النجاح الإخباري -  استعرض محلل الشؤون الاستخبارية في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، رونين بِرغمان، التحولات التي جرت في الموساد خصوصا، في أعقاب قرار دولة الاحتلال الاسرائيلي  الدخول في مواجهة مع إيران لمنع تطوير البرنامج النووي.

ووفقا لبرغمان، فإن القرار في دولة الاحتلال بمواجهة إيران ومحاربة برنامجها النووي بدأ يتبلور في نهاية تسعينيات القرن الماضي، فيما "كانت "إسرائيل" غير مستعدة" لذلك. "أجهزة الاستخبارات، وعلى رأسها الموساد، المسؤول عن الأنشطة في الخارج، لم يلائموا أنفسهم للأزمنة التي تغيرت... ولم يعد للموساد علاقة بهذا الواقع. فقد كانت إيران خصما ذكيا أكثر من أي دولة عربية حاول الموساد التوغل إليها قبل ذلك".

وعلى هذه الخلفية، عين رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية آنذاك، أريئيل شارون، الجنرال مئير داغان رئيسا للموساد، في العام 2002، والذي "حوّل الموساد من جهاز يجمع معلومات استخبارية بهدف معرفة ما يحدث لدى الخصم وتقييم نواياه، إلى جهاز يجمع معلومات استخبارية من أجل تنفيذ عمليات إحباط بالأساس. وهذه العمليات تشمل تفجيرات وتدمير لدى الخصم. وقد حصر قائمة مهمات الموساد باثنتين فقط. الأولى: منع دول تحاول الحصول على سلاح نووي، والمشروع النووي الإيراني خاصة. والثانية: استهداف مساعدات سورية وإيران لحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي واستهداف هذه المنظمات".

وأضاف برغمان أن "داغان نفذ إصلاحات في عدد من شعب الموساد، وعلى رأسها شعبة ’تسوميت’ المسؤولة عن تفعيل العملاء"، ونقل عنه قوله إن "يوسي (كوهين، رئيس الموساد الحالي) كان الوحيد الذي قال الصدق، ولم يكذب ويبالغ... اغتيالات عشوائية لا تساوي شيئا. اغتيال ناشطين عسكريين كبار كسياسة ثابتة ومتواصلة هي أمر جيد جدا".

 

وتابع برغمان أن الموساد تخوف من تنفيذ اغتيالات في "دول الهدف"، مثل إيران، لأن فريق الاغتيال سيتعرض للإعدام في حال القبض عليه، بينما كانت عمليات كهذه تنفذ في "دول القاعدة" التي توجد لدولة الاحتلال سفارات فيها. "وحتى تولي داغان رئاسة الموساد، كانت جميع الاغتيالات تقريبا المنسوبة له، نفذها الموساد في دول القاعدة"، ونقل عن داغان قوله إنه "عندما جئت إلى الموساد لم تكن هناك قدرات عمل حقيقية في (دول) الهدف".

وحسب برغمان، فإن اكتشفت منشأة نطنز في نهاية العام 2002، في أعقاب إبلاغ جماعة "مجاهدو خلق" وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه.) بالأمر. وقال باراك إنه على الرغم من هذه المعلومة الجديدة، "اتخذ شارون قرارا شرعيا بعدم قصف المنشآت النووية. وقرر شارون أن هذا أمر معقد وينبغي توجيه جلّ الانتباه إلى اتجاه آخر". وكتب برغمان أن "الاتجاه الآخر" هو العمليات السرية التي اقترحها داغان. وألقى شارون على الموساد، في العام 2004، "مسؤولية الإحباط العليا" ضد البرنامج النووي الإيراني. "وتبنى داغان الإستراتيجية التي بناها نائبه، الذي خلفه في العام 2011، تمير باردو".

وأردف برغمان أنه "في أساس هذه الإستراتيجية كان الإدراك أن القرار الإيراني بتطوير سلاح نووي أو لا هو قرار سياسي، ولأن الحديث يدور عن دولة غنية ومتقدمة، فإن تغيير النظام أو احتلال الدولة بإمكانه فرض قرار كهذا. ولأن الولايات المتحدة لم تكن معنية بذلك، فإن الإمكانية الوحيدة المتبقية هي إقناع القيادة السياسية بعدم جدوى الاستمرار بالمشروع النووي، وحتى يحدث ذلك، ينبغي تنفيذ ما يمكن فعله".

وأطلق على هذه الإستراتيجية اسم "سياسة الأرجل الخمسة": "إحباط سياسي، أي ممارسة ضغوط دولية على إيران؛ إحباط سياسي داخلي، أي تشجيع مجموعات معارضة للوقوف ضد النظام؛ إحباط اقتصادي، أي نظام عقوبات دولية واسعة وصارمة تؤدي إلى انهيار الاقتصاد الإيراني؛ إحباط ذكي؛ وإحباط عنيف". كذلك قرر داغان التعاون مع أجهزة استخبارات خارجية وخاصة أميركية، خلافا لسياسة جميع أسلافه في المنصب، وإرسال عملاء الموساد لتنفيذ اغتيالات. "وفي العام 2008 صعد الأميركيون إلى هذا القطار بشكل كامل، بعدما أوضحت عدة أحداث لهم مدى خطأ تقييماتهم الاستخبارية".

واستخدم الموساد أجانب ليسوا يهودا لتنفيذ عمليات، وبينها اغتيالات، في إيران، وبينهم أعضاء في المعارضة الإيرانية. وكتب برغمان أنه إذا كانت هذه التقارير صحيحة، "فإن الحديث يدور عن خطوة ذات تأثير كبير، ويشكل تحديا كبيرا للغاية لوحدات الموساد القديمة، وعلى رأسها ’قيسارية’، شعبة العمليات الخاصة".