النجاح الإخباري - أدانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" بأشد العبارات، الحادث الإجرامي الآثم الذي تعرض له عضو المجلس المركزي، الناطق باسم حركة "فتح" الدكتور عاطف أبو سيف، في قطاع غزة.

واعتبرت "الهيئة المستقلة"، في بيان لها، مساء اليوم الاثنين، هذا الاعتداء تصعيدا خطيرا في مجرى الأحداث، كما اعتبرت أن حالة الانتهاكات القائمة لحقوق الإنسان بقطاع غزة، في أعقاب التظاهرات السلمية الأخيرة، قد خلقت أجواء تحريضية على المعارضين السياسيين والنشطاء.

وطالبت الهيئة، حركة "حماس" بالوقف الفوري لجميع الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان من اعتقالات واقتحامات واعتداء على المتظاهرين، ووقف التحريض على النشطاء والصحفيين، وإتاحة الحق للمواطنين في التعبير عن رأيهم، بما في ذلك حقهم بالتظاهر السلمي.

ووثقت الهيئة ابرز الانتهاكات بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان في قطاع غزة منذ بدء الحراك الشبابي.

نص البيان كاملا

تواصل الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" متابعة وتوثيق ورصد تداعيات الحراك السلمي في قطاع غزة "بدنا نعيش"، الذي بدأت فعالياته بتاريخ 14/3/2019 ولا تزال متواصلة في مختلف محافظات القطاع، للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وتوثق الهيئة الانتهاكات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة لفض التجمعات السلمية، تأكيداً على نهج أمني يرتكز على استخدام القوة المفرطة دون مراعاة للمعايير والضوابط القانونية التي تنظم الحق في ممارسة التجمع السلمي، ودور الأجهزة الأمنية في حمايتها.

وقد وثقت الهيئة منذ بدء الحراك جملةً من الانتهاكات طالت العديد من الحقوق والحريات جراء عمليات الفض بالقوة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية، وطالت الحق في الحرية والأمن الشخصي (الاحتجازات التعسفية)، علاوة على الاعتداء على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان. وكانت أبرز أنماط الانتهاكات منذ تاريخ 14/3/2019 وحتى تاريخ 17/3/2019، على النحو التالي:

الاستخدام المفرط للقوة في فض التجمعات التي تجاوز عددها 25 تجمعاً خلال الأيام الماضية في مختلف محافظات قطاع غزة. والاعتداء على المشاركين فيها، فقد اعتدت عناصر كبيرة يتجاوز عددها سبعين عنصراً في بعض التجمعات من الأجهزة الأمنية بالزي المدني، والزي الشُرطي الأزرق والأزرق المموج، المدججين بالسلاح والهراوات والعصي وكان منهم ملثمين، تساندهم عناصر مدنية محسوبة على حركة حماس، والعديد منهم كان يحمل السلاح،واستخدموا في قمعهم للتجمعات القوة وإطلاق الرصاص لإرهابهم وتفريقهم، وغاز الفلفل، الأمر الذي أدى لوقوع إصابات مختلفة للمعتدى عليهم وكسور في الأطراف والأرجل، وسجلت إصابة لأحد المتظاهرين في رفح بعيار ناري في الساق، ولم تفصح وزارة الصحة عن أية معلومات تتعلق بما وصل إلى المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، عن المصابين نتيجة تلك الاعتداءات، كما لم يتسنّ للهيئة الحصول على معلومات موثقة رسمياً بهذا الشأن.

