غزة - مارلين أبوعون - النجاح الإخباري - يعاني قطاع غزة ظروفا استثنائية وصعبة للغاية من تراجع للوضع الاقتصادي ،والبطالة المتفشية عند الكثير من الشباب ، والتي دفعت البعض منهم للاستدانة لتسير حياتهم ويستطيعون العيش ريثما يجدون عملا يسددون من خلاله ديونهم ؛ لكن الوضع الصعب حرمهم من العيش بكرامة ،فاضطر أصحاب الديون لتقديم بلاغات ضدهم ، لينتهي بهم المطاف بين أربعة جدران داخل أروقة السجون في غزة .

وفي ظل هذه الظروف وفي أيام شهر رمضان الكريم برز مجموعة من الشباب والنشطاء والمبادرين في البحث عن أمل لتخليص الغارمين من هذا السجن، واخراجهم ليمارسوا حياتهم الطبيعية من جديد. وبين الحين والآخر، يبرز دور الشباب والنشطاء والمبادرين في البحث عن أمل وسط هذه الحالة الصعبة.

مبادرة فك الغارمين

من المبادرين الذين لم يهن عليهم وضع الشباب ،وبعدهم عن عائلاتهم وحرمانهم من ممارسة حياتهم الطبيعية كل ذلك من أجل بضع "شواكل" استدانها ليفك أزمته ،ولم يستطع سدادها، هو الكاتب والمحلل السياسي فهمي شراب، لمساعدة الذين وقعوا ضحايا الواقع الاقتصادي المنهار في قطاع غزة ، حيث ساهم عبر صفحته على الفيسبوك " بإطلاق المبادرة التي لاقت قبولاً واسعاً من مختلف شرائح ومكونات المجتمع الفلسطيني.

بهذه العبارة بدأ شراب حديثه :"لا تستحِ من إعطاء القليل، فالحرمان أقل منه، وفك الغارمين وإخراجهم من السجون بسبب 100 شيكل أو 200 شيكل فقط ،من أفضل أعمال الخير؛ لأن ذلك فيه تفريج كربتين: سداد دين، وإخراج موقوف، إضافة إلى إدخال السعادة على قلوب أهل الموقوف وأطفاله، والحفاظ على كرامة المجتمع، وتعزيز السلم الأهلي والاستقرار بين أبنائه".

وعن المبادرة قال شراب :لا يعقل ان يترك أب أطفاله ويبتعد عنهم لأيام وربما شهور من أجل مبلغ مالي بسيط لا يتجاوز ال400 شيكل ،حتى انه في بعض الغارمين عليهم مبلغ مالي يقدر فقط ب" 100 شيكل "،لذلك فكرت بمبادرة فردية مني، دون تمويل من أي جهة خارجية لمساعدة هؤلاء الغارمين في شهر رمضان."

وأشار لـ "النجاح الاخباري "أن هذه مبادرة فك الغارمين التي أطلقها لاقت قبولا كبيرا من مختلف شرائح المجتمع  ،وأنه لم ينظر لهم على أساس انتماءهم السياسي أو نحوه ، لكنه ساعدهم على أساس انسانيتهم وفلسطينيتهم.

ويحاول شراب من خلال المبادرة أن يضفي أجواء التسامح بين جميع الأطراف وإنهاء أي من الخلافات من باب إصلاح ذات البين في حال وجود أي مشاكل بين الدائن والمدين ، يقول: "أذهب مباشرة لمركز الشرطة، وأتحدث هناك مع صاحب الحق، فقد تجد شخصًا له 500 شيكل، بمجرد تحدثي معه وشرحي له صعوبة الظروف وأني وسيط خير، أستطيع دفع 300 بدل 500 شيكل، فيوافق ويتنازل عن الشكوى، ويخرج الموقوف في الحال".

ووجه شراب رسالة لكافة المقتدرين في غزة وخارجها ، بأنه يمكنهم مساعدة هؤلاء الغارمين ولو بمبلغ بسيط.

