بقلم - أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - لم يكن مستبعدا أن يعلن الرئيس الفلسطيني حل المجلس التشريعي فقد سبق ذلك الاجراء تلميحات واشارات منذ عقد المجلسين الوطني والمركزي وبات واضحاً أن هذا المجلس المجمد منذ أكثر من أحد عشر عاماً بفعل الانقسام على وشك الاعلان عن حله.

المجلس التشريعي الذي تم انتخابه بشكل ديمقراطي عام 2007 كان أحد أدوات الاستقطاب والشاهد على أسوأ انقسام بل أن بعض أعضاؤه لعبوا دوراً في تسعير الصراع ضد أبناء الشعب الواحد وهم ممثلو الشعب الواحد، هذا المجلس انتهى منذ سنوات بفعل التقادم مثله مثل موقع الرئاسة وكذلك بفعل الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة وأخذ صلاحياته لصالح الرئاسة لأنه بعد هذا الانشقاق لم يعد باستطاعته العمل ومرت السنوات الأربع على انتخابه وانتهى بالنسبة لنا.

نحن الفلسطينيون لم نشعر بأهمية وقيمة هذا المجلس سواء بقي مجمداً أو أعلن عن حله ولا أحد في هذا الشعب يتأثر ببقائه أو انهائه فبقاؤه لا يؤدي الى انتخابات وانهاؤه لا يعيد العملية الديمقراطية فالأمر سيان بقي أم رحل.

بعد اعلان الرئيس عباس عن حل المجلس انشغل الفلسطينيون ما بين مؤيد ومعارض كل حسب تقسيمة الانقسام السابقة انشغلوا بنقاش قانوني حول حق الرئيس وقانونية الخطوة ودستورية المحكمة وصلاحيتها وانطباق القرار مع القانون الأساسي وفصول ومواد كل يستل مادة قانونية للتدليل على موقفه مؤيداً أو معارضاً فمؤيدوا الرئيس عباس ذهبوا باتجاه تبيئة الخطوة على القانون أما المعارضون فأبرزوا ما لديهم للتدليل على عدم قانونية المسألة والقرار.

أغلب الظن لمن تابع النقاش كأن النقاش يدور في دولة ديمقراطية حقيقية أو بلد تجري فيه الانتخابات في موعدها ولمن استمع للجانبين يظن أن لا شيء لدينا يتم اتخاذه إلا بالقانون وأن لا شيء لدينا يعلو على القوانين وأننا أمة شديدة الالتزام بالنصوص وبالروح.

المسألة ليست كذلك فكل شيء لدينا بعيد عن كل هذا ومنذ سنوات تسير المسائل لدينا بقوة الأمر الواقع أو بقوة رجل الأمن فجميعنا يعرف أن بسطار جندي أو حذاء رجل أمن يدوس كل القوانين التي تم تدبيجها على الورق وفي أروقة البرلمان وأن الأحزاب السياسية والحياة السياسية القائمة لدينا هي بعيدة تماماً عن القوانين وأقرب لقوانين العشيرة إذا لم نقل قوانين القوة والغاب.

الأكثر اثارة أن الطرفين على جانبي النقاش لم يتركا فرصة للتنكيل بالقانون وكم كان الأمر مثيراً عندما تدافع حركة حماس عن القانون في اللحظة التي طردت فيها رئيساً كان قد مضى على انتخابه بشكل ديمقراطي فقط عامين ونصف وتقتحم مكتبه وتطرد مؤسسته خارج غزة ثم تتمسك بالقانون وعلى الجانب الآخر كم هو مثير دفاع حركة فتح عن القانون والتي تجاوزته مرات عديدة بلا حساب.

الصراع من أساسه هو صراع سياسي وممكنات قوة تحضر وتغيب وما لدينا هي تجربة وليدة في العمل السياسي لم تكتمل بعد متأثرة بواقع العالم العربي والعقل العربي وسيكلوجية القبيلة والحكم بين القبائل هي عنصر القوة والامكانيات التي تتوفر وعدد الرجال والسلاح وأجهزة الأمن.

هنا صراعاً سياسياً حد العظم وليس اختلاف فقهي على مواد القانون، وهل كان القانون حكماً في صراعاتنا أصلاً لنتحدث كأننا أمة لديها معيار قانوني في علاقتها بالسياسة؟ والمهم في كل هذا الصراع القائم على القانون وعلى الأرض وعلى السلطة لا أحد يتحدث عن الاحتكام للشعب وان كان البعض يتطرق لها من منطق المزاودة على الآخر وليس من منطق القناعة بأن الشعب هو صاحب السلطة والصلاحيات.

منطق الأشياء أن الانتخابات هي الحكم وأن كل المؤسسات لدينا وخصوصاً مؤسسات السلطة انتهت بالتقادم وأصيبت بالشلل منذ سنوات طويلة ومنطق الأشياء أن نعترف أن الأحزاب فشلت في تشكيل سلطة موحدة بل كانت سبب لتفسخها نتيجة خلافات والمنطق الطبيعي يقول لا حل سوى العودة للشعب لا الجدل وكأننا أمة قانون ونحترم الدساتير....!!