية بضم القدس الشرقية، وهي أرض احتلت عام 1967، وهي عاصمة دولة فلسطين، وهذا ما ورد في قرار مجلس الأمن 2334 وغيره من القرارات".

ويشهد الأقصى المبارك، في هذه الأثناء، توترا شديدا، عقب اعتداء قوات الاحتلال الخاصة مجددا على حراس وسدنة المسجد، لتصديهم لعصابات المستوطنين في منطقة "باب الرحمة" داخل الأقصى خلال صلواتهم التلمودية العلنية، وهتافاتهم، وتصفيقهم الاستفزازي في المسجد.

 كما رفع مستوطنون علم دولة الاحتلال في باحات الأقصى، في حين عادت قوات الاحتلال الخاصة، واعتدت من جديد على حراس وسدنة المسجد في المنطقة، في الوقت نفسه شرع المصلون بالرد على المستوطنين، وقوات الاحتلال بهتافات التكبير.

وشارك الآلاف من الإسرائيليين بمسيرة "رقصة الأعلام السنوية" في الذكرى ال51 لاحتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس، وسط إجراءات أمنية مشددة عزلت البلدة القديمة وعدة أحياء وشوارع بالمدينة لتأمين سير المسيرة.

وانطلق المستوطنون في مسيرتهم من شوارع القدس الغربية مرورا بباب الخليل وباب الجديد ثم الى أسواق وحارات القدس القديمة عبر باب العمود وصولا إلى حائط البراق، ومجموعات منهم كانت مسيرتها باتجاه باب الساهرة وشارع السلطان سليمان وباب الاسباط مرورا ببلدة سلوان وصولا الى حائط البراق، حيث تقام الطقوس والاحتفالات الخاصة بما يسمى "يوم توحيد القدس".

وخلال المسيرة رفع المشاركون الأعلام الإسرائيلية والأمريكية وشعارات للهيكل المزعوم، وشكلوا حلقات رقص وغناء، ووجهوا الشتائم للعرب وللفلسطينيين وللرسول محمد عليه السلام، وحاولوا التضييق على الطواقم الصحفية من خلال استفزازهم برفع الاعلام أمام كاميرتهم أو الوقوف أمامهم.

أما شوارع القدس فقد بدت شبه خالية من الفلسطينيين بسبب الاغلاقات والانتشار المكثف لقوات الاحتلال بعناصره المختلفة، وملاحقة وقمع أي شخص يحاول الاقتراب من الشوارع المحاذية للبلدة القديمة، ونصبت سلطات الاحتلال عند حوالي الساعة الثانية ظهرا السواتر الحديدية واغلقت بعض الشوارع مركبات الشرطة والحافلات وأطلقت المروحية في سماء القدس، وخلال ذلك ولأكثر من 4 ساعات فرضت سلطات الاحتلال حصارها على البلدة القديمة ومنعت الدخول اليها حتى سكانها انتظروا حتى انتهاء المسيرة للوصول الى منازلهم، كما منعت القوات خروج الفلسطينيين من عدة أبواب خاصة باب العمود والساهرة.

حيث أعلنت شرطة الاحتلال أنها ستغلق العديد من الشوارع والطرقات الرئيسية والفرعية في وقت لاحق من اليوم لتأمين مسيرات المستوطنين من غرب المدينة الى القدس العتيقة.

من جهتها، دعت دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، دول العالم للتدخل ووقف ما يجري داخل المسجد الأقصى المبارك، والالتزام بقرارات اليونسكو وجميع القرارات الدولية.

ودعت دائرة الأوقاف المسلمين من جميع إنحاء العالم، إلى القدوم للمسجد للرباط والصلاة فيه، للتأكيد على إسلاميته في وجه ما يتعرض له من انتهاكات.

وقالت إن أكثر من 1040 متطرفا يهوديا انتهكوا المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، وأدوا الصلوات والطقوس التملودية الجماعية العلنية بحماية شرطة الاحتلال والقوات الخاصة المدججة بالسلاح، واعتدت بالضرب المبرح على حراس المسجد والمواطنين المتواجدين داخل المسجد واعتقلت عددا منهم".

وأكدت دائرة الأوقاف أن هذه المحاولات من قبل حكومة الاحتلال لن تنجح بفرض أمر واقعي جديد على المسجد الأقصى المبارك، وسيبقى مسجدا إسلاميا خالصا يمثل عقيدة جميع مسلمي العالم تحت الوصاية والرعاية الهاشمية".

