النجاح الإخباري - أضاء رئيس الوزراء رامي الحمد الله، مساء اليوم السبت، شجرة عيد الميلاد في ساحة كنيسة المهد بمدينة بيت لحم، إيذانا بانطلاق احتفالات أعياد الميلاد المجيدة.

وقال رئيس الوزراء، في كلمته بحفل إضاءة الشجرة، إن "على شعوب ودول العالم أن تدرك العواقب الوخيمة التي سنشهدها في حال المساس بالقدس أو بثوابتنا الوطنية والقومية. فالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل السفارة الأميركية إليها سيجر المنطقة إلى المزيد من عدم الاستقرار وسيدمر كل فرص السلام. فأي حل عادل يجب أن يؤدي إلى القدس عاصمة لدولتنا ويقوم على إعمال حقوقنا العادلة وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير".

وأضاف: "رغم النشاطات الاستيطانية التي تمارسها إسرائيل، فإن الشعب الفلسطيني لا يزال يؤمن بثقافة التعايش والإخاء والسلام التي حملها سيدنا المسيح عليه السلام. إننا، من مدينة السلام وموطن البشارة، نطالب العالم بأسره، باتخاذ موقف موحد لإنهاء أطول احتلال وظلم عرفه التاريخ الحديث، وإعمال حقوق شعبنا والاعتراف بدولته، خاصة وإن حل الدولتين بات في خطر حقيقي وداهم، جراء إمعان إسرائيل في انتهاكاتها، واستهتارها بالقانون الدولي وبمبادئ حقوق الإنسان وبالاتفاقيات الموقعة".

وتابع: "كما في كل عام، نجتمع ومشاعر الفرح والسرور تغمرنا، لنضيء معا شجرة عيد الميلاد هنا في بيت لحم إيذانا ببدء الاستعدادات للاحتفالات المجيدة في رام الله والناصرة وغزة ونابلس، وكل مكان ينبض بروح الميلاد. إنه بالفعل لشرف كبير أن أكون معكم في هذه الفعالية المباركة، وأن أنقل إليكم جميعا تحيات فخامة الأخ الرئيس محمود عباس وتمنياته لكافة أبناء شعبنا مسيحييه ومسلميه وسامرييه، بعام جديد يسوده السلام والوئام والوحدة. كل عام وأنتم بخير".

واستطرد رئيس الوزراء: "نلتقي اليوم، في خضم واقع مرير وصعب، لنصنع لأنفسنا مساحة للفرح والتفاؤل، فإسرائيل ماضية في تقويض أية جهود لإحياء عملية السلام، فهي تشدد حصارها الخانق على قطاع غزة، وتحاصر مسافر يطا وسوسيا والخان الأحمر وجبل البابا وعين الحلوة وأم الجمال، وسائر المناطق المسماة (ج)، وتهدم فيها البيوت والمنشآت، وترهب أهلها بإخطارات الهدم وبمخططات التهجير القسري، وتصادر حق أطفالنا في حياة طبيعية آمنة في غزة والأغوار وفي القدس والخليل، وتحتجز حرية حوالي ستة آلاف وثلاثمائة أسير فلسطيني في سجونها ومعتقلاتها، بينهم نحو ثلاثمائة طفل وقاصر. يأتي هذا في وقت تشرع فيه القوانين المخالفة للقانون الدولي، وتطلق العنان لجيشها ومستوطنيها لاستباحة أرضنا والاستمرار بانتهاكاتها، والتي كان آخرها قتل المواطن محمود عودة بدم بارد، وهو يفلح أرضه ببلدة قصرة في نابلس".

واستدرك: "إننا ماضون في جهود تكريس المصالحة فالمسؤولية الوطنية تحتم علينا جميعا الارتقاء عن جميع الخلافات للانطلاق نحو التطبيق الجاد والفاعل لاتفاق القاهرة لنجدة غزة وتلبية احتياجاتها الأساسية والطارئة وضمان وحدة العمل وصون السلم الأهلي والمجتمعي".

وأردف الحمد الله: "نطلق من أزقة وساحات هذه المدينة، ومن كنائسها وأديرتها، ومن القدس الأبية المحتلة، ومن غزة المحاصرة المكلومة، رسالة للعالم بأن شعبنا سيبقى صامدا وراسخا، مؤمنا بالسلام وبالعدالة الاجتماعية، وسنمضي موحدين للدفاع عن مشروعنا الوطني لإيصاله إلى قدره الحتمي في الخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وجدرانه واستيطانه، ولن نكل حتى نكرس الوحدة الوطنية وننهض بغزة ونجسد سيادتنا واستقلالنا في دولة فلسطين على حدود عام 1967، والقدس عاصمتها والأغوار في قلبها. لا يمكن لأي احتلال مهما طال، أن يغير التاريخ أو يدفن هوية شعبنا وحضارته الممتدة عبر الأزمان".

وأضاف: "نشكر ضيوف فلسطين الكرام على وجودهم بيننا والذي يشكل رسالة تضامن ومحبة هامة مع قضيتنا الوطنية، ونتمنى أن تنقلوا إلى بلادكم، معاناة شعبنا وإصراره على الحياة والأمل والعيش بسلام في كنف دولته كباقي شعوب الأرض".

