طلال عوكل - النجاح الإخباري - تباعا تجري الانتخابات الطلابية في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية، على نحو يرسم مشهدا جميلا في إطار المشهد العام، الذي لا يسر صديقا ولا يكيد عدوا. نتائج الانتخابات مهمة بالتأكيد في مجال تحقيق المشاركة، وحتى في مجال تعرف الفصائل على موازين القوى فيما بينها، وحجم كل فصيل بعيدا عن الادعاءات، فضلا عن أن كل فصيل عليه أن يقيم من خلال النتائج مدى صلاحية برامجه ونشاطاته.

من خلال نتائج هذه الانتخابات نلاحظ تقدم حركة فتح في عدد من الجامعات، ولأول مرة منذ أربع سنوات، تتقدم بنحو سبعين صوتا عن حركة حماس في جامعة بير زيت. المشكلة الأساسية عند الحديث عن نتائج انتخابات طلبة جامعة بير زيت، وفي كونها واحدة من أهم الرمايا الحقيقية لاتجاهات الرأي العام، خصوصا بما تتميز به هذه الجامعة العريقة من مكانة أكاديمية ومجتمعية، وباعتبارها بعيدة عن شبهة الاتهام العام للتيار الإسلامي أو التيار الوطني. بهذا المعنى فإن فوز حركة فتح، بالتصويت وليس بعدد المقاعد، ينبغي أن يدق بقوة أجراس التنبيه للحركة باعتبارها حركة الشعب الفلسطيني، وحاملة مشروعه الوطني، والفصيل الذي كان في زمن سابق يحقق فوز حاسما وبنسب مرتفعة على كل فصائل منظمة التحرير، وفي مختلف الاتحادات والنقابات والمؤسسات الشعبية. ما يثير الشجن أن تجري مثل هذه الانتخابات بشكل دوري في جامعات الضفة، بينما تغيب تماما عن الجامعات في قطاع غزة، وهي ملاحظة برسم حركة حماس التي تسيطر على السلطة في القطاع.

يحسب لجامعة بير زيت أنها منذ وقت مبكر جدا واظبت على الالتزام بمواعيد إجراء الانتخابات، والأهم اعتمادها نظام التمثيل النسبي الكامل، باعتباره الأفضل في تحقيق الشراكة. في هذا السياق من المحزن أن يستمر النهجالفردي لدى الفصائل التي أعلنت قبل أشهر قليلة، شراكتها في إطار التجمع الديمقراطي الذي يضم خمسة فصائل. من حيث المبدأ يفترض تأسيس هذا التجمع خوض الانتخابات النقابية من خلال قوائم مشتركة، من أجل تعزيز فكرة التجمع حتى لو كانت بمستوى التنسيق و حتى لو كان المطلوب أكثر من هذا الحد الأدنى. الفكرة تذهب إلى ضرورة تعزيز مصداقية الهدف من تشكيل هذا التجمع الذي تأخر كثير، ويقدم رسائل واعدة في ظل الانقسامات الفلسطينية القادمة.

إن تراكم المؤشرات السلبية إزاء إمكانيات تحقيق التنسيق بين أطراف التجمع، لا يمكن أن يخدم رسالته التوحيدية، بل ومن شأنه رسالة التجمع إزاء المطالبة بإنهاء ملف الانقسام، والدعوة لاستعادة الوحدة. الغريب في الأمر أن فصائل التجمع الديمقراطي باستثناء الجبهة الشعبية لم تتجاوز نسبة الحسم، ليس في الانتخابات التي جرت حديثا وحسب وإنما في انتخابات سابقة، الأمر الذي كان ينبغي أن يحفز تلك الفصائل للمشاركة بالانتخابات من خلال قائمة مشتركة فيما بينها.

إن مثل هذه القائمة المشتركة قد لا تضيف لما سيحصل عليه أطرافها أكثر من مقعد، لكن الأهم هو الرسالة والهدف الذي يصدر عن هذا السلوك. أفترض أن على فصائل التجمع الديمقراطي أ، تستوعب الرسالة السلبية التي تنجم عن استمرار سياسة البحث الانفرادي عن مواقع عصبوية، كان أخرها مشاركة بعض فصائل التجمع في حكومة الدكتور محمد اشتية، بعيدا عن الموقف العام. هذا الانتقاد لا يمس طبيعة تشكيل تجمع وقصر التجربة ولا يمس حق كل فصيل في أن يمارس مواقف قد تتعارض مع الآخرين،ولكن نفترض أن ممارسة هذا الحق له علاقة أساسية بقضايا تمس برنامج هذا الفصيل أو ذاك.

أخيرا فإن رسالة الانتخابات الطلابية ينبغي ان يحفز أصحاب القرار إلى أهمية تفجير طاقات الجماهير الشعبية بكل مسمياتها، في مواجهة المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية ويتعرض لها الشعب الفلسطيني بأسره. أخيرا أفترض أن انتخابات طلابية ديمقراطية لا يمكن أن تكون محكومة للتسيس عند تشكيل مجلس الطلبة ذلك أن الأهم هو مصالح الطلاب والحياة الجامعية.