نابلس - أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - موجة غضب عارمة لدى الفلسطينيين بعد موت الشابة إسراء غريب، لقد قتلت الفتاة..وموتها لم يكن طبيعياً، تلك الفتاة الرقيقة التي ظهرت وهي تدافع عن نفسها في تسجيل محزن كان يشي بأنها تتعرض لضغوطات وظلم وأن هناك من يتربص لها بالموت وهذا ما كان بكل الحزن المرافق ليستنفر الرأي العام متسائلاً :من قتلها؟ وبأي ذنب قتلت؟ ومن يملك رخصة القتل؟

هناك روايتان يتداولها الناس، الأولى أنَّ أخوتها قتلوها مستعينين بأحد الأقارب تحت مظلة الشرف، والأخرى هي رواية العائلة التي تقول إنَّها قتلت لأنَّها تعرَّضت لعلاج على يد أحد الشيوخ زوج شقيقتها الذي ادّعى أنَّها كانت "مسكونة بالجن" وفي كلا الروايتين هناك ما يستحق أقسى العقوبات فالقضية لم تعد كأي قضية وتحولت بسرعة الى قضية رأي عام.

اضطرت رئيس الوزراء أن يعرض موقف ويعطي تعهداً للفلسطينيين. النيابة العامة تتكتم على الموضوع وليس هناك معلومات دقيقة حتى الآن، لكن الثابت الوحيد أنَّ هناك جريمة، وإذا كان الأمر يتعلَّق بقضايا خرافات الجن والعلاج والرقية وطقوسها بعيداً عن العلم والمستشفيات.

 جريمة لا تستدعي فقط محاسبة من قام بالعملية تحت مسمى شيخ معالج كأننا في القرن الخامس أو ما قبل الحضارة بل على الحكومة أن تمنع هذا الشكل من التخلف فنحن في القرن الحادي والعشرين فكيف يمكن السماح لهؤلاء بممارسة طقوس زمن الطوطميات في عصور الحضارة والمدنية؟

أما إذا كان الأمر يتعلَّق بجريمة ارتكبتها العائلة يجب حينها أن تكون وسائل العقاب درساً للمجتمع فهذه روح تم ازهاقها وقد ساعدت القوانين الكثير من العائلات بقتل بناتها بحجة الشرف لأنَّ الحكم مخفف شجع البعض أن يستسهل قتل الفتيات كأننا في عصر الجاهلية، والأهم أنَّه تم استغلال تواطؤ القانون هذا في القتل لأسباب لا علاقة لها بالشرف وادعاء الشرف فقد قتلت فتيات بسبب الميراث لا أكثر، وحتى لا تتقاسم الفتاة أخوتها الذكور بالإرث فكان التخلص منها ويأخذ المجرم حكم مخفف.

أمر مخيف أن يستل أحدهم سكينًا أو سلاحًا أو ساطورًا ليقتل نفسًا بشرية، والأكثر ايلاماً أن المغدورة هي امرأة وتلك التي تتعرض لكل أنواع الظلم والتمييز في مجتمعات شرقية وذكورية تمارس كل عقد نقصها على جسد وروح المرأة وعلى عمرها أيضاً، وتلك مدعاة للعار الى يوم الدين، وعلينا أن نخجل من معاملتنا للمرأة دون ادعاءات فارغة بأننا أكثر الشعوب احتراماً لها.

هذا تضليل وعلينا أن نخجل من تسترنا واستعبادنا بهذا الشكل الذي يصل أن نعطي لأنفسنا رخصة بقتلها متى نريد وأن يعطينا القانون ما نريد من الامتيازات والحوافز..هذا عار.

يجب تغيير القوانين فالجريمة هي جريمة، والقتل هو قتل، ولا تمييز فقد خلق الله الناس وجعل أرواحهم بيده وحده لا يبيح أن ينهي أحدهم عمر الآخر، لكن تلك الرخصة أيضًا بيد  الحكومات أيضاً لتنفيذ القرار الإلهي "القاتل يقتل".

ولكن المخيف أن يشعر أي كان بأنَّه إله صغير ومن حقه أن يقرر حياة آخر بداعي الشرف ويسانده مجتمع أو قانون باسم الشرف لأمة منتهك شرفها.

صراخ تلك الفتاة حيّ بضمائرنا، التسجيلات الحزينة وهي تبكي وتدافع كأنها تستنجد بنا جميعاً لكننا خذلناها، مجتمع وحكومة وشرطة وأهل وأقارب حتى أسلمت روحها للبارئ مظلومة فخسرنا معها شرفنا شرف الحفاظ على انسانيتنا!

 ماتت الفتاة بكل البشاعة المرافقة للقتل بلا رحمة، كلنا عيون على الحكومة وعلى الرأي العام أن يبقى ضاغطاً حتى لا يتواطأ القانون كعادته وأيضا هذه المرة، الجريمة كبيرة والعقاب يجب أن يكون عبرة ودرس تصل لتغيير القوانين!!