نابلس - ميساء أبو العوف - النجاح الإخباري - أجواء مفعمة بالفرح والسعادة كان يفترض ان يعيشها المواطنيين خلال هذه الايام الفضيلة من شهر ذي الحجة استعدادا للاحتفال بعيد الاضحى المبارك، ففي كل عام يعمل الأهالي على تأمين مختلف احتياجات ومستلزمات العيد من ثياب وأغذية وحلويات، لكن الظروف الاستثنائية التي يعيشها الفلسطينون بسبب انتشار فيروس كورونا خلقت حالة من الارباك والخوف لديهم ، وما نتج عن تلك الجائحة من ترد للاوضاع الاقتصادية، والتي أثرت بشكل أساسي على الحركة الشرائية وجعلتها معدومة الى حد ما.

لا يفصلنا عن عيد الاضحى المبارك سوى يومان فقط. لكن مع ذلك؛ فأسواق مدينة نابلس لم تشهد تلك الحركة التجارية النشطة المعهودة في  كل عام من حيث الشراء والتبضع، هي ليست سوى أزمات مرورية خانقة، وأسواق تغص بالمارة والمتسوقين الذين خرجوا للتنزه وقضاء الوقت وكسر روتين الحياة التي عاشها المواطن منذ اعلان الاغلاق العام بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا ومحاولة حصره .

يرى البعض ان هناك حركة نشطة واقبال من المواطنيين على الشراء، في الوقت ذاته يعتبر التجار الحركة بأنها " ميتة" وتكاد تكون معدومة، فالاسواق والشوارع مليئة بالمارة الذين يخرجون لمجرد السير في الاسواق وتغييرا لنمط الحياة خاصة بعد فترة اغلاق طويلة كما ذكرنا بسبب جائحة كورونا.

في هذا السياق يقول احد اصحاب البسطات فضل عدم ذكر اسمه:" الوضوع الاقتصادي في أسوأ حالة له، فالحركة التجارية معدومة، لا اسواق ولا حركة ولا ارباح، وهذا كله يؤثر على جميع مناحي الحياة المختلفة".

ويوافقه الرأي جاره أحمد جودت :"لا يوجد عيد، الوضع سيء جدا، والشراء في حالة ميتة تقريبا هذه ليست أجواء ما قبل العيد التي اعتدنا عليها في السنوات السابقة."

واردف قائلا:" الناس منهكة اقتصاديا، ووبسبب الظروف والاوضاع الاتصادية الصعبة غابت عنهم أجواء العيد والفرح".

من جهته أكد صاحب بسطة لبيع العنب جهاد عبدو انه متواجد منذ ساعات الصباح الباكر وحتى السابعة مساء ولم يدخل الي جيبه خمسة شواقل".

اما بالنسبة للتاجر سعد خالد صاحب احد المحال لبيع ملابس الاطفال فيرى أن الحركة التجارية ما بين العام الماضي وهذا العام مختلفة بنسبة تتراوح ما بين 70-80%، بسبب عدم وجود رواتب والاغلاقات بين المدن، ومنع عرب ال48 من الدخول بسبب فيروس كورونا، فهم يشكلون ما نسبته 90% من دخل المحلات، اضافة الى صعوبة التنقل ما بين المحافظة قراها، لكن ذلك يبقى أفضل من الاغلاق التام".

وتابع:"الحركة ليست كما يجب، كموسم اعياد ننتظره كل عام  ونعتمد عليه فالحركة الاقتصادية والشرائية معدومة، والمواطنون يخرجون الى الاسواق من باب كسر الملل والتنزه بعد فترة الاغلاقات التي مرت بها البلد بسبب كورونا".

التجار يجمعون على نفس الرأي فلا حركة شرائية ولا مردود مادي جيد، هذا ما يؤيده أيضا صاحب محال لبيع الاكسسوارات  والملابس عمر ابراهبم :"بالنسبة لنا كأصحاب محلات فالاغلاقات المتكررة أثرت علينا بشكل كبير، وتسببت بمشاكل نتيجة الالتزامات والشيكات، ولم يتم تغطيتها خلال تلك الفترة، وبالتالي ستشكل حالة عجز للتاجر، كما ان الحركة الشرائية ليست قوية بل تعتبر كأي يوم عادي وليست فترة مواسم واعياد تشكل لنا مردود مادي يفوق ما نجنيه خلال العام".

وحتى المواطن نفسه يرى أنه خرج من منزله ليس للتسوق والشراء بل للتنزه، فالمواطن محمد اسعد يرى ان الحركة في الاسواق غير طبيعية بالرغم من اجراءات منع التجمعات المفروضة بسبب كورونا، لكن قلة من يلتزم بها، وأغلب المتسوقين يأتون من باب تغير الروتين الذي سيطر على حياتهم منذ أشهر.

اما المواطنة لبنى السعدي  قالت":في حاله من الارباك، انا مثلا لم اشتري اواعي للاولاد و ليس لدي رغبة  بالنزول الى الاسواق بسبب الازمة والتجمعات وشعوري بالخوف بسبب كورونا، فلا أحد يعلم ان كان مصابا ام لا".

اما المواطن رامي ماجد  فيقول :"الراتب الذي ينزل لا يكفي لسداد الديون المتراكمة علينا والالتزامات الاخرى، فكيف لنا ان نشعر ببهجة العيد ونحن لا نستطيع تأمين متطلبات الحياة اليومية".

" الله يعين العباد" بهذه العبارة عبرت ام فايز عجعج عن العيد قائلة: لم يعد هناك فرحه للعيد ولا بهجه،فالناس في وضع اقتصادي سيء ولا تستطيع شراء ملابس العيد لاسعاد اطفالها كما جرت العادة .

لم يكن الوضع الاقتصادي عائقا امام ام فايز فقط فالسيدة اماني محمد أثنت على كلامها قائلة:" لم اجهز شي فالوضع المادي تعيس جدا، اتمني انا استطيع تأمين ادويتي فقط".

أما أم احمد يامين فترى ان اجواء العيد والفرحة ما زالت موجودة، بالرغم من وجود فيروس كورونا الذي اجبرنا على التأقلم مع الوضع الحالي، فالظروف التي نعيشها لا تلغي فرحة العيد، فهو ليس للزيارات اجتماعية  واستقبال الضيوف فحسب."

"أقل ما فيها نبسط حالنا ونفرح عائلتنا واولادنا" جملة بدأت بها المواطنة شادية سوالمة وملامح الفرح بارزة على وجهها، فهي لا تريد للظروف السيئة أن تسيطر على حياتها، وتابعت" الفرحة نحن من يخلقها واجواء السعادة موجودة بالرغم من كل الظروف التي نمر بها".

"ما في روح للعيد ابدا" هكذا عبرت ايات جرادات عن اجواء العيد، مضيفة :"الاسواق مليئة بالمواطنيين لكن ليس للشراء بل للتنزه فقط، فالوضع الاقتصادي والرواتب القليلة لا تسمح لهم بشراء احتياجاتهم".

بالرغم من الحركة الشرائية الضعيفة الذي تسببت به جائحة كورونا وما نتج عنها من اوضاع اقتصادية صعبة، قتلت فرحة وأجواء العيد كما يرى البعض، يرى آخرون ان المواطن نفسه هو من يخلق بهجة العيد ويصنع السعادة في حياته، فلنجعل من هذا العيد فرحة تغمر منازل الجميع، ولنخلق البهجة والسرور في قلوب الأبناء والأطفال الذين ينتظرونه كل عام بلهفة وشوق.