في حين ذلك.. اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، طفلا، واستدعت سيدة للتحقيق، من مدينة القدس المحتلة.

وقالت مصادر اعلامية، اليوم الاثنين: إن قوات الاحتلال اعتقلت الطفل أشرف غيث، بعد أن داهمت منزله في حي الثوري ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، واقتادته الى أحد مراكز التوقيف والتحقيق في المدينة؟

وأضافت أن مخابرات الاحتلال استدعت المعلمة المقدسية هنادي الحلواني للتحقيق.

ويصادف، يوم غدٍ الثلاثاء، ذكرى النكبة التي ألمت بشعبنا قبل سبعين عاما، على أيدي العصابات الصهيونية، في ظل تحدٍ صارخ لدولة الاحتلال الإسرائيلي في الاعتراف بحقوقنا المشروعة، وتصعيد خطير تشهده المنطقة عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نقل سفارته المقرر اليوم من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة.

 70 عاما مضت وحكومة الاحتلال لا تزال تصر على انكار حقوقنا، وتمتنع عن تنفيذ القرارات الدولية، والقرار 194 الذي يدعو إلى تعويض اللاجئين الفلسطينيين، وحق العودة لهم لأراضيهم، التي هجروا منها عام 48.  

وتمر علينا الذكرى السبعون للنكبة، وقد اشتدت الهجمة الإسرائيلية والأميركية التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وقرار ترمب باعتبار مدينة القدس عاصمة لدولة الاحتلال، واعلان نقل السفارة الى القدس، في ذكرى النكبة، هو قرار باطل، وخارج عن الشرعية الدولية التي تقر بالحقوق الفلسطينية، وأن القدس جزء من الأراضي المحتلة عام 1967.

نكبة 1948 تسببت في تحويل مئات آلاف الفلسطينيين إلى لاجئين، وعشرات الآلاف إلى مهجرين في وطنهم ممن يرون بلداتهم وأراضيهم، وأحيانا منازلهم، وهم يحرمون منها.

ويحيي شعبنا هذه الذكرى ولا يزال يعاني في الشتات الألم ومخاطر الموت كل لحظة في مخيم اليرموك وفي المناطق السورية بسبب الحرب الدائرة هناك.

اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة أعلنت عن جدول الفعاليات الخاصة بالذكرى السبعين، التي تتزامن هذا العام مع نقل السفارة الأميركية، حيث سيتم توجيهها نحو القدس لما تتعرض له من اعتداءات وانتهاكات وقرارات عنصرية بحقها.

ومن المقرر أن يتم تزويد اللجان والمؤسسات بالمواد الاعلامية اللازمة لإحياء الذكرى 70 للنكبة مثل البوسترات، واللافتات، والجداريات، والأعلام الفلسطينية، والرايات السوداء، والموازنات الكفيلة بتلبية الاحتياجات الضرورية المتبقية لإنجاح البرامج

بجانب تعليق للدوام في الوزارات والدوائر الحكومية، اعتبارا من الساعة الحادية عشرة صباحا اليوم الاثنين الذي يصادف الرابع عشر من الشهر الجاري".

من جانبه، قال وزير الأوقاف والشؤون الدينية يوسف إدعيس، إن شعبنا بقيادته الحكيمة لن يسمح بتكرار نكبة جديدة في مدينة القدس، ولن يسمح بالسيطرة على المسجد الأقصى.

وأشار ادعيس إلى أن المدينة تتعرض للويلات من جراء الانتهاكات بشكل يومي من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، والذين يمارسون جرائمهم بحق القدس والمسجد الأقصى المبارك، وهذه الجرائم اشتدت وتيرتها بعد الإعلان المشؤوم، بنقل السفارة الأميركية.

وأضاف، ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي بسماحها للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى ورفع الأعلام الإسرائيلية، خطوة استفزازية لمشاعر المسلمين في العالم أجمع وليس في فلسطين وحدها، ما يقتضي وقفة جدية من أبناء شعبنا تجاه هذه المخططات الخبيثة.

وطالب ادعيس المؤسسات الدولية والدينية من كافة أنحاء العالم، بالعمل على إيقاف هذه الانتهاكات لأحد أهم المدن المقدسة للمسلمين في العالم.