النجاح الإخباري - خلصت ورقة قانونية، أعدها مركز الميزان لحقوق الإنسان وأصدرها اليوم ، إلى أن التغذية القسرية جريمة تعذيب كاملة الأركان، وتنتهك جملة من حقوق الإنسان المكفولة بموجب الاتفاقيات الدولية، وتنتهك أخلاقيات مهنة الطب وبذلك فهي شكل من أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة المحرمة قانونيا.

يذكر أنه القانون المطبق بحق الاسرى الفلسطينيين والمتعارف عليه في الأوساط السياسية والقانونية "قانون التغذية القسرية"، وجاء اصدار الورقة في ظل تصاعد وتيرة التصريحات من المستوى السياسي باستخدام "التغذية القسرية" بحق المعتقلين المضربين وجلب أطباء من الخارج لتنفيذها.

وأشارت الورقة إلى أن هذا القانون الذي أقرته الكنيست، وأصبح جزءا من التشريعات سارية المفعول، التي تطبقها مصلحة السجون في دولة الاحتلال، لمواجهة إضرابات المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع حقوقهم المشروعة، والتي تطالب بتوفير الحد الأدنى من المعايير الدنيا لمعاملتهم بما يحفظ آدميتهم وكرامتهم، يشكل بحد ذاته انتهاكا لالتزامات دولة الاحتلال بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيما الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية والمهينة.

ونوهت الورقة إلى أن مصلحة السجون الإسرائيلية عملت على مواجهة وإنهاء إضرابات المعتقلين الفلسطينيين بكافة الطرق القمعية والتعسفية، وصولا لتشكيل لجنة عرفت باسم لجنة الأخلاق حسب قانون حقوق المريض لسنة 1996 الإسرائيلي وهي مكونة من خمسة أعضاء، وهم قاضي محكمة مركزية رئيسا للجنة، وطبيبان، والمستشار القانوني للمستشفى، ومحامي ممثل عن الجمهور أو رجل دين، طبيب نفسي، مختص اجتماعي وممرضة مختصة،  ومنح هذه اللجنة حق تقرير استخدام التغذية القسرية، إلا أن المعتقلين رفضوا التغذية القسرية في حينه ولم يجبروا على ذلك عنوة.

وأوضحت الورقة كيف تم تمرير وشرعنة التغذية القسرية وتوفير الغطاء القانوني لمصلحة السجون كي تمارسها، وذلك بعد أن تقدم وزير الأمن الداخلي في حينه غلعاد إردان بمسودة القانون من أجل تعديل "قانون السجون الإسرائيلي"، هذا التعديل الذي شاركت فيه وزارتا العدل والصحة ومن ثم قدم للمستشار القضائي لحكومة الاحتلال.

وجرى تمريره ليصبح قانونا نافذا بتاريخ 30/7/2015، حيث صادقت الكنيست الإسرائيلية عليه، وبات ما يعرف بقانون منع أضرار الإضراب عن الطعام ضمن قوانين سلطات الاحتلال تشريعا يسمح للطبيب بأن يطعم أو يعالج مضرب عن الطعام قسرا وعنوة، وأشارت الورقة إلى الفرق بين العلاج القسري والتغذية القسرية وأبرز المخاطر الصحية التي يتعرض لها المضرب عن الطعام الذي يتم إطعامه قسريا.

وبينت آراء ومواقف المؤسسات الحقوقية الدولية مثل رأي لجنة مناهضة التعذيب، ورأي مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الأنسان، ومنظمة العفو الدولية، ولجنة الصليب الأحمر الدولية، وكلا من إعلان مالطا وطوكيو بالإضافة لموقف نقابة الأطباء الإسرائيلية، والتي اجمعت على عدم جواز ممارسة التغذية القسرية بحق المضربين عن الطعام.

واستعرضت الورقة جملة من الحقوق التي تنتهك في حالة ممارسة التغذية القسرية بحق المعتقلين المضربين، وعلى رأس هذه الحقوق الحق في الحياة والحق في التعبير بالاحتجاج والحق في الحماية من التعذيب والمعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة.

وخلصت الورقة إلى أن ممارسة التغذية القسرية هي جريمة تعذيب كاملة الأركان، وفقا لنصوص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك وفقا لنصوص اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (CAT). كما تنتهك جملة من حقوق الإنسان المكفولة بموجب الاتفاقيات الدولية، بحيث تفيد الدلائل والمؤشرات بأن ممارسة التغذية القسرية أداة من أدوات مصلحة السجون لقمع المعتقلين المضربين عن الطعام.

كما أن العلاج القسري ينتهك أخلاقيات مهنة الطب، كونه يسمح بإجبار مريض على العلاج رغما عنه ويتسبب بألم جسدي ونفسي شديد، وبذلك فهو يعتبر شكلا من أشكال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي حرمها القانون الدولي في اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وطالب المركز في نهاية الورقة بضرورة تدخل المجتمع الدولي لإجبار دولة الاحتلال على احترام اتفاقية مناهضة التعذيب وتوصيات لجنتها المتكررة بوقف ممارسة التعذيب وسوء المعاملة ضد الفلسطينيين. ودعا المجتمع الدولي الى العمل على تحقيق الشفافية والمساءلة القانونية للأجهزة الأمنية وسلطات السجون الاسرائيلية لضمان تقديم من يمارسون التعذيب وسوء المعاملة للعدالة، ومنع تكرار أي انتهاكات مستقبلية.