عنان الناصر - النجاح الإخباري - من جديد عادت إعتداءات مجموعات للمستوطنين التي تطلق على نفسها مجموعات تدفيع الثمن لشن هجماتها ضد المواطنين في القرى والبلدات الفلسطينية فسجلت 3 اعتداءات في القدس وقلقيلية ونابلس خلال 24 ساعة.

وسجل فجر اليوم الثلاثاء اعتداء جديدا من قبل المستوطنين مجموعات عصابات تدفيع الثمن في بلدة جيت غرب نابلس وبلدة عورتها شرق نابلس ويأتي ذلك بعد أقل من 24 ساعة لاعتداء مماثل في القدس.

وبحسب مراقبين وحقوقين ومسؤولين تتمثل هذه الاعتداءات في كتابة شعارات معادية للعرب أهمها "الموت للعرب" وعبارات استفزازية وإعطاء المركبات وتحطيم نوافذها والكتابة على الجدران واعتداءات على الممتلكات.

وكانت أبرز هذه الاعتداءات حرق الطفل الشهيد أبو خضير في القدس بطريقة وحشية وكذلك إحراق عائلة دوابشة في  بدوما جنوب نابلس وكذلك حرق مساجد في ديراستيا قضاء سلفيت وغيرها من الاعتداءات.

إجرام وقتل وحرق

محمد أبو خضير الطفل الفلسطيني الذي دفع حياته ثمنا لاجرام هذه المجموعات وهو من حي شعفاط بالقدس خطف وعذب وأحرق وهو على قيد الحياة على أيدي مستوطنين متطرفين من عصابات تدفيع الثمن يوم 2تموز يوليو 2014 ،وقد عثر على جثته في أحراش دير ياسين.

وقد أعقب عملية الخطف والقتل موجة احتجاج واسعة في مناطق عديدة بمدينة القدس، وإدانة دولية للحادثة. ويعتقد أن الدوافع تأتي انتقاماً من خطف ثلاثة مستوطنين بالخليل.

وفي فجر الحادي والثلاثين من تموز 2015 نفذ مستوطنون من هذه المجموعات اعتداء بمواد مشتعلة على منزل المواطن سعد دوابشة (32 عاماً) حيث استشهد سعد وزوجته ريهام (27 عاماً)، وطفليهما الرضيع علي (18 شهراً)، وأصيب شقيقه أحمد "الناجي الوحيد من بين أفراد العائلة" بجروح وحروق بالغة.

في تلك الليلة، أقدم مستوطنون متطرفون تسللوا إلى قرية دوما تحت جنح الظلام، على إضرام النار في منزل عائلة دوابشة، ما أدى إلى استشهاد الرضيع علي، فيما أصيب والداه وشقيقه أحمد بجروح خطيرة، إلى أن أعلن عن استشهاد الوالد سعد بعد أيام من إصابته، فيما أعلن عن استشهاد الوالدة ريهام عقب الجريمة بأكثر من شهر.

ونشطت هذه المجموعات مجددا في أعقاب تولي بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الحكومة اليمنية المتطرفة، والتي جاء على إثرها توسيع دائرة الاستيطان وحماية المستوطنين.

هذا وحذر مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية من اعتداءات هذه المجموعات وكان ينادي بضرورة تشكيل لجان الحراسة منذ نشاط هذه المجموعات خشية وقوع جرائم قد ترتكبها بأية لحظة.

وقال في حديث لـ" النجاح الإخباري" إن مجموعات تدفيع الثمن الاستيطانية الاجرامية تسعى وبشكل مستمر لشن حملات واعتداءات على الفلسطينيين، مضيفا أن هذه الاعتداءات لا يمكن التوقع بشأنها وطبيعتها فهي عصابة إجرامية ترتكب القتل والتدمير وتخريب الممتلكات وتنادي دوما بقتل العرب وطردهم.

إلى ذللك، أكد الناشط الحقوقي والميداني زكريا السدة، ان عصابات تدفيع الثمن الإجرامية أقدمت فجر اليوم على إعطاب وتخريب 5 مركبات في بلدة جيت غرب نابلس.

وقال: "إنه تم رصد دخول مركبة مستوطنين فجر اليوم عند الساعة الثانية وقاموا بإعطاب عجلات 5 مركبات، وخطوا شعارات معادية للعرب.

 

 

 

 

إلى ذلك اقتحم مئات المستوطنين فجر اليوم، قرية عورتا شرق نابلس، وأدوا الصلوات والطقوس الدينية في عدة أماكن بدعوى أنها قبور تعود إلى رجال دين يهود .

وبين شهود عيان أن المستوطنين قاموا خلال اقتحامهم عورتا بتحطيم زجاج عدد من المركبات المتوقفة، وأعطبوا عجلات مركبات أخرى .

 

وكانت عصابات تدفيع الثمن قد أقدمت أمس أيضا على شن اعتداء مماثل بالقدس تمثل بإعطاب عجلات مركبات وخط عبارات مسيئة تنادي بالموت للعرب .

تجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعات كانت قد اتسعت اعتداءاتها على الساحة الفلسطينية قديما وعادت إلى الوجهة في السنوات الثلاث الأخيرة.

 

مجموعات تدفيع الثمن

إنّ نشأة عصابات "تدفيع الثمن" او "جباية الثمن" يعود إلى العام 1980، وهي وليدة الحركة الصهيونية اليمينية المتطرفة المتمثلة في حركة "غوش امونيم"، الحركة التي تنادي بالتطهير العرقي للعرب واقامة الهيكل المزعوم في موقع المسجد الاقصى وهي ترتكب يومياً عشرات الجرائم ضد الفلسطينيين حرقاً وسباً وإساءة للرسول والإسلام والقرآن والمسيح وتنتهك المساجد والكنائس وقد بدأت عملياتها منذ عام 2008.