-       احتجاز مئات المواطنين سواء من المشاركين في التجمعات أثناء فض التجمعات أو من خلال ملاحقات سابقة أو لاحقة للمظاهرات عبر مداهمة منازل المواطنين واحتجاز العديد منهم على خلفية المشاركة فيها، فقد احتجزت الأجهزة الأمنية المئات، ووفقاً لمعلومات الهيئة فقد زاد عددهم عن 1000 مواطن على خلفية علاقتهم بالحراك، بشكل ينتهك الحق في المشاركة بالتجمعات السلمية والحماية من الاحتجاز التعسفي، كما رافق تلك الانتهاكات أثناء دخول ومداهمة المنازل، وترويع قاطنيها من النساء والأطفال وكبار السن، وكسر الأبواب وتكسير محتويات المنزل من الأثاث والعبث فيها، ومصادرة الهواتف المحمولة المستخدمة في تصوير ما يحدث من قمع وفض للتجمعات واعتداء على المتظاهرين.

-       يُشار إلى أن المحتجزين منهم من قضى مدة احتجاز لساعات، ومنهم ما زال معتقلا حتى لحظة اصدار هذا البيان. وبعض من يتم توقيفه ينقل إلى أماكن احتجاز غير معلنة كمركز احتجاز وتوقيف، بما يشكل انتهاكاً للمعايير القانونية التي تحدد أماكن الاحتجاز المعلن عنها من قبل وزارة الداخلية. فقد علمت الهيئة أن عدداً من المحتجزين تم اقتيادهم إلى مركز يتبع الشرطة العسكرية يقع في شمال قطاع غزة ويقدر عدد المحتجزين المتبقين فيه حسب تقدير الهيئة أكثر من300 معتقل من جميع المحافظات.

-       كما أن المحتجزين المدنيين الذين يتم توقيفهم ونقلهم لمركز احتجاز الشرطة العسكرية يتم توقيفهم وعرضهم على النيابة العسكرية، وتمديد توقيفهم بناءً على قرارات صادرة منها، وبلغ عدد من عرضوا على الأقل وفق معلوماتالهيئة أكثر من 200 محتجزاً في مخالفة قانونية لمعايير المحاكمة العادلة وحق التقاضي. وتؤكد الهيئة أنها طالبت بزيارة المحتجزين كان أخرها صباح هذا اليوم الاثنين 18 آذار الجاري، إلا أنها لم تتلق رداً من الجهات المختصة، ولم تتمكن من زيارتهم حتى اللحظة.

-       طالت الانتهاكات الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية العمل الصحافي، فقد وثقت الهيئة احتجاز 23 صحافياً في مختلف المحافظات، تم احتجازهم أو توقيفهم أو استدعاؤهم، على خلفية تغطيتهم لفعاليات الحراك سواء ميدانياً أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قامت الأجهزة الأمنية بتهديد عدد منهم ومصادرة هواتفهم النقالة ومعداتهم. بالإضافة إلى تعرض العديد منهم إلى الضرب والإهانة وسوء المعاملة، ومن بين تلك الحالات، وثقت الهيئة لحظة مداهمة منزل الصحافي أسامة الكحلوت الذي تعرض للضرب وسوء المعاملة والاحتجاز على خلفية تغطيته فعاليات الحراك في منطقة دير البلح. يُشار إلى أن فصائل العمل الوطني تدخلت لدى الأجهزة الأمنية للإفراج عن الصحافيين، وقد تم الإفراج حتى صباح هذا اليوم الاثنين 18 آذار الجاري، عن معظمهم باستثناء الصحفيين عامر بعلوشة، وعمر طبش، وصالح ساق الله.

-       وفي تطور غير مسبوق امتدت انتهاكات الأجهزة الأمنية لتطال المدافعين عن حقوق الإنسان، الذين يتمتعون بحماية قانونية خاصة تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، لتمكينهم من ممارسة عملهم، فقد تعرض نائب مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان المحامي جميل سرحان، ومنسق التحقيقات في الهيئة المحامي بكر التركماني للضرب المبرح، ما استدعىنقلهم للمستشفى، بالإضافة إلى توقيف واحتجاز والتحقيق مع 5 باحثين ميدانيين من مراكز ومؤسسات حقوقية (المركز الفلسطيني والميزان والضمير).

