نهاد الطويل - النجاح الإخباري - في سيناريو شبيه ببداية عدوان عام (2014)، أقدمت قوّات الاحتلال على تفجير نفق قيد الحفر لسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، ما بين الحدود مع غزة وداخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام (1948)، ما أدَّى إلى استشهاد سبعة شبان فيما تتواصل عمليات البحث عن المفقودين في النفق حتى لحظة إعداد هذا التقرير.

أعمال البحث عن مفقودين داخل النفق لا زالت جارية 

ويأتي هذا العدوان في وقت تواصل فيه مصر متابعة ملف تسليم المعابر لحكومة الوفاق الوطني والمقرَّر اليوم حيث يترقب الشارع الغزي هذا الحدث منذ وقوع الانقسام قبل (10) سنوات.

الحمدالله: لتقوية جبهتنا الداخلية 

رئيس حكومة الوفاق الوطني د.رامي الحمدالله، أكَّد بدوره على ضرورة "التمسك بالوحدة الوطنية وارتقاء الجميع إلى مستوى المسؤولية الوطنية، بتقوية الجبهة الداخلية واستكمال المصالحة في ظلّ استمرار الجرائم الإسرائيلية".

ووصف الحمدالله، ما حدث بالأمس في غزة بالعدوان الآثم داعيًا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته والعمل على حماية شعبنا الفلسطيني الأعزل.

وكانت الفصائل قد عقدت الليلة الماضية بشكل طارىء اجتماعاً لتقييم الوضع وأجرت اتصالات مع القاهرة.

يأتي ذلك، في وقت جرى فيه اتصال بين إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، ورمضان شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، حيث أعرب هنية عن تضامن حركته الكامل مع حركة الجهاد، والوقوف إلى جانبهم في هذه المحطة المهمة.

واستعرضا خطورة وتداعيات الجريمة الإسرائيلية وأهداف الاحتلال من ورائها في محاولة لخلط الأوراق في الساحة الفلسطينية. وبحثا سوياً التطورات الجارية في ضوء الاتصالات التي تلقتها الحركتان. في إشارة للاتصالات المصرية.

فتح: خلط أوراق

في السياق نفسه، أدانت حركة فتح الجريمة الإسرائيلية البشعة.

وقال نائب أمين سر المجلس الثوري للحركة فايز أبو عيطة، في تصريح صحافي: "إنّ هذه الجريمة تأتي في سياق خلط الأوراق وتوتير الأجواء لإفشال المصالحة، مشدّدًا على ضررورة المضيّ في تنفيذ اتفاق المصالحة وهو الرد الأمثل على هذه الجريمة.

فيما قالت مصادر إسرائيلية: "إنَّ مصر نجحت بمنع وقوع رد فلسطيني عقب عملية التفجير. مشيرةً إلى أنَّ إسرائيل أوضحت لمصر أنَّ التفجير حصل داخل مناطق تقع تحت سيطرتها، ولم يكن داخل القطاع، وأنَّها لم تكن تهدف لقتل أي من المقاومين". وفق زعمها.

يأتي ذلك في الوقت الذي تسير المصالحة فيه بهدوء شديد  وتتقدم بشكل مقبول بالنسبة لحركتي "فتح" و"حماس".

سيناريو (2014) يتكرّر ..

وبهذه الجريمة يتكرّر تقريباً ما حدث عام (2014)، حينما أدَّت عملية "الجرف الصامد" إلى تخريب نتائج الاتفاق بين "فتح" و"حماس" (اتفاق الشاطئ) بعد (51) يوماً من المواجهة. 

ورأى المحلل والكاتب نضال سلامة، أنَّ ثمَّة مقاربة واقعية لما حدث بالأمس وما حدث قبل ثلاث سنوات عقب اتفاق الشاطىء بين حركتي حماس وفتح.

وقال سلامة لـ"النجاح الإخباري" الثلاثاء: "إنّ اندلاع حرب جديدة قد يؤدي أيضاً إلى إجهاض الاتفاق الأخير في القاهرة، وهو ما سعت إليه دولة الاحتلال لخلط الأوراق عبر استدعاء حرب جديدة قد تؤدي أيضاً إلى إجهاض الاتفاق الأخير في القاهرة".

