نبيل عمرو - النجاح الإخباري - في الموسم الانتخابي الإسرائيلي وهذا العام كله مواسم انتخابية، طرح زعيم اليمين الذي يعاني من قلة حظه في تشكيل حكومته الخامسة بضاعة جديدة في السوق هي... تشجيع اهل غزة على الهجرة الى أي مكان يقبل بهم، وذلك على نفقة إسرائيل التي اعلن الطامح برئاسة حكومتها للمرة الخامسة، انه اجرى اتصالات مع عدد من الدول بهذا الشأن ولم يتلقى حتى الان -ولنضع تحت كلمة حتى الان اكثر من خط- أي رد إيجابي، الا انه دخل في التفاصيل قليلا حيث قال .. ان الترحيل سيتم من مطارات عسكرية في صحراء النقب.

هذا التصريح ينطوي على بعدين متوازيين ، الأول انه جاذب للأصوات في وقت يحتاج فيه نتنياهو الى أي صوت.
والثاني .. تطور لسياسة إسرائيل الدائمة بتهجير قدر ما امكن من الفلسطينيين في سياق الحرب الديموغرافية التي تتجه إسرائيل وبصورة ملحوظة نحو خسارتها، ومن اجل إعطاء مصداقية لما طرحه نتنياهو حول هذا الامر، فقد أشار الى ان اهل غزة راغبون بالهجرة بدليل ان المهاجرين منهم خلال الأشهر الماضية بلغ تعدادهم الثلاثين الفا.

لننحي البعد الانتخابي في هذا التصريح أي ان لا نكتفي بتسجيل هذا التطور الخطير على انه مجرد دعاية انتخابية ولنفحص مدى الامكانية العملية لتطبيق هذه السياسة الإسرائيلية القديمة الجديدة ، ويحضرني في هذا المجال ما حدث جرّاء القصف المنهجي الإسرائيلي التدميري الذي تعرضت له غزة خلال عملية الرصاص المصبوب في حينه اقتحم اكثر من ستمائة الف غزي الاسلاك الشائكة المقامة على الحدود المصرية، ولولا يقظة المصريين وحسن تعاملهم مع هذا الاقتحام الجماعي وارجاع الجميع الى بلدهم في اقل من اربع وعشرين ساعة، لصارت سيناء مركزا جديدا لمخيمات جديدة ولصارت غزة فارغة من نصف سكانها، وذلك يعني ولادة كارثة  افدح من كارثة الثماني وأربعين.

الوطنية الفلسطينية التي تمنع تفريغ الوطن من اهله، تحتاج دائما الى دعامات قوية تثبت الناس في ارضهم وهذه مسؤولية من يدعون قيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله وتعزيز صموده وتحقيق اماله، فما يطرحه نتنياهو ينبغي ان ينظر اليه كتهديد مباشر، وكإعلان قابل لأن يعمل على تطبيقه، وقبل ان يذهب الفلسطينيون الى العالم طلبا لمواجهة هذا التحدي الجديد والخطير فعليهم ان يبدأو بأنفسهم أولا فهم الأساس في افشال أي مخطط يستهدف حقوقهم وتطلعاتهم وهم كذلك الأساس الذي يوفر مصداقية وفاعلية لدعم حلفائهم واصدقائهم لهم.

ان تنفيذ الوعيد الإسرائيلي باجتياح غزة او تدمير مساحات واسعة منها ينبغي ان ينظر اليه على انه سينعش شهية الإسرائيليين للتهجير والتفريغ وهذا ما ينبغي العمل لمواجهته ليس فقط بإعلان موقف محذر او مندد وانما باتخاذ إجراءات عملية يجني ثمارها الفلسطينيون صمودا قويا على ارض الوطن.

كما ان اعلان نتنياهو ليس بمعزل عن الإجراءات والترتيبات الإسرائيلية المتسارعة نحو تصفية القضية الفلسطينية والمستجيبة لصفقة القرن القائمة على أساس ان حل القضية الفلسطينية يكون بتصفيتها.

ان ما اعلنه نتنياهو يجسد تحديا جديدا وخطيرا والعالم كله سوف يراقب ليرى ما نحن فاعلون.