حاوره بشار دراغمة - النجاح الإخباري - الفلسطينيون تقتلهم النكبات وتحرق آمالهم، وحتى الوعود عندما تُطعى فأنها تكون على حساب الفلسطيني لا من أجله، فهذا الشيطان بلفور سلب ما لا يملك ومنحه لمن لا يستحق بجرة قلم قرن من الزمان.

لا عزاء للفلسطيني حتى وهو مشرد ولاجئ، فأصحاب الوعد المشؤوم يقتلوننا ويتفنون في الدفاع عن الجريمة، لتطل رئيسة وزراء بريطانيا وتدغدغ مشاعر إسرائيل وتقول لها نحن أصحاب الوعد كنا ولا زلنا.

الخيارات تضيق أمامنا، وزاوية الأمل أطلت برأسها عبر اتفاق مصالحة جديد يأمل الشعب أن يكون اتفاقا للتطبيق ويتجاوز حدود التصريحات والورق، والتي تخالطها أحيانا تصريحات تحاول تسميم الأجواء لتزحف عبر وسائل التواصل الاجتماعي من الخارج وتخترق الحدود محاولة اللعب في الأوقات الأخيرة.

ملفات كثيرة نطرحها على طاولة الحوار مع عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، المفوض العام للعلاقات العربية والصين الشعبية.

اليوم يمر قرن كامل على وعد بلفور، بريطانيا تحتفل مع إسرائيل بهذا الوعد، نحن ننظم المسيرات الرافضة للوعد هل هذا كافي على أرض الواقع؟

لأن بريطانيا قالت أنها ستحتفل بالمئة عام بدأ رد الفعل الأوسع والأكبر هذه المرة، فبدلا من الاعتذار على ابشع جرائم العصر تذهب بريطانيا للاحتلال، فالبريطانيون قالوا إنهم يشعرون بالخجل أن يكونوا كذلك بسبب هذا الوعد ومن ضمنهم شخصيات كبيرة، وحتى زعماء يهود اعترضوا ان يكون لليهود وطن ذو هوية دينية.

لكن ما الذي يدفع بريطانيا للاحتفال مع إسرائيل هذه المرة؟

لأن اللوبي الصهويني في بريطانيا أقوى منه في أمريكا، كما أن بريطانيا مصدر إلهام للولايات المتحدة تاريخيا، وبريطانيا دائما تخفي الأمور تحسبا من إدانتها ففي الدستور البريطاني لا يمكن لبريطانيا أن تقبل أن يكون لليهود وطن في فلسطين، وهذا خلافاً لوثيقة الانتداب واتفقت بريطانيا مع الشريف حسين على ذلك، لندن تعرف حجم جريمتها وبالتالي دائما تأتي بأمور غير واضحة.

هل هناك توجه أو خطوات قانونية ضد بريطانيا في المحاكم الدولية؟

لم تقدم أي أوراق أو ووثائق لمحكمة جنايات حتى الآن، وما سمعناه أن وزارة الخارجية تستعد لتقديم شكوى ضد بريطانيا، لكن لم يُقدم شئ إلى الآن، المطلوب الآن أن ندرك ما هو حجمنا، فإسرائيل لديها ما يُسمى "جيش دفاع" لكنه هزم كل السلاح العربي بإسم "الدفاع"، الان تأتي إسرائيل وتجلب وفوداً من كل العالم وتذهب به إلى المستوطنات وتخبرهم أنها أرض المعياد.

لكن هذا الكلام ألا يديننا بأننا لم نقم بالمطلوب منا؟

نحن انشغلنا بأن اعتمدنا على الوعود بأنه إذا اعلنا نبذ العنف ستفتح لنا أبواب السماء، نبذنا العنف ونحن ندرك أننا لا نمارسه، لكن حولوا الأمور على أننا نحن من نمارس العنف، نحن من حقنا أن نقاتل من أجل تحرير بلدنا.

رحم الله صخر حبش لما جاءت أوسلو قلنا انه اتفاق خيانة وسيء فقال نقرأه بالقراءة الفلسطينية ثقة منا بأنفسنا، صحيح أننا ممكن أن نثق بانفسنا لكننا لسنا أقوياء، لان الحاضنة العربية جُففت.

في معالجة مثل هذه القضايا أين كانت الأخطاء؟

أخطاؤنا أنه لا يوجد لدينا مؤسسات، لدينا مشاريع قيادات، كل واحد يعمل نفسه باشا، من يريد وطن يكون ولاءه للمبادىء والقيم وليس للفصيل.

ياسر عرفات كنا نختلف معه وكلما اختلفنا معه كان يقول "زدتوني وقارا وقوة"، وذات مرة الجبهة الشعبية كتبت عن أبو عمار عبارة "المنبوذ" وأنا ممن غضبوا من ذلك فقال عرفات ممنوع الرد وعمل أي شئ ضدهم، وقال "نعم يحق لهم وهذا يفيدني بان أقول لهم أن شعبي غير راضي عني".

