النجاح الإخباري - قال رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله: "يأتي عقد هذا الاجتماع الاستثنائي للجنة المانحين في منعطف حاسم، حيث تتلقى آفاق تحقيق حل الدولتين ضربة أخرى، وهذه المرة من راعي رئيسي لعملية السلام في الشرق الأوسط، وهذا يضاف إلى الضربات الحادة الناجمة  المتمثلة في استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي غير الشرعي والبناء  الاستيطاني على أرضنا الفلسطينية. وبالتالي، هناك حاجة ماسة إلى حشد الدعم الدولي لإحياء عملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة، وذلك على أساس احترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال. وأعتقد جازما أن اجتماعنا اليوم يمكن أن يسهم في رسم مسار عملي للسلام وأن ينقل إشارات مفعمة بالأمل والتفاؤل".

 

جاء ذلك خلال كلمته في الاجتماع الاستثنائي للجنة المانحين الدولية، اليوم الأربعاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور وزيرة خارجية مملكة النرويج رئيسة لجنة المانحين الدولية اين ماري اريكسن، والمفوضة العليا للاتحاد الاوروبي فيدريكا موغريني، ووزير الخارجية الفلسطيني د. رياض المالكي، وعدد من وزراء خارجية دول العالم وممثلي المؤسسات الدولية.

 

وأضاف رئيس الوزراء: "يسرني جدا أن أكون هنا اليوم وباسم فلسطين أود أن أعرب عن خالص امتناننا لحكومة مملكة النرويج والاتحاد الأوروبي على عقد هذه الدورة الاستثنائية لمجموعة المانحين الدوليين لفلسطين، وكما أشكر ممثلي الدول والمنظمات الدولية المشاركة في هذا الاجتماع على دعمهم المتواصل لجهودنا في بناء الدولة، وكذلك سعينا الجاد لتحقيق حل الدولتين، والذي يتمثل في استقلال الفلسطينيين وحريتهم، وهذا هو المسار الوحيد من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للصراع مع إسرائيل".


وتابع رئيس الوزراء: "أنتم تعرفون بالإعلان الأخير بخصوص القدس من قبل الرئيس الأمريكي، وقراره بتخفيض المساعدات المالية للأونروا، وهي الوكالة التي أنشأتها الأمم المتحدة في عام 1949 لخدمة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. وتحتاج هذه الإجراءات إلى بيان سياسي وموقف صريح من جانب لجنة المانحين الدولية تحث فيه الرئيس الأمريكي على إلغاء هذه الخطوات. أولا، لأن هذا الإعلان بخصوص القدس يغير قاعدة أساسية لعملية السلام، حيث ان لجنة المانحين الدولية هي جزءا لا يتجزأ منه، وثانيا، لأن حجب المساعدات عن اللاجئين الفلسطينيين سيؤدي إلى مصاعب سيتعين على بقية العالم التعامل معها، وفي وقت فان أهداف عملية السلام لا تزال بعيدة المنال بسبب التعنت الإسرائيلي".


واستطرد الحمد الله: "بالنسبة لنا والدول الـ 129 والتي أيدت قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي رفض القرار الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة إسرائيل، فإن القرار الأمريكي بشأن القدس لا يغير شيئا. أما فيما يتعلق بقرار تخفيض المعونة المالية المقدمة إلى الأونروا، فإننا سنواصل العمل بلا كلل وبجدية تامة مع المجتمع الدولي لضمان استمرار الأونروا في مهامها وعملها، حيث توفر توفر الوكالة لخمسة ملايين لاجئ في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن، ولبنان، وسوريا خدمات صحية واجتماعية وتعليمية ومعيشة يومية".


وأوضح رئيس الوزراء: "لقد اجتمع فخامة الرئيس محمود عباس يوم الاثنين الماضي، الموافق 22 يناير، مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هنا في بروكسل، حيث دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بدولة فلسطين على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. أن اجتماع اللجنة يجب أن يعترف بهذه الدعوة ويدعمها، لأن هذا الاعتراف سيدعم السعي لتحقيق السلام بين الدولتين".


