طلال عوكل - النجاح الإخباري - لم يكن ولن يكون مفهوما، استمرار المراوحة والتعطيل في موضوع إغلاق ملف الانقسام الفلسطيني، إلى كل هذا الوقت رغم مرور إثني عشر عاما على الانقلاب الحمساوي. كم مرة أخضع الطرفان فتح وحماس هذا الملف للحوار، الذي يبدو حتى الآن وكأنه تحول إلى حوار طرشان؟ كم طرف توسط للمساعدة في معالجة هذا الملف، بغض النظر عن خلفيات وأهداف كل طرف من المتدخلين، وكم مرة أصيب الجمهور الفلسطيني بالخذلان والإحباط وخيبات الأمل، حتى استنزف طاقته على الصبر فلم يعيد الحد الأدنى من الاهتمام لكل ما يصدر من أخبار وتصريحات عن الحوارات والمصالحة؟ الكل يدرك مدى خطورة المرحلة، وطبيعة المخططات التي تستهدف القضية والحقوق والشعب الفلسطيني بما في ذلك فصائل العمل السياسي، والمؤسسات الوطنية، والكل يعلن تحديه ومقاومته لتلك المخططات بدون أن يغمض طرفي الانقسام أعينهما عن الصراع فيما بينهما، ولا يتباطأ كل منهما عن محاولة تركيع الآخر. يبدو أن الطرفين يراهنان على أن هذا الصراع فيما بينهما لا يمكن أن يؤدي إلى تمرد كبير أو ثورة ضد الآخر في مكان سيطرته، فلكل طرف حساباته وأدواته في السيطرة وكبح جماح الطرف الآخر. المهم أن الشعب الفلسطيني الذي يتجرع مراراة العدوان الإسرائيلي المستمر، ويتجرع مرارة الانقسام والآثار الناجمة عن ذلك، المهم أن هذا الشعب لا يزال يقف صلبا وصامدا في وجه المخططات الأمريكية الإسرائيلية، ويبدي كل يوم استعداده للتضحية. ينبغي أن لا تتجاهل القيادات الفلسطينية سؤال ماذا سيكتب التاريخ عن هذا الانقسام ودور الفصائل والقيادات السياسية، في مواجهة المخططات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية. ينبغي لهؤلاء أن يتذكروا، كم ساهم الصراع القبلي بين القيادات والأحزاب الفلسطينية قبل عام 1948 في تسهيل فرض المخططات الصهيونية ونجاحها في إقامة دولة إسرائيل.

حين تستعرض عناوين الخلاف تخرج بنتيجة واضحة وهي ان الصراع والانقسام يقوم على السلطة والمحاصصة، والسيطرة على القرار والمؤسسة. يتفق كل الفلسطينيين على كل عناوين الصراع مع المخطط الأمريكي الإسرائيلي من صفقة القرن إلى القدس واللاجئين والاستيطان والأسرى والخان الأحمر والعدوانات على قطاع غزة. وكلهم يتحدثون بلسان واحد في مواجهة كل هذه المخاطر، إذا أين تكمن المشكلة؟ على الرغم من الحذر الشديد الذي ينتاب أي مراقب أو محلل سياسي، أو حتى قائد حزبي حين يتحدث بتفاؤل عن موضوع المصالحة إلا أنني أغامر بالاعتقاد أن الفلسطينيين أمام فرصة جديدة وجدية تنطوي على تفاؤل بإمكانية البدء بمعالجة هذا الملف. بعد كل هذا الوقت من الاتفاق الأخير في اكتوبر من العام المنصرم، يبدو أن الأشقاء المصريون قد نجحوا في أن يضعوا رزنامة مقنعة للطرفين أو قريبة من إقناعهما، بما يمكن اعتباره خارطة طريق تحد الخطوات المتتابعة وفق رزنامة وقت، يعرف من خلالها كل طرف ما له وما عليه وإلى أين ستستقر الأمور. وفي الواقع فإن تكفل قطر بدفع مرتبات موظفي حركة حماس لستة أشهر، سيساهم في معالجة جزئية مهمة كانت واحدة من أسباب التعطيل. فضلا عن ذلك فإن الأخبار تشير إلى أن الجهد المصري لتحقيق انطلاقة في ملف إنهاء الانقسام، تحظى موافقة ودعم المملكة العربية السعودية. أي ان الغطاء العربي لإنهاء هذا الملف متوفر ويتجاوز فقط الدور المصري، ويؤمن الحماية والدعم السياسي والمالي واستمرار الرعاية. والحال أنه لا سبيل للفلسطينيين سوى أن يتفاءلوا ويوفروا الدعم الشعبي والوطني اللازم، لإنجاح الجهد المشكور الذي يواصله الشقيق المصري، الذي نأمل أن لا تصيبه لعنة خيبات الأمل والإحباط وبالتالي الانكفاء.