مبادرة لتجميل المدينة وازالة الركام

وفي خطوة لتحدي الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بتدمير عشرات الوحدات السكنية في قطاع غزة وشرد العائلات فحل عليها رمضان أليماً محملاً بالفقد والأسى، مدّ مجموعة من الشباب المتطوعين عبر مبادرة " سفراء سنابل الخير" أياديهم لمساعدة تلك العائلات  بإزالة ركام منازلها يدويا  دون الحاجة لأي من الآلات الحديدية معتمدين  على جهدهم الفردي، كذلك إعادة  ترميم مدرسة رقية وهي إحدى المدارس التي طالها القصف الإسرائيلي فأراد المتطوعين الحفاظ على استكمال المسيرة التعليمية بإزالة  ما نالته من تدمير ،لإرجاعها مزينة كما السابق.

وتضم المبادرة 150 متطوعا اجتمعوا من مناطق متنوعة من غزة لهدف واحد العمل الخيري دون مقابل كمساهمة في إبقاء مدينتهم على قيد الحياة.

ويسعى فريق مبادرة سفراء سنابل الخير التي تعد جزء م مبادر "بادر ترتقي" العمل على كسوة بعض العائلات التي فقدت حاجياتها تحت الهدم لتعويضهم بملابس جديدة يستقبلون فيها عيد الفطر.

مبادرة وجبات طعام للمحتاجين

محمد سحويل شاب آخر من غزة ،يشعر بألمهم ،ويحاول مساعدتهم قدر المستطاع في رمضان وغيره من شهور السنة، حي يعمل سحويل بمشاركة زملائه المتطوعين على تجهيز وجبات الطعام لتوزيعها في أطباق أيادي العائلات مستورة الحال الممدودة لهم للحصول على وجبتها قبيل أذان المغرب خلال شهر رمضان.

هذه المبادرة ليست جديدة ،فعمرها تجاوز ال4 سنوات حتى اللحظة ، جاءت كنشاط خيري دون مقابل لمجموعة  يتركز نشاطها في منطقة رفح جنوب قطاع.

يقول :" تعتمد هذه المبادرة في تمويلها على جمع التبرعات من أهل الخير والإعلان عبر مواقع التواصل الاجتماعي ،ونشر المناشدات، لتوفير التكيات التي تتنوع ما بين لحوم، بازيلاء، بطاطس، العدس، الكباب.

ولفت سحويل أن توزيع التكية منظم وليس عشوائي يتم عبر التنسيق مع المخاتير في المناطق المستهدفة لضمان حصول المحتاجين على حصصهم المستحقة في ظل سوء الأوضاع المعيشية لأهالي القطاع.

جدير ذكره أن أكثر من 80 في المائة من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الدولية العاملة فيه، في الوقت الذي لا يزيد متوسط دخل الفرد اليومي عن دولارين أميركيين، إلى جانب انعدام الأمن الغذائي حيث حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن أكثر من مليون لاجئ فلسطيني في قطاع غزة لن يتمكنوا من الحصول على المواد الغذائية بحلول شهر حزيران/يونيو القادم في حال لم يتوفر الدعم المالي الكافي لتوريد المواد الغذائية.

وقالت الوكالة في بيان سابق لها: "في الوقت الذي يحتفل فيه المسلمون حول العالم بشهر رمضان المبارك، والذي غالبا ما يتسم بالطبيعة الاحتفالية ووجبات إفطاره، فإن أكثر من نصف عدد سكان القطاع يعتمدون على المعونة الغذائية المقدمة من المجتمع الدولي".

"إذا لم تؤمن أونروا ما لا يقل عن 60 مليون دولار إضافية بحلول حزيران، فإن مقدرتنا على مواصلة تقديم الغذاء لأكثر من مليون لاجئ في غزة ستكون عرضة لتحديات كبيرة"، وفق الوكالة التي أشارت إلى أن حوالي 620 ألف شخص يعانون من فقر مدقع ... وحوالي 390 ألف شخص يعانون من فقر مطلق"، موضحة أن الفقر المدقع يعني عدم القدرة على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية وأن الفرد يعيش على أقل من 1.6 دولار في اليوم.