وقال الحمد الله: "ان من المؤكد أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام مع الاحتلال. ولذلك فإن نقطة النهاية المنطقية والعقلانية لعملية السلام الحقيقية هي انهاء الاحتلال لأرضنا وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات سيادة على الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ حزيران 1967، والتي تشمل القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، ومبادرة السلام العربية في العام 2002".


واستدرك رئيس الوزراء: "لقد استعدت السلطة الوطنية الفلسطينية لهذه النتيجة وهي اقامة الدولة المستقلة، وهي في وضع ممتاز يمكنها من تحمل مسؤوليات وكذلك التزامات دولة مستقلة ذات سيادة في أي وقت في المستقبل القريب، وتم تأكيد هذا في اجتماعات اللجنة. إن الاحتلال العسكري الإسرائيلي لأرضنا هو العائق الوحيد أمام تحقيق هذا الهدف بالاستقلال. إن الوصول إلى هذا الهدف هو السبيل الوحيد لكي نكون أقل اعتمادا على المساعدات الدولية – او حتى عدم الاعتماد عليها - لأن قدرات شعبنا وإمكانيات وطننا ستظهر بشكل كبير".


وأضاف الحمد الله: "ان أهم مهمة لحكومة الوفاق الوطني هي إنهاء الانقسام مع غزة واصلاح الدمار الذي حصل جراء الحرب التي شنتها اسرائيل في العام 2014. وإننا نحرز تقدما بطيئا ولكن مع تصميم، وبالرغم من كل العقبات فنحن لا زلنا ملتزمين وعازمين ومصممين على إنهاء الانقسام، والتغلب على هذه العقبات وتحقيق أهداف المصالحة الوطنية واعادة الاعمار. ويمكن تحقيق ذلك عندما تكون حكومتي متمكنة بالكامل ، كما تقوم ويتم ازالة المعوقات التي تعرقل تمكيننا في قطاع غزة".


وبيّن رئيس الوزراء: "بجانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية، وبما في ذلك المستشفيات وشبكات المياه والكهرباء فقد تدمرت  170,000 وحدة سكنية. وقد تمكنا بدعم من المانحين من إعادة بناء 7725 منزلا من المنازل التي دمرت بالكامل وعددها 11 الف منزل، وتم تعويض 100,124 منزلا من الوحدات السكنية والتي دمرت جزئيا من اصل 162,503 منزلا".


وأضاف الحمد الله: "أغتنم هذه الفرصة لأشكر الدول التي تبرعت من اجل إعمار قطاع غزة، ونناشد الدول التي تعهدت في مؤتمر القاهرة لعام 2014، ولم تف بهذه التعهدات، أن تفعل ذلك، وتوفي بوعودها في القريب العاجل، بحيث نتمكن من إنجاز إعادة بناء بقية الوحدات السكنية وانجاز مشاريع حيوية اخرى".


وتابع: "اننا ندعو الحكومة الإسرائيلية إلى التعاون في حل أزمات الكهرباء والمياه في قطاع غزة. كما نطلب من الحكومة الإسرائيلية أن ترفع الحصار عن قطاع غزة فورا، حيث لم يتمكن 70٪ من اهلنا في القطاع من السفر إلى خارج البلاد خلال السنوات الإحدى عشرة الماضية".


وأشار: "في 4 أكتوبر 2017 ، التقيت بالمئات من الشباب في مدينة غزة. حيث اعربوا لي عن تتوقهم لحياة طبيعية كريمة. إن القيود المفروضة من قبل اسرائيل على حركة المواطنين وتدفق السلع والمواد يتسبب في خلق مصاعب إنسانية كبيرة للأهل في قطاع غزة، والذين يعانون أصلا. ونحن جميعا نتحمل المسؤولية من اجل تغيير هذا الوضع القاتم، حيث إن تجاهل معاناة شعبنا في غزة، وخاصة شبابنا، هو وصفة لكارثة مدمرة أخرى".


وأردف رئيس الوزراء: "لقد أعلنت الحكومة الفلسطينية عن أجندة السياسات الوطنية للفترة 2017-2022 وذلك تحت شعار "المواطن أولا"، وتهدف هذه الخطة إلى تحسين نوعية الحياة لشعبنا، وذلك من خلال تقديم خدمات عالية الجودة وحماية الفئات الضعيفة والمهمشة في فلسطين".


