النجاح الإخباري - تصنف فترة حكم زعيم الحزب الشيوعي الصيني، ماو تسي تونغ (Mao Zedong)، بأنها واحدة من أكثر فترات الحكم الدموية في تاريخ البشرية.

وبناء على أغلب المصادر فقد تسبب هذا الزعيم بشكل مباشر أو غير مباشر في مقتل ما بين 50 و80 مليون شخص، توفي أغلبهم إما بسبب مجاعة الصين الكبرى، أو داخل مراكز العمل القسري لاوغاي (laogai).

وفاجأ زعيم الحزب الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ مع منتصف سنة 1956 وبعد مضي حوالي 7 سنوات فقط على انتصار جيش التحرير الشعبي وقيام جمهورية الصين الشعبية، شعبه بخطاب غريب، حيث أعلن الأخير عن رغبة حكومته في سماع آراء المواطنين، وخاصة المثقفين منهم حول النظام الصيني.

واستغرب الصينيون حينها من هذا القرار، ففي السابق لم يتردد النظام الصيني في قمع كل من عارضه.

وأطلق ماو تسي تونغ اسم "حملة المئة زهرة" على حركة حرية التعبير التي أمر بها، وقد جاءت هذه التسمية نسبة إلى شعار "دع مئة زهرة تتفتح ومئة مدرسة فكرية تتنافس".

ولم يقبل الصينيون بكثافة على هذه الحملة، حيث شكك أغلبهم في إمكانية نقدهم للنظام دون التعرض للعقاب، ولهذا السبب لم يتلقَ مكتب الوزير الأول الصيني تشو إنلاي (Zhou Enlai) سوى عدد ضئيل من المراسلات خلال الفترة الأولى.

ومع حلول ربيع سنة 1957، غيّر المسؤولون الشيوعيون الصينيون طريقة تعاملهم مع أفراد الشعب، واعتمدوا إثر ذلك أسلوبا ليّنا.

وفي الأثناء، لاحظ الجميع عدم تعرض النظام الصيني لكل من انتقده خلال الأشهر الماضية.

وعقب تراكم كل هذه العوامل الإيجابية، شهد عدد رسائل النقد لدى الحكومة الصينية ارتفاعا تدريجيا.

ولم يتردد الصينيون، خاصة المثقفين منهم عقب شعورهم بالأمان، في انتقاد سياسة النظام.

وتراكمت ملايين الرسائل لدى مكاتب الحكومة الصينية، ونقد الصينيون أغلب تصرفات المسؤولين الشيوعيين، مؤكدين رفضهم لسياسة بلادهم المشابهة للسياسة الستالينية بالاتحاد السوفيتي.

وعبّر المثقفون الصينيون عن سخطهم من حياة البذخ التي يعيشها القادة مقابل معاناة العديد من أفراد الشعب من الفقر والجهل.

من جهته، ذهل زعيم الحزب الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ من هول الحركة التي أطلقها خلال الأشهر المنصرمة، حيث امتدت الانتقادات لتنال من شخصه ومن الحزب، ولم يخفِ العديد من المثقفين في كتابة مقالات بالصحف، وتعليق ملصقات معارضة للنظام مطالبين بمزيد من الإصلاحات.

إثر ذلك، أعلن ماو تسي تونغ وقف العمل بما عرف بحملة المئة زهرة عقب وصفها بالحشيش السام، لتبدأ بعدها حملة أمنية شرسة ألقت خلالها الشرطة الصينية القبض على أكثر من 500 ألف معارض ممن انتقدوا النظام خلال الفترة السابقة، وقد كان من ضمن المعتقلين عدد من المفكرين البارزين المدافعين عن حرية التعبير وحقوق الإنسان مثل Zhang Bojun و Luo Longqi.

ولم تتردد السلطات الصينية في إرسال هذا الكم الهائل من المعتقلين نحو مراكز العمل القسري ضمن برنامج إعادة التأهيل عن طريق العمل، كما أعدمت الشرطة الصينية عدداً كبيراً من أبرز المعارضين المصنفين من قبل النظام على قائمة "الخونة وأصدقاء الرأسمالية".