النجاح الإخباري - قبل يوم واحد من مغادرة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري وإخوانه، أقدمت إسرائيل على قصف موقع تدريب شمال قطاع غزة، كان يحضره عدد من مسؤولي الحركة. القصف هذه المرة الذي أدى إلى استشهاد مقاومين اثنين من كتائب القسام، كان مقصودا ويحمل رسالة تهديد وضغط على حماس، التي أنهت اجتماع مكتبها السياسي، وعدد من اللقاءات مع الفصائل وأعلنت أن وفدها إلى القاهرة يحمل رد الحركة. الرد كما ورد في البيان السياسي، يبدي موافقة على مشروع الهدنة الذي تقدم به الجانب المصري بالتعاون مع نيكولاي ميلادينوف، فضلا عن لغة إيجابية إزاء ملفي المصالحة، والأسرى. القسام الذي توعد بالرد، أجل رده بإطلاق عدد من الصواريخ والقذائف بعد أن غادر وفد الحركة إلى مصر، استناداً إلى المبدأ الذي أعلنته الحركة " النار بالنار والد بالدم" الرد الذي توسعت إسرائيل في الرد عليه بقصف ما يقرب من مئة وخمسين هدفا وموقعا، حمل الرسالة المعتادة التي تواصل اجترارها والتأكيد عليها بهنجعية، المستويات السياسية والأمنية الإسرائيلية. الطرفان يفهم كل منهما على البعض الآخر، فالمبادرة إلى القصف والتوتير، والرد، كل ذلك محسوب جيدا، ومعروفة الأهداف والدوافع المقصودة. ولكن فيما ارتبكت صورة إسرائيل إعلاميا وسياسيا كان خطاب فصائل المقاومة متماسكا، العديد من المسؤولين الإسرائيليين وفي مقدمتهم وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان لم يتوقف هو وغيره عن التهديد باجتياح قطاع غزة مرة، واغتيال قادة مرة أخرى، ومرات بقصف قلب غزة، لكن من يتفحص جملة التصريحات والممارسات الإسرائيلية يدرك أن إسرائيل لا تسعى وراء مواجهة شاملة، وأن التصعيد الذي تبادر إليه بين الحين والآخر يستهدف تحقيق أغراض تكتيكية، الامر الذي أظهر عدم رضى الجمهور الإسرائيلي والمعارضة، عن أداء الحكومة تجاه غزة، من الواضح أن إسرائيل لا تجد ضرورة ولا مصلحة في القيام بعملية عسكرية شاملة ضد حركة حماس في غزة، ذلك أنها لا ترغب في العودة إليها مجددا، ولا تستطيع الإجابة عن سؤال وماذا بعد إذ من غير الممكن أن يؤدي ذلك إلى عودة السلطة التي ترفض أن تظهر وكأنها تعود على ظهر الدبابة الإسرائيلية. وبالإضافة فإن إسرائيل لا تجد ضرورة لارتكاب حماقة قد تكبدها خسائر كبيرة طالما أنها قادرة على تحقيق هدف التوصل إلى هدنة تمنحها الوقت اللازم لتفعيل مشاريع إعادة تأهيل قطاع غزة وهو المراد.

حماس وفصائل المقاومة هي الأخرى لا تغرب في تصعيد الأوضاع إلى مواجهة شاملة يرفضها أهل غزة، بسبب ما أصابهم من دماء وخسائر ضخمة، وما يعانونه من أزمات إنسانية فضلا عن أن الحل العسكري في هذه الفترة، لا يقرر مصير الصراع مع الاحتلال. فصائل المقاومة ترى بأن الهدنة وهي ستكون مؤقته بمعايير عمر الصراع. مطلوبة طالما لا تنطوي على ثمن سياسي من نوع الاعتراف بإسرائيل أو التخلي عن سلاح المقاومة، ومن أجل كسر الحصار المضروب على القطاع. لذلك كان معروف سلفا أن الجولة الأخيرة من التصعيد ستنتهي خلال مالا يزيد عن أربع وعشرون ساعة، ليس لأن إسرائيل تنصاع لتدخلات الوسطاء، ولكن لأن الجولة استنفذت أغراضها وتوقفت عند حدث بشع، حيث قصفت إسرائيل مركز ثقافي وتذكر المقاومة أنها إذا لم تتوقف فإن إسرائيل ستواصل القصف من حيث انتهت حرب 2014، بقصف ما يعرف بالأبراج.

جولات التصعيد لن تتوقف طالما أن المفاوضات ما تزال جارية عبر الوسطاء لا من أجل هدنة فقط وإنما لمعالجة ملفي المصالحة والأسرى.