نهاد الطويل - النجاح الإخباري - أكد المستشار والخبير في الشؤون الأوروبية حسام شاكر أن اتجاه الإدارة الأمريكية  باعتبار "القدس عاصمة  اسرائيل" هو تعبير عن ارباك حقيقي لمفاهيم التسوية السياسية التي كانت تضع القدس المحتلة في ملف الحل النهائي باعتبارها المحطة الأخيرة في المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية.

وقال شاكر في اتصال هاتفي مع "النجاح الإخباري" من النمسا الأربعاء أن إقدام إدارة ترامب على هذه الخطوة يعبر عن "انقلاب نوعي وجسيم في الواقع وبمنطق تعاملها مع التسوية السياسية وهذا ما تجنبه من سبقه من الرؤساء الذين سكنوا البيت الأبيض.

مشدد على إقدام ترامب على هذا الاعلان يعكس تضحية حقيقية لمصالح البيت الأبيض لجهة رعاية أي عملية تسوي أو الإشراف عليها مستقبلا.

واعتبر شاكر التوجه  الأمريكي بمثابة ازالة قناع استترت خلفه الإدارات الأمريكية على اعتبار انها تراعي توازنات معينة في عملية السلمية وإن كانت "توازنات شكلية ".

- ماذا تعني هذه الخطوة لأوروبا؟

هذه الخطوة بالنسبة لصانعي السياسة في أوروبا تمثل اليوم مجازفة ومخاطرة. فهم يدركون تماما أن الخطوة ستعكس بكل تأكيد قدرا من الإنجراف الأمريكي مع اسرائيل يقود لاختلالات جسيمة في التوازنات الدولية فيما يتعلق بالقضيبة الفلسطينية.

- كيف ستتصرف القارة العجوز؟

هذا  التحول سوف يحرج الدول الأوروبية ويدفعها لمواقف وتعبيرات لمحاولة الاستدراك ومحاولة السعي ولو لفظيا لتعبئة قدر من الفراغ.
 لكن أوروبا في الوقت ذاته لا تبدو مستعدة أو جادة لتعبئة الفراغ الأمريكي في المنطقة.

- هل هي مغامرة أمريكية؟

نستطيع القول أمريكا متضررة من هذه الخطوة بشكل واضح لانها تعبر عن ارتكازها في خطابها الدولي وانجرافها خلف المقولات الاسرائيلية وهذا لن يفيد الإدارة الأمريكية في المنطقة وسوف يؤدي قطعا لتدهور الأوضاع وسيوصل صورة لانهيار التسوية السياسية.

- ماذا يعني "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل" اليوم؟ 

الخطوة الامريكية هي بمثابة بيان نعي لمشروعات التسوية السياسية وهذا ما لا تريده أوروبا.

 فأروبا معنية دائما أن تنعش الأمل بوجود تسوي سياسية وأفق للتفاوض.

- هل يطلق ترامب رصاصة الرحمة على عملية التسوية؟

الإعلان الأمريكي يعلم بوضوح أن عملية التسوية السياسية أصبحت إزاء "بلاغ الجنائزي" الأخير.

- أي دلالات وراء اتصال ترامب بالرئيس محمود عباس والعاهل الأردني أمس؟

نحن نفهم سياسيا أن خطوة "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل" اليوم  سيكون بمثابة "صفعة سياسية" لشركاء التسوية السياسية اللذين قضوا حياتهم عمليا في الحديث عن مفاوضات ومنح أمل لشعوبهم بأنه سوف يتم بلوغ منجز مثل القدس في نهاية المسار التفاوضي.

فـ"الصفعة السياسية" التي تجري في هذه اللحظة تحتاج أن تقدم بطريقة مخاطبة مباشرة أيضا لإبلاغهم بالخطوة.

 وهي مسألة تنطوي على إحراج حقيقي للذين راهنوا طويلا على الشريك الأمريكي ودوره والذين ربما لم يطرحوا في أفق شعوبهم خيارات بديلة.

- هل أبلغ ترامب الزعيمين بترتيبات قادمة؟ 

هي تعبير عن محاولة تمرير هذه الإعلان وربما الحديث عن بعض الترتيبات لاحتواء ردود الأفعال في ظل التحول الحاصل في نبرة الخطاب الدولي ذاته والأمريكي وأيضا  تحول في الخيارات السياسية بما يفرض اسئلة جوهرية مثلا عن مسالة الإعتراف بالجانب الاسرائيل.

- ماذا عن اليوم التالي وهل نعاني من "مأزق الانسداد"؟

نعم نعاني من "مأزق الانسداد" بمعنى أنه لا تلوح في الأفق أي خيارات بديلة وهذا  ضمن شروط اللعبة التي رسمت في الواقع منذ ربع قرن بعد مؤتمر مدريد حيث تم استبعاد أي خيار بديل.

اليوم فكرة "حل الدولتين" كمقولة انهارت أيضا بشكل ضمني في إعلان ترامب وتوجهه المرتقب بإعلان "القدس عاصمة لإسرائيل" بكل ملابساتها ودلالات هذه الخطوة.

- ماذا عن خيارات التصرف إذا؟

نتحدث أيضا عن انسداد بخيارات التصرف واتخاذ هذه الخطوة في لحظة أزمة ومأزق داخلي يعانيه الرئيس الأمريكي  بالتزامن مع مأزق عربي جارف وعام واضطراب في الأولويات ونحو ذلك وخروج لاعبين اقليميين من لعبة القضية الفلسطينية ان جاز التعبير.

كل ما سبق أدى الى حالة فقدان لخيارات التصرف.

- أي استراتيجية يمكن أن تستدعيها القيادة الفلسطينية؟

ما يمكن عمله بشكل واضح هو استراتيجة "قلب الطاولة" فلا يوجد للرسمية الفلسطينية من خيارة سوى هذه الاستراتيجية لكنها مقيدة بالتزامات متعددة ،اقتصادية ومعيشية والتزامات سياسية وعليها تحميل المجتمع الدولي المسؤولية عن كل ما يحدث. 

اتوقع أن تقوم القيادة الفلسطينية بمراجعة جذرية وشاملة لوقع يلح بها حتى ولو تطلب ذلك " نقض الغزل " لمنطق التسوية الذي لا أفق له كما يتجلى الان.

- ماذا نحتاج أخيرا؟

نحتاج الى قدر عال من المكاشفة والمصارحة للوصول والتعامل مع اليوم التالي بكل تأكيد.