النجاح الإخباري - قال وزير العمل مأمون أبو شهلا، إن فلسطين بحلول عام 2030 ستحتاج إلى مليون وظيفة جديدة، وذلك من خلال الاستثمار في أنظمة التعليم، وتحسين مهارات الشباب، وتجهيزهم لسوق العمل، وإيجاد حلول فاعلة لمشكلة معدلات البطالة المرتفعة. 

وأوضح أبو شهلا، أن ذلك بهدف التشغيل وليس التوظيف، وذلك من خلال الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية، بتوفير قروض للشباب والخريجين تصل قيمة القرض الواحد منها إلى 15 ألف دولار، بفائدة 5% كحد أعلى، لإنشاء مشاريع إنتاجية صغيرة، بالإضافة إلى زيادة مراكز التدريب المهني وتطوير القائم منها، والتركيز على التخصصات المهنية والتقنية التي تتواءم مع احتياجات سوق العمل الفلسطينية.

جاء ذلك خلال افتتاحه الاجتماع الثلاثي من أجل تفعيل الحوار الوطني حول "مستقبل العمل" ورسم السياسات في فلسطين، لمناقشة دراسة تحليلية أعدها مركز العالم العربي للبحوث والتنمية- أوراد، من قبل الباحثين د. نادر سعيد، ونيكولاس هايمان، بهدف تحليل الوضع والتحديات التي تواجه مستقبل العمل في المناطق الضعيفة والمتأثرة بالصراعات، سيما فلسطين، ووضع مسؤولي الوزارة، بالإضافة إلى الشركاء الاجتماعيين في قطاع العمل في صورة التغيرات المتوقعة، وأثرها على مستقبل سوق العمل، والتباحث في إمكانية تطوير نتائج الدراسة وتحويلها إلى فرص تنموية يتم استغلالها في المجتمع والاقتصاد الفلسطيني.

وشارك في الاجتماع عدد من مسؤولي الوزارة، والأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، وممثل منظمة العمل الدولية في فلسطين منير قليبو، وممثل الاتحاد الفلسطيني للغرف التجارية والصناعية والزراعية وجمال جوابرة، وممثلين عن مركز أوراد، ولارس جوهانسون مدير البرامج الإقليمي في منظمة العمل الدولية، في فندق الميلينيوم.

وتحدث أبو شهلا عن أهمية وضع سياسات وآليات عمل مستقبلية لسوق العمل الفلسطينية، في ظل الاقتصاد "الهش" الذي تعاني منه فلسطين، نتيجة إجراءات وممارسات الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا على أهمية الشراكة في تحمل المسؤولية من كافة الجهات الشريكة، في ظل النمو السكاني والتغير في الهيكلية الديموغرافية خلال السنوات القادمة، للمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية.

وأكد أبو شهلا أنه دون وجود سياسات تعتمد على دراسات علمية حقيقية للتصدي للبطالة والفقر، سيؤدي إلى ظهور الكساد الاقتصادي في فلسطين والدول المجاورة، مع تنامي معدلات العاطلين عن العمل إلى 400 ألف، سيما أن الحكومة لا تستطيع توفير وظائف لهم بسبب الترهل الحكومي، إضافة للقطاع الخاص الضعيف.

وأشار أبو شهلا إلى أن الحكومة تسعى إلى جلب الاستثمارات لفلسطين لتشغيل المتعطلين عن العمل، وتضافر جهود الوزارة مع الجهات الشريكة لرفع مستوى مهارة العامل بما يتواءم مع احتياجات سوق العمل الفلسطينية، وافتتاح مراكز تدريب مهني وتقني تصل إلى 50 مركزاً، لانخراط الشباب الفلسطيني لتعلم المهن والحرف. 

وقال أبو شهلا، إن فلسطين تمتلك قانون عمل "جيد" مقارنة بالدول المجاورة، كما سيتم العمل على تطويره وتعديله، وكذلك تم انجاز قانون الضمان الاجتماعي، والذي يوفر الأمان لحوالي 950 ألف عامل في القطاع الخاص، وتوفير قانون الصحة والسلامة المهنية، وذلك لإيجاد مؤسسات ذات بيئة عمل ملاءمة.

بدوره، أكد سعد على ضرورة إيجاد سياسات تنموية لمستقبل العمل في فلسطين من خلال تحديث قطاع التعليم والتدريب المهني بما يواكب التطورات التكنولوجية الراهنة، بالإضافة لتعديل القوانين والتشريعات للحفاظ على الحقوق النقابية، وإعادة النظر في كافة مسائل الحماية الاجتماعية، وكذلك خلق بيئة قانونية لتفعيل مساهمة القطاع الخاص في توفير فرص عمل مستدامة.

وأشار لارس إلى ضرورة مراجعة السياسات العالمية لتطوير سوق العمل المستقبلي في ظل المنافسة الاقتصادية، من خلال استخدام الصلاحيات في الدستور، واستغلال الخبرات المتوافرة لتطوير المهارات العمالية، والاستثمار في التعليم والتدريب المهني، في ظل تنامي الاقتصاد الرقمي، وما يترتب عليه من زيادة معدلات البطالة نتيجة الاستغناء عن الأيدي العاملة، ما يخلق تحديات للحماية الاجتماعية، وتوفير آليات عمل لتوفير الأمان للطبقة العاملة، بما يسهم في النهوض بالواقع الاقتصادي العالمي.

من جهته، استعرض مركز أوراد التحديات التي تواجه التخطيط الفاعل لمستقبل العمل في فلسطين، ومنها سياسات العزل الإسرائيلي لفلسطين سواء في القدس أو قطاع غزة، والحواجز العسكرية، وتدمير البنى التحتية، بالإضافة إلى عدم توفر سيطرة فلسطينية على الموارد الطبيعية من أراضي ومياه ومعادن، وكذلك الانقسام الفلسطيني.

كما تناول المركز أبرز التوصيات التي خرجت بها الدراسة، ومنها ضرورة التوجه نحو التعليم المهني والتقني، وتفعيل الريادية من خلال المشاريع الإنتاجية الصغيرة، توفير آليات عمل تنموية دائمة وليست آنية، توحيد الجهود والشراكات ما بين القطاع الخاص والعام، والضغط على الجانب الإسرائيلي لتخفيف القيود على عمليات الاستيراد وتوفير الحقوق العمالية للفلسطينيين العاملين داخل الخط الأخضر،  وكذلك وضع آلية وطنية مبنية على أرقام ودراسات لتطوير مستقبل العمل الفلسطيني، وتقديم الدعم لتطوير قانون النقابات العمالية، بما يضمن تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بسوق العمل الفلسطينية، واستثمار الطاقات البشرية.