واختتم الحمد الله: "أهنئكم جميعا، وأهنئ كافة شعوب العالم بمناسبة أعياد الميلاد المجيدة، ورأس السنة الميلادية. وكلي أمل بأن يشهد العام الجديد المزيد من المبادئ التي جسدها سيد المحبة والسلام، وتكرستْ الوحدة الوطنية، وانتهى الاحتلال الإسرائيلي، وسقطتْ إلى غير رجعة كافة أشكال التمييز والعنصرية والتطرف في العالم".

من جهته، قال رئيس بلدية بيت لحم انطون سلمان "إن رسالة بيت لحم بالميلاد هذا العام هي رسالة أمل تحيي في نفوسنا العيش بسلام، وتجدد في قلوبنا النقاء والضمير الحي، وتنمي في إنسانيتنا التسامح، رسالة تقوي من محبتنا للآخرين وقبولهم في حياتنا، بينما تعزز في نفوسنا الحب والفرح، وتضيء فينا بألوان العيد حرارة الإيمان"?.

وأضاف: "للأسف فما نعيشه اليوم لا يتفق والمبادئ الروحية لرسالة الميلاد، فالعالم اليوم يزداد تناقضات وصراعات، ويشهد انتشار القتل، والإرهاب، والجريمة، والحقد والضغينة في النفوس، وأصبح رفض الآخرين وغياب الحرية الدينية فكراً سائداً، فعّم التزمت، واللامبالاة، ومادية الفكر، والمبالغة في حب الذات والمصالح الشخصية، والابتعاد عن المعنى الحقيقي للإيمان، لذلك نحن اليوم في وقت أحوج ما نكون فيه لظهور نجم بيت لحم في سماء المعمورة من جديد ليقودها إلى مغارة الميلاد، فشعاع نجمة الميلاد يدعونا إلى احترام حياة الإنسان وكرامتِه، ويذكرنا برسالة السلام والمحبة ونبذ الكراهية والعنف، مرددين في ذلك قول البابا فرنسيس".

وتابع سلمان "رجاؤنا أن تبقى نجمة بيت لحم مشعة تقود العالم إلى السلام وأجراس المهد تقرع إلى الأبد، مذكرة العالم بمعجزة الميلاد، فالميلاد هو وعد بالخلاص نقل البشرية من عصر الظلمات إلى زمن النور، فبالميلاد يتجه العالم بأنظاره نحو بيت لحم، أرضُ الوعد، للفرح والابتهاج بنور الإيمان لكنه يجدها محاطة بالجدار ومحاصرة بالمستوطنات من كلّ ناحية، ويجد أهلها يسعون وراء تحقيق العدالة القائمة على أعمدة الحق، والمساواة، والاحترام المتبادل".

واستطرد: "طالما بقيت بيت لحم تحت الاحتلال الإسرائيلي ومحاصرة بجدرانٍ ومستوطنات وحواجز؛ سيبقى السلام غائباً عن الأرض، فالأوان قد آن لإنهاء معاناة شعب فلسطين الذي وُلِدَ وعاش على هذه الأرض منذ الأزل، أرض الرسالات السماوية التي نادت بأعظم رسالة للبشرية ألا وهي رسالة المحبة والسلام والعدل، هذا ما يُعزّينا ويُعطينا الأمل بأنّ المستقبل سيحمل في طياته مساحةً من الحرية والحياة الأفضل، ويتيح لنا العيش في دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس.

وأعرب عن شكره وتقديره الخاص للرئيس محمود عباس، ورئيس مجلس الوزراء على دعمهما المتواصل وحرصهما على مساندة بيت لحم خاصة في خضم احتفالاتها بالأعياد الميلادية المجيدة، واصلا شكره وتقديره لدولة مالطا من خلال ممثليتها لدى دولة فلسطين على مبادرتها بإحضار مغارة ميلاد التي تمّ تركيبها العام الماضي في ساحة الفاتيكان، بطول 14 مترا وعرض 10 أمتار وارتفاع 8 أمتار سيباشر بتركيبها يوم الاثنين المقبل في ساحة المهد، وسيتم افتتاحها يوم 16/12.

وتخلل الحفل فقرة ميلادية لكرستينا سولير وخوانفي بيريز من اسبانيا، واوركسترا الشباب الأوروبيين من ايطاليا مع المرنم التلحمي طارق الزغبي، وتراتيل ميلادية للفنان يعقوب شاهين، وميدلي ميلادي لمرنمي بيت لحم، ورسالة سلام من بيروت من الفنانة عبير نعمه، ومن ثم مباركة الشجرة من قبل رجال الدين قبل إضاءتها .

وشارك في الاحتفال محافظ بيت لحم اللواء جبرين البكري، ووزيرة السياحة والآثار رولا معايعة، ومستشار الرئيس للشؤون المسيحية زياد البندك، ورجال دين مسيحيين، وعدد من السفراء والقناصل والشخصيات الرسمية والاعتبارية، إضافة لحشد شعبي كبير.