نابلس - ميساء أبو العوف - النجاح الإخباري - يرى محللون سياسيون أن توقيع اتفاق الهدنة الذي جرى يوم أمس بين "اسرائيل" وحركة حماس، جاء نتيجة للأوضاع الاقتصادية والصحية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة خاصة بعد تفشي فيروس كورونا في القطاع، وعدم قدرة حماس على توفير الحد الادنى من احتياجات المواطنين، وأيضا من أجل الزام دولة الاحتلال بتنفيذ الالتزامات والتفاهمات التي وقعت عليها سابقا سواء بوساطة قطرية او مصرية.

وأوضحوا في أحاديث ل" النجاح الاخباري"، أن الفصائل شريك مع حركة حماس حتى لو  لم يصدر منها صوت بالرغم من تحفظ بعض هذه الفصائل على وجود العمادي كوسيط في التهدئة.

وكانت حركة المقاومة الاسلامية "حماس"، قد اكدت مساء أمس الاثنين، أنه بعد جولة حوارات واتصالات كان آخرها ما قام به الممثل القطري السفير، محمد العمادي، تم التوصل إلى تفاهم لاحتواء التصعيد ووقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.

الفصائل شريكة مع حماس في اتفاق الهدنة

المحلل السياسي مصطفى ابراهيم، يرى أن هذا ليس اتفاق هدنة  بل استمرار للتفاهمات التي تهربت منها دولة الاحتلال خلال الفترة الماضية، وأن حركة حماس اختارت منذ البداية طريق المقاومة الشعبية من خلال البالونات الحارقة ، مضيفا أن دولة الاحتلال كانت تتهرب وتحاول ابتزاز غزة وحماس والمقاومة الفلسطينية من خلال عدم التزامها بالتفاهمات التي وقعت في نهاية شهر ديسمبر 2019.

وتابع في حديث ل"النجاح الاخباري" قائلا: "حماس شعرت ان الاوضاع الاقتصادية في قطاع غزة صعبة ولن تستطيع توفير الحد الادنى من احتياجات المواطنين، اضافة الى مماطلة "اسرائيل" بتنفيذ التفاهمات التي جرت برعاية اممية وقطرية ومصرية في السابق لذا هي ارادت ان تلزم الاحتلال الاسرائيلي بتنفيذ الالتزامات والتفاهمات التي وقعت عليها سابقا بتلك الوساطة.

ويعتقد ابراهيم ان فترة التصعيد والتي استمرت نحو شهر جاءت في ظل دخول كورونا الى قطاع غزة مما زاد من اوضاع القطاع سوءا في وقت عززت "اسرائيل" من العقوبات الجماعية وتشديد الحصار، واغلاق المعابر ومنع دخول الوقود الى محطة توليد الكهرباء الامر الذي أثر بدوره على قدرة القطاع الصحي وعمل المستشفيات، وبالرغم من ذلك استمرت حماس بالضغط وبطريق الوساطة القطرية الى ان وافقت دولة الاحتلال على  اعادة الالتزام بالتفاهمات السابقة وزيادة المنحة القطرية.

وفيما يتعلق بموقف الفصائل من الاتفاق، أوضح المحلل السياسي مصطفى ابراهيم أن الفصائل شريك مع حماس حتى لو  لم يصدر منها صوت بالرغم من تحفظ بعض الفصائل على وجود العمادي، لكن هي شريك لحركة حماس في المقاومة ، وكان هناك تصريحات خلال الايام الماضية وبيانات مشتركة من ما يسمى غرفة العمليات المشتركة.

وأردف: "الفصائل كانت تدين عدم التزام اسرائيل بالتفاهمات التي جرت لكن اعتقد ان الفصائل الفلسطينية موافقة وكانت تدرك ان هذه الجولة من المقاومة الشعبية والبالونات الحارقة هي للضغط على دولة الاحتلال للالتزام بالتفاهمات التي تنكرت لها وتنصلت منها ".

ولفت الى ان الاحتلال حاول ابتزاز المقاومة في ظل جائحة كورونا التي اعتبرت مدخل جديد في قطاع غزة يهدد الاوضاع الصحية والاقتصادية في القطاع الامر الذي عجل ما تم الاتفاق عليه بواسطة قطر.

وأوضح أيضا أن حماس هي من تحكم قطاع غزة وهي التي تدير القطاع وهي اكبر فصائل المقاومة في غزة ، وبالتالي هي تستخدم مصطلح المقاومة لمحاولة تجميع الكل الفلسطيني، وهناك شركاء لها سواء الجهاد الاسلامي او الجبهة الشعبية او الديمقراطية وهذا ربما تجسد في مسيرات العودة حيث كان هناك مشاركة من معظم فصائل العمل الوطني الفلسطيني.

أسباب تأجيل الاتفاق

من جهته أكد المحلل السياسي هاني حبيب في حديث ل" النجاح الاخباري"، أن هذا الاتفاق جاء بعد وقت طويل من التوترات والتصعيد الذي كان على تخوم قطاع غزة بين وقت واخر، اثر عدم التزام دولة الاحتلال بالإيفاء بتعهداتها للوسطاء سواء المصريين او القطريين وبالتالي هذه المرة كان هناك رهان على ان تنتهي في غضون 5 أو6  ايام  اذا ما استمر التصعيد لأكثر من اسبوعين وهو أمر غير معهود كما كان في المرات السابقة.