وتؤكد الهيئة أن ما تم رصده يعد مخالفة واضحة لمعايير الاحتجاز والتوقيف المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001، وتحديداً المواد (21)، و(29) التي تحدد جهات الضبط القضائي، والمعايير الواجب توافرها أثناء الاحتجاز والتوقيف. إضافة إلى نصوص قانون الإجراءات الجزائية التي تحدد المعايير القانونية لإجراءات الاحتجاز والقبض والتوقيف وتحديد الجهات المختصة بذلك.

كما أن ذلك يشكل انتهاكاً لنصوص القانون الأساسي، وخاصة المواد (11، 12، 13، 17، 26/5)، والمادة (2،4/ه) من قانون رقم (95) لسنة 1995 بشأن المطبوعات والنشر، الذي يكفل حرية الرأي والتعبير للمواطنين، والمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي كفلت الحق في حرية الرأي والتعبير، والمادة (2) من قانون رقم (12) لسنة 1998 بشأن الاجتماعات العامة الذي لا يشترط الحصول على ترخيص لتنظيم الاجتماعات العامة، والمادة (21) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي كفلت الحق في التجمع السلمي.

وعليه تطالب الهيئة الجهات المعنية والأجهزة الأمنية في قطاع غزة:

1-  الإفراج الفوري عن المحتجزين كافة في مراكز الاحتجاز جميعها المعلنة وغير المعلنة، ومراكز التوقيف المدنية والعسكرية.

2-   مطالبة النائب العام بفتح تحقيق رسمي وجدي ومستقل في الانتهاكات التي وقعت خلال فعاليات الحراك.

3-  الالتزام والتقيد بالمعايير القانونية والدولية الخاصة بحماية وتمكين المواطنين من ممارسة حقهم في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير.

4-  منع مشاركة رجال الأمن الذين لا يرتدون الزي الرسمي، أو المدنيين المحسوبين على حركة حماس في التعامل مع التجمعات والمسيرات بشكل مباشر.

5-  كف يد النيابة العسكرية عن النظر في توقيف واحتجاز المدنيين وعرضهم على القضاء العسكري.

6-  قيام وزارة الصحة بالدور القانوني المناط بها،والإفصاح عن معلومات المصابين الذين تلقوا الخدمات الصحية في المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لها، إثر إصاباتهم نتيجة فض التجمعات السلمية بالقوة ونشر البيانات المتعلقة. ومنح المصابين تقارير طبية توثيق حالتهم الصحية.

7-  تمكين الهيئةمن القيام بدورها القانوني المناط بها، باعتبارها المؤسسة الوطنية المختصة بالرقابة على أوضاع حقوق الانسان، بما فيها تمكينها من زيارة المحتجزين على خلفية الحراك السلمي.

8-  تمكين الصحافيين من ممارسة عملهم بحرية،والتزام الأجهزة الامنية بالضوابط القانونية في متابعة العمل الصحافي، والتوقف عن ممارسة أي تهديد أو ترهيب من شأنه تقويض حقهم في حرية العمل الصحفي.

9-  تمكين المدافعين عن حقوق الإنسان من مهامهم في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية، وفي مقدمها إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان.

10-                     ضرورة تشكيل لجنة وطنية حقوقية مستقلة للتحقيق بجمل الاحداث والانتهاكات التي وقعت خلالها وتقديم التوصيات بمحاسبة ومساءلة كل من اعطى تعليمات بالاعتداء على المواطنين.

كما وتؤكد الهيئةعلى ضرورة تعامل الجهات الأمنية في قطاع غزة مع مطالب المحتجين من منظور حقوقي قانوني، ينأى بهم عن المناكفات السياسية والمعالجات الأمنية، بما يضمن تعزيز لغة الحوار ونبذ خطاب الكراهية وتقبل الآخر، صوناً للسلم الأهلي وعدم انتهاك الحقوق والحريات في قطاع غزة.