منظمة التحرير أين هي، لا يوجد لها دوائر، وحتى اللجنة التنفيذية الأعضاء غير معروفين يوجد يمكن واحد أو اثنين بحكم العلاقة و الولاء لهم دور.

يجب أن يكون لدينا موقف فلسطيني موحد، ما قيمة هذه الفصائل التي جاءت للتحرير بينما على الأرض تمارس الشد العسكي.

اليوم الكل يقول لا يوجد تسوية، والرئيس عباس نفسه نعاها في الأمم المتحدة، فما البديل، هل المطلوب ان نكون متفرجين في ظل كل ما يجري على الأرض.

لكن عندما يتحدث عباس زكي يتحدث عضو لجنة مركزية لحركة فتح وقيادي فلسطيني بهذا الشكل إذا ماذا يفعل الشعب؟

الشعب يجب أن يوضع في الصورة ولا ينام على حرير، الان لا وجاهة لأي شخص يدافع عن خلافات بين فتح وحماس، أنت كمناضل افعل مثل عرفات وأبو جهاد وأبو اياد، نحن في الأردن انتهينا في سنة 1970، وتوجهنا إلى الشتات وجبل الشيخ، أبو عمار اعتمد الصراع مع إسرائيل وأبو اياد شغل العالم بميونيخ وغيرها، وأبو جهاد أراد احتلال وزارة الحرب الإسرائيلية لتجميع شعبه، ولم يبقى يشتم الجبهة الشعبية لأنها في موقع الرفض أو الهجوم.

عندما غنى كل على ليلاه كان يجب أن تنتصب قامة منظمة التحرير فورا، مرجعية جامعة لكل الشعب الفلسطيني وأن يكون لها استراتيجية مقنعة لكل العالم.

الآن بعد التغييرات التي حدثت وما انجز من المصالحة هل تتوقع أن يتغير حال المنظمة؟

هذا شئ طبيعي، لأن رأي الجماعة دائما على صواب، فعام 1988 رقصنا كلنا لإعلان الدولة على ورق، فمن جورج حبش إلى نايف حواتمة إلى أبو عمار وكان معنا الإخوان المسلمين وكلنا هللنا وكبرنا رغم علمنا أنه لا يوجد شئ على الأرض.

الآن اذا حسمنا الأمر أنه لا يوجد سلام، ومن ثم لا يوجد خيار عسكري، ما العمل؟

قال الرئيس نريد المقاومة الشعبية وهي تحتاج إلى اركان وخطة وفعاليات متدرجة تصل إلى العصيان المدني، لكن حتى الآن المقاومة الشعبية أسم بلا مضمون، السؤال كيف سيكون مقاومة شعبية إذا خرجت فتح تمنع حماس أو العكس؟

هذا بحاجة إلى إجماع فلسطيني؟

نحن نحارب عدو مع اخطبوط معه العالم كله والعرب أيضا من تحت السجادة، لو كانت الأموال التي تسرف على الحروب في المنطقة تُعطى لدول الطوق لما بقيت إسرائيل بهذه القوة.

ما هو شكل المقاومة المطلوب الآن إذا؟

انا لست عنتر بن شداد حتى أقول أن المقاومة يجب أن تكون بالسلاح، فسلامة المؤمنين بالسلاح ومن انتصروا بالسلاح، نحن في فتح حركة وطنية وسطية مبدعة وقادرة على ممارسة كل السياسات على أن لا تستلم في النهاية، فنحن أصحاب التسوية وأوسلو لكن السجون مليئة بأبناء فتح، والعدد الاكبر من الشهداء هم من حركة فتح. فهذه الحركة لا يوجد لديها تزمت أو مبدأ الاقصاء.

لكن  الطرف الآخر ربما ينظر للأمور بهذا الشكل يقول أنه حركة فتح ربما تسعى لإقصائهم؟

فتح لو تريد الإقصاء، وهي معها العالم كله، كان بإمكانها أن تقول أننا لا نريد إعطاء الحكم لحماس، حماس فازت علينا لخلافاتنا الداخلية، فالدائرة التي كان يفترض أن يكون فيها خمسة رشحنا فيها 15 فتوزعت أصواتنا بين المتناحرين.

لكن هذه القضايا والخلافات هل تم علاجها الآن؟

لا، فهناك قطاع حيوي ليس معنا.

هل أنت متفائل بإنجاز المصالحة بالكامل بعد كل ما تم تحقيقه على الأرض؟

لم يكن سهلا أن تتم المصالحة، لكن الآن هناك مصر والتي تدخلت لأنها تشعر أن غزة جرح نازف لدينا، فهي لا تستطيع شن حرب على القطاع أو معاداة غزة ولا تستطيع أن تُبقى حماس عنوان لغزة وبإسمها ترتكب جريمة، والسلطة غير قادرة على إخضاع حماس وجاءت مصر وهي تعلم أن السلطة تريد بأي طريقة المصالحة.