وأوضح: "تركز خطتنا التنموية للسنوات الخمس القادمة على زيادة الاستثمارات في مجالات البنية التحتية، بما في ذلك بناء شبكات المياه والتي تخدم القطاع الزراعي، وتعزيز التواصل من خلال تحسين شبكات النقل والاتصالات، وكذلك تنفيذ استراتيجية الإدماج المالي، وزيادة إمدادات الكهرباء، وإنشاء مدن صناعية جديدة. وإنني في هذا السياق أحث المجتمع الدولي على دعمنا من اجل تحقيق هذه الأهداف".


وأكد أنه "بالرغم من التحديات العديدة التي تواجهنا، فقد تم الحفاظ على تقديم الخدمات العامة بشكل جيد، واستمرت استراتيجية تعبئة الإيرادات في الضفة الغربية في تحقيق النجاح، فقد ارتفع إجمالي الدخل الصافي بنسبة 10٪ في عام 2017 مقارنة بالعام 2016. وخلال نفس الفترة، انخفض إجمالي صافي الاقتراض بنسبة 4.3٪، في حين انخفض العجز المتكرر (قبل التمويل الخارجي) بنسبة 25.4٪، مما أدى إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 6.8٪ في عام 2016 إلى 4.7٪ في عام 2017. وبلغ العجز الكلي (قبل التمويل الخارجي) بنسبة 21.45٪، وهو ما يمثل انخفاضا من 9.3٪ إلى 6.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي".


وأضاف: "لقد اعاقت اسرائيل وعلى مدار 12 عاما استخدام نظام الجيل الثالث في في شبكة الهواتف الخلوية الفلسطينية، وقد تم رفع الحظر في الاسبوع الماضي، وذلك بمساعدة من الحكومة الامريكية واللجنة الرباعية ونحن نشكرهم على ذلك. اما قطاع غزة فما زال محروما من هذه الخدمة بسبب القيود الإسرائيلية".


ونوه إلى انه "بالرغم من الالتزام القوي من طرفنا لتحقيق الاصلاح، وكذلك وتقليل العجز في الميزانية وتحسين الإدارة المالية، فقد انخفض دعم الميزانية بشكل كبير من 1.23 مليار دولار في عام 2013 إلى 606 مليون دولار في عام 2016. وقد استمر دعم الميزانية في الانخفاض في عام 2017 من قبل الجهات المانحة، ولم يتجاوز 500 مليون دولار بنهاية تلك السنة، وأدى هذا إلى فجوة تمويلية قدرها 580 مليون دولار. وبالتالي، لا تزال هناك حاجة ملحة إلى دعم الميزانية، وفي هذا المقام أحث المانحين الدوليين من أجل زيادة دعم ميزانيتنا وذلك على نحو مستدام".


وأوضح رئيس الوزراء: "ان العقبة الرئيسية أمام وجود اقتصاد فلسطيني تتمثل في التوسع الاستيطاني وسيطرة الاحتلال العسكري الإسرائيلي على أرضنا، وهو يسيطر على ما يسمى بالمناطق "ج" ويفرض القيود على التنمية الفلسطينية في تلك المناطق، وتمثل هذه المناطق حوالي 64٪ من مساحة الضفة الغربية، وتحتوي على الموارد الرئيسية والتي في حال تم الوصول إليها واستخدامها، فإنها ستزيد الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني بنسبة 35٪، وفقا لتقرير البنك الدولي في العام 2013".


وقال رئيس الوزراء: "ادعو في هذا الاجتماع الى مطالبة اسرائيل بإزالة القيود على الفلسطينيين في مناطق ج، وليس فقط تخفيفها. كما ادعوكم الى دعم مشاريع مهمة سيادية من اجل دعم سيادتنا الوطنية، وان لا يتم اعاقتنا في تنفيذ مشاريع سيادية مثل انشاء المطار والميناء وبناء مدن جديدة ومراقبة الحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة. حيث ان هذه المشاريع هي تجسيد لحل الدولتين".  


