أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - لن تتوقف ادارة ترامب عن مفاجأتنا كعادتها منذ أن تسلمت مفاتيح البيت الأبيض لم تتوقف عن الضرب بمطرقتها الثقيلة على رؤوسنا، القرار العاشر أو الضربة العاشرة غير المعلنة الآن ربما هي الأقسى بعد كل تلك القرارات التي لم تتوقف تباعاً أما الجديد فهو التعميم على البنوك بعدم استقبال أي تحويلات مالية للسلطة وقد تم تنفيذ ذلك ابتداءاً من المنحة العراقية التي رفضت البنوك استقبالها والبالغة عشرة مليون دولار.
اذن نحن أمام حصار مالي للسلطة ولا داعي للقول أن السلطة لا تملك ظهراً عربياً حقيقياً يمكن أن يتحدى الولايات المتحدة ولدى الفلسطينيين تجربة سابقة حين يصدر القرار الأميركي فان أول الملتزمين هم العرب حدث ذلك في فترة الرئيس السابق ياسر عرفات وكذلك في فترة الرئيس محمود عباس عندما فازت حركة حماس بالانتخابات وتشكلت الحكومة العاشرة وفرضت الولايات المتحدة حصارها الذي التزم به العرب.
في مذكراته التي راجعها أحد الأصدقاء كتب الدكتور نبيل شعث أن الرئيس أبو مازن عندما تعرضت السلطة لأزمة مالية بعد فوز حماس وشكلت الدول العربية صندوقاً للفلسطينيين توضع فيه أموال المساعدات أرسل الرئيس عباس وزير خارجيته الدكتور شعث للرياض وطلب من وزير الخارجية السعودي آنذاك سعود الفيصل أن يصرف العرب جزء من تلك الأموال لأن مكتب الرئيس بلا أموال استأذنه الوزير آنذاك ليهاتف كونداليزا رايس والتي سمحت ب 5 مليون دولار فقط تصرف لمكتب الرئيس وعندما طار شعث الى الجامعة العربية استقبله حينها رئيس الجامعة الدكتور عمرو موسى ليباغته قائلاً "هم خمسة مافيش غيرهم".
التاريخ طويل في حصار الفلسطينيين ولكن هذه المرة ليس بسبب حماس أو الرغبة بتغيير القيادة الفلسطينية على نمط حصار عرفات بل بهدف تصفية القضية الفلسطينية واسدال الستار عليها وفقا لما تريده اسرائيل تماما .
واضح أن الادارة الأميركية في عامها الثالث والأخطر ستسعى الى القاء ما لديها من حمولة سياسية على رأس الفلسطينيين لأن العام الرابع هو عام الانكفاء الانتخابي للداخل بات واضحاً أن اسرائيل تعرف أن هذا العام الثالث الأهم الذي يمكن خلاله بالتعاون مع ادارة ترامب اغلاق الملف وقد قطعت شوطاً طويلاً وهي تستخدم هذه الادارة لتنفيذ معظم مشاريعها على مستوى المنطقة.
المقدمات واضحة وحديث شبكة فوكس نيوز بالأمس بأن خطة الرئيس الأميركي قد اكتملت بل وأعطت تفاصيل بأن الخطة ما بين 135 و200 صفحة فقط يعرف عنها خمسة أشخاص وأنها تنتظر الانتخابات الاسرائيلية للإعلان عنها وقد تزامن القرار الأميركي مع اعلان نتنياهو بحسم مخصصات الشهداء والأسرى وردة فعل السلطة بعدم تسلم الأموال منقوصة برفض أية قرصنة وبالتالي نحن أمام خيارات في غاية الصعوبة.
الأزمة أن السلطة لا تستطيع تسلم الأموال ولا رفضها لا تستطيع أن توافق على صفقة القرن أو أية تسمية أخرى ولا تستطيع أن ترفض لا تستطيع أن تحل نفسها وتترك الضفة ولا تستطيع أن تبقى فكل الخيارات مغلقة وهذا ما أدخلنا في أزمة سياسية عميقة هي الأخطر منذ التاريخ الفلسطيني وهذا ما كنا جميع الكتاب نحذر منه ونطلب حلولاً وقائية فقد حذرنا من التسونامي الأميركي القادم وطالبنا بالتحضير لمواجهته ليس على قاعدة العدمية السياسية ولكن الفلسطينيون كانوا منذ مجيء ترامب مشغولون بطحن أنفسهم كالعادة في الصراع الداخلي والانقسام والتمكين وتوزيع الوزارات والرواتب والاجراءات والكهرباء وتلك التفاصيل التي كان ثمنها المشروع الفلسطيني والمستقبل الفلسطيني.
الآن لا مجال للبكاء على اللبن المسكوب وليس هناك متسع للوم بقدر ما أن الأمر يتطلب حلاً عاجلاً خلال الأسابيع القادمة ولا حل سوى بإعادة بناء النظام السياسي على قاعدة الانتخابات بسرعة في كل الوطن وليس هناك مجال للاشتراطات لأن السد المنيع أمام الفلسطينيين لو تقدمت الولايات المتحدة بمشروعها هو القول أن الذي يقرر نظاماً سياسياً خرج لتوه من الصندوق وهو يمثل الشعب الفلسطيني حينها يمكن أن يكون الموقف متيناً أما الآن بهذا المشهد لا مجال للمناورة حتى ..!!