حماس اليوم تغير موقفها من الرئيس أبو مازن؟

حماس صار لديها تحول لأسباب، فهي فعلت ثلاثة انقلابات، الأول كان انقلاب على الشرعية في 2007، والانقلاب الثاني على سوريا وأخبرني الرئيس السوري بشار الأسد أنه أعطى حماس مليون ضعف ما أعطى فتح، لكن وجد ما اعطاهم اياه في الأنفاق التي كانوا يقاتلوا منها النظام السوري، فقلت له أرجوك فـ"أنفك منك ولو كان أجدع" فهؤلاء جزء منا.

رحمة الله أبو عمار، فقد طلبت منه العراق ضرب جبهة الرفض فقال لهم أنا لا أضرب فلسطيني، والجزائر تقول لنا لا تدعو أحد يظهر، وبعد التحرير افتحوا لهم الباب، فقلنا له دع ألف زهرة تتفتح لكن في بستان الثورة.

الانقلاب الثالث هو وثيقة حماس التي خرجت مؤخرا، وهي فيها تنازلات اكثر من فتح، فنحن عقدنا مؤتمرنا ولم نمس ثوابتنا.

حماس مست ثوابتها من خلال الوثيقة؟

حماس لديها ورقة سياسية جديدة، حتى الآن لا يوجد في فتح من يجرؤ على طلب وقف المقاومة والسلاح، ولو واحد يتحدث بهذا في المؤتمر يُذبح، فلا يمكن أن يكون المستوطن يتسلح ونحن "نتشلح".

ما فعلته حماس هو حركة سياسية ذكية، وهي عقدت مؤتمراتها وظهرت قيادات جديدة مثل السنوار الذي لا يوجد له مشاكل مع أحد فقد كان طيل فترة الانقسام في السجون.

لكن حتى الان لا تبدو حماس موحدة في موضوع المصالحة، وقد انتقد موسى أبو مرزوق طريقة تسليم المعابر؟

أبو مرزوق رد عليه الاخ عزام الاحمد بشكل موفق وقال له أنا لا اعلم أن كيف تعمل الآن، لكن يجب أن ننظر لايجابيات حماس الآن، علما أن هناك أناس في حماس شعروا أن الإستراتيجية التي بنوها على أساس إمارة أو دولة في غزة أما الضفة الغربية بالنسبة لهم فهي "يهودا والسامرة"، وهناك اناس كان لديهم دخل ويوظفون فأخذتهم زينة الدنيا بعيدا عن المصلحة العامة. وإذا كان لدى حماس مشكلة نحن أيضا لدينا مشاكل.

هل هذا يعني أن فتح ليس كلها راضية عن ما يجري؟

لا فتح، لديها قرار وحسم الامر، والرئيس عندما ذهب للأمم المتحدة حيا حماس من هناك.

قبل حوارات القاهرة في الحادي والعشرين من الشهر الجاري هناك من يقول أن الملفات الصعبة مثل الامن قد تفجر الامور؟

لن يتفجر شئ، فنحن غير ذاهبون على أساس ثقافة "كش ملك" وإنما شراكة، وهؤلاء الناس لن يُرموا في الشوارع.

يعني حسم القضية الامنية سيكون سهلا؟

كل شئ سيحسم، عندما يصبح هناك تجانس ستأخذ الكفاءة حقها، فمتى استعبدتوا الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا، ولن نأخذ أحدا إلى بيت الطاعة، فهناك لجنة ستدرس كل شئ وتضع الرجل المناسب في المكان المناسب وهي لجنة عينها الرئيس، لكن ليس شرطا ان تكون الأمور مناصفة أيضا لن يتم التعامل مع الأمور على أن هذا فتح وذلك حماس لان ذلك استمرار للانقسام، وكلنا كنا شركاء في الجريمة حتى الطاهر المطهر فينا أخطأ احيانا.

قضية سلاح الفصائل في غزة أثير حولها الكثير من الجدل؟

ممنوع أن يتحدث أحد في هذا السلاح، فهو مقدس، فطالما هناك احتلال نزع السلاح يعني التسليم، لكن هذا السلاح يخضع لغرفة عمليات واحدة وقيادة واحدة ويكون هناك غرفة عمليات مشتركة، وهذا الأمر تم تجربته في سنوات الثورة، ولدينا خبرة كافية.

لكن هل من السهل التوافق على هذا الأمر؟

لا احد يريد الان استخدام السلاح، تسلح لكن الأمر يجب أن يكون مركزيا والقرار يكون قرار مؤسسة وبحاجة إلى دراسة ويستخدم عندما يكون لديه جدوى كبيرة، وان لا تدمر حي كامل ولا تقتل دجاجة.

لمشاهدة الحلقة كاملة.