نابلس - تمارا حبايبة - النجاح الإخباري - ما إن تحط قدمك في مدينة نابلس والبلدة القديمة على وجه الخصوص حتى تسمع أصوات الأناشيد الدينية تصدح أمام المحلات وفي البيوت والشوارع، هنا حلوى الملبس على لوز، وهناك الشبابيك تزدان بأعلام الزينة، تاجر يتسابق لكسب الصلاة على النبي محمد، و وروائح البخور يفوح عبيرها في كل مكان، لترسم بذلك لوحة فنية ليس لها مثيل في نظيراتها، و إن اختلفت تتشابه الروح فيها وتشترك في جو من الألفة  والسلام ينتشر ما انتشرت أصوات الدفوف والمادحين.

عادة تميز مدينة نابلس

يتحدث المؤرخ رفيق حداد (70) عاماً لـ"النجاح الإخباري" ويقول:" الاحتفال بالمولد النبوي عادة قديمة تميز نابلس عن بقية المحافظات، وتتجلى مظاهر جميلة في هذا اليوم والذي اعتدنا عليه منذ الصغر".

ويضيف: "زمان كانت تقام الولائم في بيوت الأغنياء والمشايخ  للفقراء، وتقرأ قصة المولد مع ترديد الاناشيد الإسلامية، و في نابلس  يبدأ اهاليها منذ ساعات الصباح الأولى بتوزيع الحلوى على الزبائن والمارة، طالبين منهم الصلاة على الرسول محمد، فيما تترد أصوات المدائح والأناشيد الدينية،  من المساجد".

وتابع حداد: "هناك  فرق تسمى "العدة" تتبع الطرق الصوفية وتسير في  شوارع المدينة بعد صلاة العصر، ويرددون المديح النبوي، على وقع قرع الدف".

دقة الشيخ نظمي "التدماني"

"الله حي" و "صل ع الرسول" عبارات ارتبطت بدقة الشيخ نظمي أو التدماني (لقب الشيخ نظمي) الموجودة في مدينة نابلس والتي تحتفي بالمناسبات الدينية ومنها المولد النبوي متخللة فيها دقات الطبول والدف، فرقة مكونة بما لا يقل عن 12 شخص استطاعت أن تكون على رأس الاحتفالات الدينية في البلدة القديمة و أن تترك أثرا في قلوب زائري المدينة عند حضورهم اياها.

يقول المؤرخ  للتاريخ النابلسي رفيق حداد": دقة الشيخ نظمي هي من الفرق الصوفية التي ظهرت منذ زمن وهي إحدى مظاهر التمسك في استخدام الموسيقى في الإسلام ، حيث يستخدمون الدفوف والطبول بايقاع يصاحبه ذكر الله".

ويتابع:" اعتدنا في نابلس ان تسير فرقة الشيخ نظمي لتصل الى مسجد الحنبلي في البلدة القديمة و الذي يحتوي على شعرات النبي محمد والتي لا يخرجونها إلا مرتين في العام ، ليلة القدر و مولده عليه الصلاة و السلام، والتي يجتمع المحتلفون للتبرك بها".

 

المواطنة نسرين البوز،  تسترجع ذكريات الاحتفال بالمولد وتقول: "عادات نابلس في احتفالات المولد ما في اجمل منها الله يرحم أمي وأبي  كانوا يعزمونا عندهم يوم المولد ويجيب الوالد كنافه او فطير ونحتفل اجمل ايام كانت الله يعيدو علينا وعلى امة محمد بالخير واليمن والبركات".

بينما تصف سرين عبد الله  نابلس في هذا اليوم بأنها أبهى ما تكون  فتقول: "من احنا صغار  متعودين ننزل عالبلد القديمة يوم المولد ونشوف عدة الشيخ نظمي، ووين ماتمشي الحلويات والملبس والتوفي محطوطة بصواني والكل بصيح صلي عالنبي وخدي حبة وبناتي هلا مستحيل يفوتوا هاليوم بدون نزلة البلد القديمة".

اما سامية علاونة فتردف قائلة بأن هذا اليوم للتزوار ايضا الأم بتزور بنتها وبتجبلها هدية ولازم نعمل  أي نوع من الحلويات.

مظاهر الاحتفال لا تقتصر على الشوارع والساحات بحسب رنين البزرة، انما تتعدى لتصل الى مدراس الأطفال وتضيف: "أحلى يوم، يوم المولد النبوي بنابلس بنجهز للأطفال سلة حلوى ليوزعوها بالمدرسه ضمن الاحتفالات قبل بيوم وبيوم المولد بتكون البلد بتجنن وين ما تتحركي بتكون موشحات دينيه وزينه والاولاد كتير بنبسطو على المشي واخد الحلويات من الناس وهما بصلوا ع النبي بتحسي جد انه يوم عيد احلى من اي يوم عادي ، وان شاء الله السنة ما بتغير شي على هيك احتفال مع اجراءات كورونا".

توقعات بازياد وتيرة الاحتفال بالمولد

النجاح الاخباري استطلع اراء بعض المواطنين، بطبيعة الاحتفالات لهذا العام، حيث أكدوا  أن وتيرة الاحتفال في ارتفاع متزايد ردا على الإساءات التي يتعرض لها النبي  محمد صل الله عليه وسلم من طرف بعض وسائل الإعلام الغربية بدعوى حرية التعبير.

ويؤكد الشيخ الشاب مسعود كوني لـ"النجاح الاخباري "بأن استشعار حبّ النبي صلى الله عليه وسلم لا يكون يوما واحدا في العام، وليس فقط عندما يتعرض النبي أو الاسلام للإساءات إنّما هو مصاحب للمحبّ له في كل يوم، ويضيف:" مما هو مؤسف حقّا أنْ نتفاعل لحبّه في هذا اليوم فحسب ثمّ ننسى سنّته وهَديه في كل يوم!".

ويضيف:" الذي نريده من ذكرى المولد أن يكون مجدّدا لنا في حبّنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومثبّتا لنا على التمسك بسنّته، وصَدَق مَن قال: إنّ المحبّ لمن يحب مطيع".

وتابع:" وأصدق من ذلك وأجلّ قول الله تبارك وتعالى: (قل إنْ كنتم تحبّون الله فاتّبعوني يحببكم الله) فالآية حدّدت علامة صدق المحبة أنها تكمن في الاتّباع والامتثال".