وتوقع سلامة، أن تزيد جريمة أمس إلى جانب محاولة الاغتيال الفاشلة في غزة مسؤول أجهزة الأمن التي شكلتها حركة حماس توفيق أبو نعيم إصرار الأشقاء على المضي قدماً في مسار الوحدة الوطنية. 

بدوره يؤكّد  المحلل السياسي علي حيدر، أنَّ الجريمة استهدفت عملياً المصالحة الفلسطينية، خاصة في ظلّ الوضع الجديد لحركة "حماس"والتزامها بتسليم المسؤولية عن المعابر في غزة لحكومة الوفاق الفلسطينية، غداً الأربعاء، من جهة أخرى.

ويرى، أنَّه من الواضح أنَّ إسرائيل نفَّذت جريمتها على"توقيت المصالحة ".

وقال حيدر، في تعليق له: "إنَّ صنّاع القرار السياسي والأمني في تل أبيب راهنوا على أنَّ الظرف السياسي الفلسطيني الداخلي (المصالحة) قد يشكّل قيداً على المقاومة، وتحديداً "الجهاد الإسلامي"، في الردّ بما يتناسب على العدوان."

سقف التصعيد منخفض ..

وإدراكاً منه لحجم الجريمة التي ارتكبتها، عمد جيش الاحتلال إلى رفع مستوى الجهوزية والاستعداد، وأعلن نشر بطارية قبة حديدية في جنوب فلسطين المحتلة و"غلاف غزة"، مؤكّداً أنَّه مستعد لمواجهة أيّ تصعيد بنقل قوّات قرب القطاع من عدّة ألوية تابعة للمشاة والمدرعات، كذلك أعطى تعليمات للمستوطنين بالبقاء في المنازل.

لكنَّه في الوقت نفسه، وجّه رسائل بأنَّه غير معني بالتصعيد، وهو ما أعلنه مراسل القناة العاشرة، أور هيلر، إذ قال: "إنَّ إسرائيل توجَّهت إلى مصر طالبةً تدخلها لمنع حدوث تصعيد مع القطاع، لكون الحدث وقع داخل إسرائيل".


المعابر"قيد التسليم" ..

ونقلت وكالة"سبوتنيك" الروسية عن مصدر أمني قوله: إنَّ السفير المصري لدى السلطة، سامي مراد، ومعه اللواء في "المخابرات المصرية" همام أبو زيد، قرّرا في زيارة غير مخطّط لها سابقاً، أن يصلا غزة صباح اليوم، عبر حاجز "بيت حانون ــ إيريز"، للقاء الفصائل وتثبيت التهدئة، كما سيشاركان في عملية تسليم معابر القطاع لحكومة "الوفاق الوطني".

وكشفت مصادر مصرية عن وصول وفد يرأسه مدير "هيئة المعابر الفلسطينية"، نظمي مهنا، إلى القاهرة، برفقة وفد من الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الوفاق الوطني.

 وقالت تلك المصادر: إنَّ الوفد الفلسطيني التقى مسؤولين مصريين لبحث آليات تسلُّم معابر قطاع غزة كافة، تمهيداً لتطبيق بند اتفاق المصالحة الخاص بالمعابر الذي ينص على تسلُّم السلطة إدارة المعابر ابتداءً من مطلع تشرين الثاني.

وكانت حركة حماس أعلنت في وقت سابق جاهزيتها لتسليم إدارة المعابر للحكومة بصورة كلية تضمن إشرافها على الحركة فيها وجمع الإيرادات التي ستودع في صندوق الحكومة لتتحمل بذلك المسؤولية تجاه القطاع.

ما تقدَّم يدفع المراقبين إلى التساؤل عن التوقيت الذي اكتشفت فيه إسرائيل النفق، وهل انتظرت توقيتاً يُمكِّنها من إسقاط هذا العدد من الشهداء وتوجيه رسالة سياسية قاسية تستثمر عبرها الرهان على المصالحة كعامل ترى فيه إسرائيل بأنه كاف وكابح للمقاومة عن الرد؟