أكرم عطا الله - النجاح الإخباري - قاطرة مشروع فصل غزة تحركت هذا ما تشير اليه الحركة الدولية التي تجسدت بكل ذلك الصخب الذي رافقها بدأ من توجهات الرئيس الأميركي ترامب بتوجيه المساعدات لغزة مباشرة حتى غضب رام الله وقلقها من المؤامرة الدولية وما بينهما من سولار قطري دخل متجاوزاً  السلطة الفلسطينية التي بدت عاجزة عن ايقافه رغم ولايتها القانونية على قطاع غزة والاتفاق الذي يربطها بتوريد السولار الى مناطقها.

كان المشهد موزع بشكل متضارب بين رام الله وغزة ففي الوقت الذي كانت فيه رام الله في ذروة الغضب كانت هنا غزة وحركة حماس تعيش لحظات النشوة بأن شيء ما تحقق وأن الوعد الذي أطلقته قيادتها وبالتحديد قائدها بغزة يحيى السنوار بأن الحصار سيبدأ بالتفكك في منتصف أكتوبر فهل كان يعرف تماماً موعد دخول السولار؟ بالتأكيد يمكن القول نعم ولم يكن هذا الموعد مصادفة.

بفهم حماس لقد بدأ جدار الحصار بالتشقق وبالنسبة لرام الله فقد بدأت الخطوات العملية لصفقة القرن أو فصل غزة وما بين هذا وذاك فرق هائل يساوي حجم الخلاف على المصالحة والحقيقة أن المشروع الاسرائيلي قائم على فصل غزة ولا يمكن فهم أية خطوة تحدث في هذه المنطقة كحالة تضاد مع المشروع الاسرائيلي لأنه لا يسمح بها لكن الفلسطينيين الذين غرقوا حتى أنوفهم وفقدوا توازنهم هنا في غزة لم يعودوا قادرين على التمييز بعد تجربة الحصار الطويلة ويبحثون عن أي تنفس وهم يعرفون أنه قادم من اسرائيل ليس من أجل عيون الفلسطينية.

كان الشعور الجمعي يدرك أن القاطرة تحركت مع جمعة الأسبوع الماضي وكان الجميع يدرك أنه لا يمكن الاستمرار بمسيرات العودة في ظل الانفراجات الموعودة لأن اسرائيل هي من يتحكم بها أو لأنها تكون قد حققت جزء من الهدف كسر الحصار وكأن جميعنا ننتظر أن توقف حركة حماس وتقنع الفصائل المشاركة بوقف المسيرات لكن ما حدث من تصعيد غير متوقع الجمعة الماضية فاجأ الجميع.

الحقيقة أن حركة حماس كانت معنية بالتصعيد والمشاركة الكبيرة لسببين الأول رداً على الانتقادات الداخلية التي اتهمتها بأنها باعت دماء الشهداء بالسولار وهو ما سعت لنفيه من خلال زخم الجمعة الماضية والسبب الثاني أنها كانت بحاجة الى ما يشبه الاستعراض الكبير قبل أن تقرر النزول عن المسيرات هذا الاستعراض كان ضرورة لتبرير وقفها بالتدريج وليس دفعة واحدة.

أثر ما حدث الجمعة قرر أفيغدور ليبرمان وقف توريد السولار لغزة كأن الأمر انقلب عكسياً فهل انتهت محاولة التسهيلات أم أن الأمر سيتم استئنافه ؟ أغلب الظن أن الأطراف ستتجاوز ذلك فبالتأكيد تمت الانتصارات وتم شرح الموقف لكن الأهم أن قاطرة ثقيلة بوزن فصل غزة أكبر من أن يوقفها يوم من أيام المسيرات لأن القرار الدولي بتنفيذ المشروع أكبر كثيراً من قضايا داخلية فقد حققت الجمعة الماضية وعدد الشهداء المرتفع نقطة في صالح حركة حماس تسمح لها بالبدء بالتخفيف التدريجي لمسيرات العودة.

الحقيقة أننا أمام تغير هام في مستقبل العلاقة بين اسرائيل وغزة فقد آن الأوان التخلص منها للأبد واطلاق سراحها بعيداً عن اسرائيل علاقة تختلف عن الشكل السابق أو يمكن القول أن الشكل السابق من حصار وتجويع كان عبارة عن مساراً اجبارياً مهد للوصول الى تحقيق الفصل والذي تعاونت فيه كل الأطراف فالتقرير الدولي لغزة 2020 بأنها غير صالحة للحياة وزيادة الضغط في العام والنصف الأخيرين من قبل السلطة سرع بالأزمة لنجد أن التدخل الانساني أصبح ملحاً لإنقاذها في اللحظة المناسبة ولأن لا أموال بالمجان ولأن لا شيء بلا سياسة فان هذا التدخل يحمل مضموناً سياسياً هو الأخطر منذ سنوات طويلة.

لقد كان للفلسطينيين في غزة معابر مفتوحة للبضائع وللأفراد وكان لهم مطار وكهرباء ولم يكن ادخال السولار للمحطة خبرا يستحق الذكر وكان لديهم الكثير ويبدو أن الأزمة على نمط اليهودي والبقرة جعلتهم فرحون بأبسط الأشياء هكذا جعلنا الاسرائيلي وهو يدير تجربته بدهاء وهكذا يحدث للبسطاء ..!!!