ويعتقد ان ذلك يعود الى سببين الاول، وهما، ان دولة الاحتلال كانت مشغولة في مرحلة الاهتمام بالتطبيع العربي مع دولة الامارات وبالتالي منحة نفسها فرصة لتؤجل كل مرة الردود على الوسيط القطري، واتخذت من عملية التطبيع إشارة لها وكأن الفلسطينيين باتوا أكثر عزلة وبالتالي هم أكثر ضعفا خاصة في قطاع غزة مما يخولها تأجيل التوصل الى اتفاق.

وثاني هذه العوامل هو جائحة كورونا التي انتشرت في الايام الاخيرة واعتقدت دولة الاحتلال انها تشكل أحد اشكال الابتزاز خاصة وان القطاع يشكو من ندرة الاجهزة اللازمة لمعالجة المصابين واجراء الفحوصات للكشف عن فيروس كورونا.

وأضاف:" انه نتيجة لذلك كان التأجيل لكن في نهاية الامر كما هو معروف تم التوصل الى اتفاق وهو اتفاق لا يخلو من تكرار للتفاهمات السابقة لكن هذه المرة  كما قالت بعض وسائل الاعلام على دولة الاحتلال ان تفي بتعهداتها خلال شهر والا سيكون هناك عودة لها وبالتالي هذا عنصر جديد لوضع الاتفاق لعملية تقويم زمني وإلا عادت الامور إلى ما كانت عليه".

وأشار الى ان حركة حماس هي التي تدير الوضع بكامله والجميع يعلم ذلك. فالمحرك الاساسي في قطاع غزة هو حماس، وبعض الفصائل تشير إلى أن المطالب الفلسطينية يجب أن تكون ذا طبيعة سياسية وليست ذا طبية انسانية. حيث ترى عدة فصائل بأن التحول من المطالب السياسية إلى المطالب الانسانية هو لخدمة الاحتلال ولا يؤدي إلى إيجاد حلول حقيقية  باعتبار أن هذه التفاهمات او كما تسميها "اسرائيل" تنازلات هي جزء لا يتجرأ من التزاماتها باعتبارها دولة احتلال.

حشد الساحة الفلسطينية

وفي سياق متصل يرى المحلل السياسي أسامة عثمان، أن وضع دولة الاحتلال وانشغالاتها الداخلية بالنسبة للاحتجاجات المستمرة على نتنياهو وأيضا التقدم بشكل  ملحوظ في علاقات التطبيع مع دول عربية كالإمارات، وتوسيع هذه الدائرة  نحو دول أخرى مأمول انضمامها كالسودان والبحرين بحسب ما يتردد على لسان مسؤولين "إسرائيليين"، والتصعيد الذي شهده القطاع في الفترة الاخيرة لم يكن خطيرا لدرجة ان يستوجب حرب.

وتابع في حديث لـ "النجاح الاخباري: "الوضع في القطاع لم يتغير جوهريا بالنسبة لوجود المقاومة وأسلحتها فهو وضع قائم من قبل، كما أن البالونات الحارقة التي سببت حرائق في غلاف غزة والمستوطنات المحيطة بالقطاع، لم تكن أمرا مزعجة إلى حد التصعيد".

وأوضح أنه في اتفاقات سابقة يكون هناك توافق بين الفصائل وهذه المرة ايضا قد يكون حدث ذلك لكن لم يخرج للاعلام فلم نسمع في الاعلام اي اعتراض من الفصائل، الامر الذي يفسر ان هناك نوع من الموافقة ولم يتم اظهارها للاعلام.

وقال عثمان:" إن معظم الفصائل في غزة غير معنية في حرب واسعة وهو أمر متفق عليه عند الجميع بان غزة لا تحتمل حروب ولكن إذا فرضت عليها الحرب ولا بد منها فإنها تخوضها لكن لا تسعى إليها.

وبالنسبة لاستخدام حركة حماس لمصطلح "المقاومة" أحيانا وفي أحيان أخرى تقول "حماس"، بيّن انه لا يمكن النفي عن محاولة أي فصيل من فصائل المقاومة الاستفادة من بعض الاعمال والانجازات من أجل حشد الساحة الفلسطينية لصالحه.

وتابع قائلا:" هذه الأجندة الخاصة لا نستطيع نفيها تماما وقد يعود ذلك لطبيعة الظرف نفسه فقد يكون توافقي وبالتالي تذكر فصائل المقاومة ومرات أخرى يكون التوجه نحو إبراز الحركة نفسها ذلك يعتمد على الظرف والحدث نفسه."

ولفت إلى أن ما يهم أي فصيل هو حفظ ماء الوجه والخروج باتفاق مشرف ولا ينتقص من صورته وقوة الردع له.

يذكر أن اتفاق التهدئة نص على أن يشمل دفع قطر المنحة عن الشهرين الماضيين، إضافة إلى تقديم منحة مالية أخرى بسبب فيروس كورونا في غزة.

كما شمل الاتفاق، إعادة الاحتلال الإسرائيلي فتح معبر كرم أبو سالم التجاري، أمام تدفق البضائع والوقود وإعادة مساحة الصيد كما كانت سابقًا.

في حين لم يتم الاتفاق بعد على أي مشاريع وسيكون هناك مفاوضات بشأنها لاحقاً. شريطة أن توقف حركة حماس اطلاق البالونات الحارقة والصواريخ.