 

وعبارة "جباية الثمن" هي اسم أطلقه المستوطنون الإسرائيليون وناشطو اليمين المتطرف الإسرائيلي على الإعتداءات التي يرتكبونها ضد الفلسطينيين وأملاكهم، والتي تشمل إلقاء حجارة على السيارات الفلسطينية التي تمر في الشوارع، ومهاجمة قرى فلسطينية، وإلحاق أضرار بأملاك الفلسطينيين وحقولهم، مثل قطع أشجار الزيتون وإحراق مزروعات وحتى إحراق مساجد وتكسير شواهد القبور. وفي معظم الأحيان يكون ذلك مقترناً بكتابة شعارات عنصرية ضد العرب والمسلمين إلى جانب عبارة "جباية الثمن".

 

أمّا الخلفية الأيديولوجية التي تستند إليها هذه الجماعة الإرهابية الصهيونية هي تعود للآراء التي نشرها الحاخام "يتسحاق جينزبورج"، الذي يتركز غالبية تلاميذه في مستوطنة "يتسهار". وينتسب لجينزبورج فكرة الانتقام من الفلسطينيين، مثل ارتكاب المجازر على طريقة باروخ جولدشتاين منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي، باعتبار هذه الجرائم هي التجسيد العميق للفعل اليهودي الخالص، ويعمل ناشطو "تدفيع الثمن" المركزيون بموجب أفكاره.

نشأة العصابة الإجرامية

وعن نشأة هذه العصابات كشف تحقيق صحافي كانت قد نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن جانب مهم من حقيقة اعتداءات "جباية الثمن"، والتنظيمات اليهودية الإستيطانية التي تقف وراءها، بالإضافة إلى كشفه أن تمويل هذه التنظيمات يأتي من خزينة الدولة . 

فقد بين هذا التحقيق أن اعتداءات "جباية الثمن" ليست وليدة ردود فعل فردية من قبل المستوطنين، أو بمبادرة "أعشاب سامة" بين المستوطنين، كما يصفها كبار المسؤولين ووسائل الإعلام في الکيان الإسرائيلي، وإنما هي نتاج فكرة منظمة، ابتكرتها هيئة كان رئيس "المجلس الإقليمي شومرون" الذي يضم عدة مستعمرات من مدينة نابلس، "غرشون ميسيكا"، هو المبادر إلى تشكيلها وتمويلها من أموال المجلس الإقليمي الذي يرأسه. وأكّد التحقيق إن"مجلس شومرون" يحصل على ميزانيته كلها من الحكومة، وإنها تصل إلى عشرات ملايين الشيكلات سنوياً.

واعترف رئيس الشاباك الأسبق "كارمي جيلون"، أنه بإمكان الجهاز وضع حد في غضون فترة وجيزة للممارسات التي تقوم بها عصابات ما تسمى "تدفيع الثمن"، مشيراً إلى أنها تحمل طابعاً إرهابياً، لكنه اتهم نواباً وأحزاباً ومسؤولين كبار في الداخل بإعطاء الضوء الأخضر لاستمرار مثل هذه الاعتداءات ضد المقدسات الإسلامية والممتلكات الخاصة، قائلًا إن "جماعة تدفيع الثمن تحظى بدعم كبير في الداخل من مسؤولين وصفهم بالكبار". كما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير أخير لها أن جرائم عصابة "تدفيع الثمن" التي تستهدف العرب وممتلكاتهم والمقدسات الإسلامية والمسيحية ارتفعت إلى 200% وأن "مرتكبي غالبية هذه الجرائم لا يزالون يتجولون بحرية".

وقد وصف الأديب الإسرائيلي "عاموس عوز" هذه العصابات بـ"النازيين الجدد"، وقال:" إن اليهود الذين ينفذون عمليات الكراهية والعداء ضد العرب الذين يسمون أنفسهم جماعة تدفيع الثمن هم النازيون الجدد"، وقال "إن الفارق الوحيد بين منفذي جرائم الكراهية ضد العرب في إسرائيل والجماعات المتطرفة في أوروبا يكمن في أن جماعات النازيين الجدد بإسرائيل يتمتعون بتأييد عدد كبير من المشرعين المتعصبين قومياً والعنصريين وبعض الحاخامات الذين يوفرون لهم الذرائع بأن أفعالهم خدمة للدين"! .

ويتصف أعضاء هذه المجموعات بكراهيتهم للعرب والمسلمين وأن تنفيذهم لمثل هذه الاعتداءات يأتي من هذا الباب، كما ونفذت هذه المجموعات اعتداءات ضد شرطة الاحتلال وسلطاتها خلال عمليات إخلاء بؤر استيطانية.

ووفقا لمصادر صحافية أنه خلال السنوات الأخيرة اعدت الوحدة اليهودية بالمخابرات الاسرائيلية "الشاباك"  وثيقة خاصة مكونة من تسعة وعشرين صفحة تفصّل نشأة ظاهرة "جباية الثمن" وتطورها على مدار السنوات والاخطار الكامنة بها.

وخلصت الوثيقة الى أن غالبية العمليات التي تنفذ تحت عنوان "جباية الثمن" تتم بطريقة عسكرية وتم تخطيطها بدقة، مع التركيز على الحيطة والسرية.

وبحسب وثيقة "الشاباك" في مدرسة دينية يهودية مقامة بمستوطنة يتسهار شمال الضفة الغربية فقد ولد اسلوب جباية الثمن عام 2006.

وكانت القناة العاشرة كشفت أن نشطاء جباية الثمن يخضعون لدورات تدريبية تدار بطريقة تشبه ما يتم داخل تنظيم عسكري على يد مدربين محترفين.