وأضاف الحمد الله: "ادعو المجتمع الدولي للمساعدة في تنفيذ العديد من المشاريع الحيوية في غزة، ولا سيما في قطاعات الطاقة والمياه والتعليم.
وأود التأكيد على ما يلي:

 

أولا، يوجد حاجة لإمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في غزة. وفي هذا السياق، فأننا نعمل في مسارين متوازيين لتحقيق هذه الغرض. بحيث يركز المسار الأول على مشروع "الغاز من أجل غزة" ويجمع هذا المشروع الأطراف المعنية لتسهيل الوصول الى اتفاق من اجل إنشاء خط أنابيب للغاز يربط غزة بشبكة الغاز الطبيعي الإسرائيلية، لكي يحل الغاز الطبيعي مكان الوقود الذي تستخدمه حاليا محطة كهرباء غزة. وقد تم تحديد مختلف الاطر التجارية والتنظيمية للمشروع والخطوات الضرورية لتنفيذها.


ان هذا المشروع سوف يقلل بشكل كبير من تكلفة توليد الكهرباء، وأيضا تحسين الظروف البيئية. ويركز المسار الاخر على تطوير حقل الغاز في ساحل غزة، والذي من شأنه أن يعزز استقلالية الطاقة الفلسطينية إلى حد كبير، وسيولد عائدات لحكومتنا بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي على مدى العمر الإنتاجي البالغ 25 عاما. وحتى يتم استخدام وتطوير حقل الغاز في ساحل غزة بشكل كامل، فإننا سنسعى إلى الوصول الى ترتيبات جديدة لإمدادات الغاز مع إسرائيل.


ثانيا، يواجه قطاع غزة أزمة مياه حادة، بحيث تقدر سلطة المياه الفلسطينية أن 97٪ من المياه الجوفية ليست صالحة للشرب. ولهذا السبب، فان إنشاء محطة تحلية المياه في غزة هو عنصر رئيسي في استراتيجية سلطة المياه الفلسطينية لقطاع غزة منذ عام 2010. ويحدونا الأمل في أن يتم الانتهاء من بناء مشروع والذي يكلف 600 مليون دولار في وقت لقريب، وذلك لتلبية الاحتياجات المتزايدة للمياه في غزة. وفي أن عددا من المانحين اعربوا عن عزمهم  في تقديم الدعم المالي لهذا المشروع، فإننا ندعو الآخرين إلى سد الفجوة المالية المتبقية والتي تبلغ 220 مليون دولار. وسيعقد اجتماع المانحين لهذا البرنامج في آذار القادم، وهنا واحثكم على حضور هذا الاجتماع، وتوفير التمويل اللازم المتبقي.


ثالثا، في قطاع التعليم، يوجد لدينا مشروع واعد لبناء مئة مدرسة جديدة في قطاع غزة. ولقد تمكنا من تأمين التمويل لبناء 20 مدرسة. وندعوكم وباقي المانحين لمساعدتنا من اجل تأمين التمويل اللازم لبناء المدارس الثمانين المتبقية. وأود أن أشير إلى أن هذا المشروع مهم جدا لقطاع التعليم في قطاع غزة، وسيساعد في توفير حوالي خمسة عشر ألف فرصة عمل".


واستدرك رئيس الوزراء: "لقد اشار سيادة الرئيس محمود عباس بأن تحقيق السلام سيعطينا آفاقا واسعة ومتعددة لإعادة بناء اقتصادنا، ومواصلة بناء مؤسساتنا الوطنية، القائمة على سيادة القانون، والتي تعيش بروح التسامح والتعايش السلمي، والسلام والتضامن. وهنا نحث المجتمع الدولي على عدم التخلي عن فلسطين في هذا المنعطف الحرج، واتخاذ الخطوة العملية المتمثلة بالاعتراف بدولة فلسطين، وهذا سيكون استثمارا دائما في السلام والأمل".


وأختتم الحمد الله: "لقد استثمر أعضاء هذه اللجنة بشكل كبير في دعم مساعي بناء المؤسسات في دولتنا؛ ونحن ممتنون جدا لذلك. ورسالتنا لكم: لا تسمحوا للاحتلال العسكري الاسرائيلي لأرضنا بتدمير ما حققناه معا، والأهم من ذلك، لا تسمحوا بتدمير أحلام وطموحات أطفالنا في مستقبل آمن ومزدهر".