رام الله - النجاح الإخباري - حذر وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي من استمرار الإدارة الأميركية في عنجهيتها، وإقرارها المزيد من القرارات لصالح الاحتلال الإسرائيلي، على غرار الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، والاعتراف بالسيادة "الإسرائيلية" على الجولان العربي السوري المحتل.

وقال في الاجتماع التحضيري للقمة العربية الثلاثين على مستوى وزراء الخارجية، المنعقد في العاصمة التونسية، تونس، اليوم الجمعة، "إننا من هنا، نحذر بأن الأيام والشهور المقبلة، ستأتينا بأخبار عن استمرار هذا المسلسل الأميركي العنجهي المتعالي، الذي لا يعير مصالح العرب ومقدساتهم وهويتهم أي اهتمام. سيأتي دور مزارع شبعا اللبنانية، وسيأتي دور الأغوار الفلسطينية التي تمثل 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، اضافة إلى التجمعات الاستيطانية الكبرى، وسيأتي كل هذا قريباً وقريباً جداً، فماذا نحن فاعلون".

وتابع، "نعود إليكم مرة أخرى، وقد سلّطت علينا الإدارة الأمريكية ضغوطاً تنوء بحملها الدول الكُبرى، حيث نشهد مسلسل انتهاكات إدارة الرئيس ترمب لحقوقنا ومقدساتنا وهويتنا لصالح إدامة ودعم الاحتلال الإسرائيلي، هذا المسلسل الذي بدأ باعتراف الإدارة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل، قوة الاحتلال، وحث الدول على اتباع هذه الخطة التي تشكل خطراً حقيقياً على النظام العالمي، وتهديداً جدياً للأمن والاستقرار العالمي، مروراً بنقل السفارة الأميركية إلى القدس في ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني، وإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ووقف تمويل وكالة الأونروا، وقطع المساعدات والالتزامات الأمريكية تجاه السلام، وثم دمج القنصلية بالسفارة الأمريكية، والتشجيع على انفصال غزة عن الأرض الفلسطينية المحتلة".

وأضاف، "أما آخر حلقات الرئيس ترمب فقد كانت اعتراف إدارته بالسيادة الإسرائيلية على الجولان العربي السوري المحتل، وهذا أيضاً انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق وقرارات الأمم المتحدة، وإمعاناً في تدمير المنظومة الدولية. نعم شهدنا وشاهدنا مرة أخرى أن الإدارة الأمريكية التي لا تملك، أعطت الحكومة الإسرائيلية التي لا تستحق".

وقال المالكي، "نعود اليوم من فلسطين إلى تونس الخضراء، التي احتضنت الثورة والقيادة الفلسطينية لأعوام طويلة، وفي مرحلة مصيرية من عمر النضال الفلسطيني في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث كانت تونس هي المحطة الأخيرة في طريق عودة الرئيس الشهيد ياسر عرفات ورفاقه في القيادة الفلسطينية، إلى أرض الوطن، فلسطين، وقد كانت تونس هي المرحلة الأولى من النور الذي رآه الرئيس الشهيد أبو عمار في آخر النفق عندما سُئل وهو خارج من بيروت: إلى أين؟ قال إلى فلسطين، وقد عاد بالفعل من تونس إلى فلسطين".

وأضاف: "تونس التي قاسمتنا فاتورة الدم، عندما اختلط الدم الفلسطيني بالدم التونسي عام 1985 عندما شنت طائرات الغدر الإسرائيلية غارة آثمة على مقر القيادة الفلسطينية في منطقة حمام الشط، والتي أسفرت عن 70 شهيداً شطرهم من فلسطين وشطرهم من تونس الحبيبة".

وقال: "نعود إلى الجامعة العربية للمرة الثلاثين من مؤتمرات القمة العربية، بعد 151 دورة وزارية عادية، وعشرات الدورات الاستثنائية الطارئة. نعود إليكم من القدس، حيث تستمر وتتصاعد المعركة بين الفلسطينيين، أهل المدينة المقدسة، ومنظومة الاحتلال والقتل والاعتقال والتزوير والتهويد الإسرائيلية، حيث صدر قبل أيام قرار محكمة الاحتلال الإسرائيلي الذي حذرنا منه قبل 20 يوم، بإغلاق مصلى باب الرحمة في المسجد الأقصى المبارك، والذي فتحه أهل القدس بعد 16 عاماً من الإغلاق التعسفي".

