طلال عوكل - النجاح الإخباري - لحذر الشديد من ضخ امال كاذبة، او التبشير بخيبة امل اخرى، بعد عشرات خيبات الامل تجعل العقلاء ينتظرون، الى ان يظهر الخيط الابيض من الخيط الاسود. قبل ايام نشرت مواقع التواصلالاجتماعي، ما يشبه الاتفاق على تنفيذ المصالحة، استنادا الى اتفاق 2017، مما شكل مادة لتنشيط عمل الصحفيين و رواد شبكة التواصل، باحثين عن من يؤكد حدوث ذلك الاختراق، او نفي ما جاء فيه.

ما عزز تلك التساؤلات المتفائلة، ما تحدث به النائب الدكتور سمير غطاس، و الذي يتطابق الى حد كبير مع ما جاء في تلك التسريبات، خصوصا و ان الدكتور غطاس، كان لفترة طويلة جزءا من الحالة الفلسطينية، و لم يتوقف عن الاهتمام بتفاصيلها حتى بعد ان استقر في مصر. تمنيت لو ان الاطراف انخرطت فعليا في حوارات نشطة بعيدة عن الفضوليين و وسائل الاعلام، تتوقف خلالها التصريحات و الوعود و الاتهامات، الى ان يتم التوصل الى اتفاق حاسم مضمون تنفيذه.

ما زلت لم اقطع الامل في ان يكون ما تم تسريبه من معلومات عن الاتفاق بشأن المصالحة ما يزال قائما، و ان تكون الاطراف المعنية قد استفادت من تجربة الحوارات و الوساطات، التيراكمت الكثير من خيبات الامل، الاتفاق المزعوم الذي تم تسريبه يتسم بالمنطقية و يشكل فعلا مخرجا مقبولا للازمة. الاتفاق يتحدث عن تمكين حكومة الدكتور اشتيه و يتبع بعد ذلك لدعوة من قبل الرئيس لقادة الفصائل ينجم عنه اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، تكون مسؤولة عنالاشراف على اجراء الانتخابات وفق جداول زمنية معقولة. في تصريح للسيد موسى ابو مرزوق عضو المكتب السياسي لحركة حماس من موسكو، تحدث عن توافق فلسطيني على ما يقرب من خمسة و ثمانين في المئة من القضايا.

اذا كان هذا صحيح و هو صحيح في ما يتصل بالقضايا و الملفات السياسية اساسا، فان السؤال اذا على ماذا يختلفون، و لماذا يستمر الانقسام كل هذا الوقت؟ ان مثل هذا التصريح او الاعتراف الدقيق، الذي يدركه المواطن العادي، انما يحمل الاطراف المعنية عن استمرار الانقسام بالرغم من معرفة طبيعة العوامل و التدخلات الخارجية السلبية. ماذا ينتظر اصحاب الحسابات الفصائلية الخاصة، بعد ان دخل القاتل الى غرفة النوم، ام ان شعور هذا الفصيل او ذاك بخطر داهم على وجوده سيكون هو نقطة الحسم؟

نأمل الا تقع الاطراف او ايا منها في خطأ الحسابات مرة اخرى لان الثمن سيكون باهظا، و نحن كشعب فلسطيني، نحتاج الى وجود الكل و جهد الكل حتى نتمكن من درء المخاطر او على الاقل تخفيفها او تبطيء حركتها و اليات فعلها. نحذر في هذا السياق من ان يستمر الادعاء، او المراهنة على امكانية افشال المخطط الامريكي الاسرائيلي، بينما حال الفلسطينيين على ما هو عليه. في الواقع مضى وقت طويل، على الحوارات و اللقاءات و الوساطات الفاشلة في تحقيق المصالحة، بدون ان يجرؤ اي طرف موضوعي على الاعلان الطرف المسؤول عن الفشل.

في هذه المرة و انطلاقا مما تسرب من معلومات عن اتفاق عبر شبكة التواصل، و المواقع الاخبارية، لا بد من ان يتم وضع الناس في صورة المسؤول عن الفشل، ان كان ثمة حقيقة في ما يقال، او ان كان كل ما نشر لا اساس له من الصحة. الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية لا تسمح باستنزاف المزيد من الوقت، ولا تسمح بإغماض العيون عن الطرف المسؤول عن الفشل، فالتاريخ سيحاسب المسؤول عن الفشل و المتواطئ معه و المتستر عليه. ثمة قيمة و اهمية خاصة لاستمرار و تنشيط الدور المصري لتقريب وجهات النظر، و لكن مرة اخرى فان اساس النجاح او الفشل يعود على الاطراف الفلسطينية، و ما الاشقاء المصريون سوى عامل مساعد و ضامن لأي اتفاق لا اكثر و لا اقل.