وقال: "مرة أخرى يصدر نظام الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يملك الحق ولا السيادة، قراراً بإغلاق جزء أصيل من المسجد الأقصى، في محاولة جديدة للتحضير لتقسيم المسجد، هذا الخطر المُحدق الذي يتزايد يوماً بعد يوم، أمام أنظارنا، ونشهده ويشهده العالم في بث مباشر، دون أن نستطيع إيقافه أو لجمه".

وأضاف أن "الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي يتواصل ويتغول على ممتلكات وأراضي شعبنا في الضفة الغربية المحتلة. ونشهد ويشهد العالم الخطط والسياسات الإسرائيلية الممنهجة التي تهدف للقضاء على أي إمكانية لتواصل دولة فلسطين جغرافياً، وبالتالي القضاء على فرص وآمال السلام، كما يُكبّل الأسرى الفلسطينيون في الزنازين والمعتقلات الإسرائيلية، وهذا ما يحدث الآن في معتقل النقب وغيره من المعتقلات الإسرائيلية، حيث قامت سلطات السجن بتركيب أجهزة تشويش لها آثار خطيرة على صحة وحياة الأسرى الفلسطينيين، ضمن مسلسل الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الأسرى الفلسطينيين التي نص عليها القانون الدولي الإنساني".

وتابع، "نعود إليكم محملين بعذابات أكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني في المخيمات والشتات، مازالوا ينتظرون لأكثر من 70 عاماً ممارسة حقهم في التعويض والعودة إلى ديارهم ومنازلهم التي هُجروا منها".

وتساءل المالكي، "ما الذي سيوقف الرئيس ترمب عن إيذائنا أكثر من ذلك؟ ماذا كان علينا أن نفعل حتى لا يطعم الجولان كما أطعم القدس للاحتلال؟ لماذا اتبعت جواتيمالا، واستراليا، والمجر، وهندوراس خطوات الإدارة الأميركية؟ وما الذي سيمنع هذه الدول ودول أخرى، مثل البرازيل ورومانيا والتشيك، من اتباع الرئيس ترمب في قضية الجولان كما في قضية القدس، وكم دولة منّا، نفذت قرارات القمم العربية، وقطعت العلاقات مع الدول التي اعتدت علينا وعلى مقدساتنا، عندما اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة إليها، أو فتحت مكتباً دبلوماسياً فيها كما فعلت المجر مؤخراً، وستفعل هندوراس قريباً".

وقال إننا نقدّر كل جهد عربي مخلص يدعم ويساند القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية الأولى، لكن ما نشهده ونشاهده أثبت لنا أن ما فعلناه لم يكن كافياً للدفاع عن مصالحنا ومقدساتنا، لم يكن كافياً لمنع التدهور والانحدار.

ودعا المالكي "لإرسال رسالة جدية للولايات المتحدة الأميركية، والاتحاد الأوروبي، وأفريقيا الشقيقة، إلى أمريكيا الشمالية والجنوبية وكل بلاد وقارات العالم، بأن فلسطين ليست بياناً أو قراراً نظرياً في عقولكم وقلوبكم، دعونا نرسل فلسطين بنداً جوهرياً في خطابنا واتفاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع الدول الأخرى".

وقال إن الضغوطات المالية السياسية التي تتعرض لها دولة فلسطين لا تخفى عليكم، ولا تخفى عليكم الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية بسبب سرقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي لأموال الشعب الفلسطيني، ما يصطلح على تسميته بأموال المقاصة، بمحاولات إسرائيلية يائسة لتجريم نضال الشعب الفلسطيني، من خلال محاولة وصف الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن فلسطين، والأسرى الذين قضوا زهرة شبابهم دفاعاً عن قضيتهم، بصفة الإرهاب، وتجريم النظام المصرفي الفلسطيني وربما العربي الذي تحول من خلاله مخصصات أسر الشهداء والأسرى والجرحى الفلسطينيين.

وناشد المالكي المجتمعين بتنفيذ قرار توفير شبكة الأمان المالية للحكومة الفلسطينية بمبلغ 100 مليون دولار شهري كما أقرت في قمم سابقة، لمساعدتنا على الصمود وتجاوز الضغوط الإسرائيلية والأزمة المالية التي تمر بها الحكومة الفلسطينية التي لم تصرف سوى 50% من رواتب الموظفين الشهر الماضي، ولن تقدر على صرف سوى 40% من رواتب هذا الشهر.