نابلس - هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - حملت أمهات الشهداء والأسرى فأس الزراعة وبدأن بالحفر، في يد كلّ منهن شجرة زيتون غرستها في  الأرض، وعلى ثغرهن ترتسم ابتسامة أمل، تؤكِّد أنَّهن متشبثات في الأرض كجذع شجرة، ملامح الأمل الممزوجة بالألم أخرجت كلمات عفوية تعبر عن مدى فخر أم الشهيد بابنها، فتسمع "هذه شجرة ابني، ومقابل كل ابن من أبنائنا شجرة، هم استشهدوا لأجل الأرض ونحن نزرع من أجل هذه الأرض، وعلى خطاهم نسير".

تجولت كاميرا "النجاح الإخباري" بين أمهات الشهداء والأسرى لرصد مشاركتهن بفعالية "شجرة لكلِّ شهيد" التي نظَّمتها وزارة الإعلام بالتعاون مع وزارة الإعلام ومركز الدراسات النسوية في نابلس.

ولم يكن الأمر بالنسبة لهن مجرد غرس شجرة باسم أبنائهن، بل كان هدفًا يحمل أبعادًا أهمَّها "التمسك في الأرض، والتعرف على القرى والمناطق الفلسطينية المسلوبة".

"لو يعرفوا شو معنى أخ وشو معنى انك تفقدوا"، بهذه الكلمات بدأت فاطمة شهاب حديثها مع "النجاح الإخباري"، شقيقة الشهيدين كمال وتيسير شهاب من نابلس.

فاطمة التي حضرت ووالدتها إلى فعالية زراعة شجرة لكلِّ شهيد عبَّرت عن ألمها لفقدان شقيقيها أثناء مشاركتها في زراعة أشجار الزيتون في قرية عراق بورين جنوب غرب نابلس، قائلة "جرحنا واحد، ولا أحد يعرف شعورنا سوى ذوي الشهداء والأسرى".

وأضافت، أنَّ الفعاليَّة تحمل رسالة تعبر عن معاناة الشعب الفلسطيني، سواء بعدد الشهداء أو تعرضنا للخطر من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه أثناء الزراعة.

وقالت: "في كلِّ الوطن سأزرع شجرة باسم أشقائي الشهداء، وسنبقى متمسكين بحقنا، الذي دافع عنه شهداءنا".

من جهتها، قالت والدة الشهيدين شهاب بصوت متحشرج "لنفس السبب الذي استشهد من أجله أبنائي أنا هنا اليوم".

وأضافت مستعينة بقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

وفي السياق ذاته أكَّد مدير مكتب وزارة الإعلام في نابلس ناصر جوابرة أنَّ فعالية شجرة لكلِّ شهيد، جاءت تأكيدًا على أنَّ الشهداء لا يرحلون، في قرية عراق بورين جنوب غرب نابلس.

وأوضح جوابرة لـ"النجاح الإخباري" أنَّ للفعالية أبعاد عدَّة، من بينها تعزيز صمود أمهات الشهداء والأسرى، وتحدي الاحتلال ومستوطنيه الذين يحاولون الاستيلاء على أراضي القرية.

وأضاف أنَّ زراعة العشرات من أشجار الزيتون كانت بمشاركة أمهات الشهداء والأسرى على أرض محاذية لمستوطنة "براخا"، مشيرًا إلى أنَّ المرأة الفلسطينية هي الحامية للحلم الفلسطيني، وقادرة على الدفاع عن مشروعنا الوطني لتقف سدًّا منيعًا أمام الأطماع الصهيونية.

وقال: "مهما حاول الاحتلال تزييف الحق الفلسطيني، سنبقى ندافع عن الأرض وسنقف جميعًا لمواجهته".

ولفت إلى أنَّ الفعالية أقيمت بالتعاون بين وزارة الإعلام ومديرية زراعة نابلس ومركز الدراسات النسوية.

بدورها أوضحت مديرة مركز الدراسات النسوية روضة بصير أنَّ هذا النشاط ليس الأوَّل من نوعه، مشيرة إلى أنَّ المركز يحرص على إقامة مثل هذه الفعاليات التي تعزِّز صمود المرأة.

وأكَّدت بصير لـ"النجاح الإخباري" أنَّ زراعة شجرة باسم الشهداء والأسرى، جاء تعبيرًا عن التضامن مع ذويهم والأرض المهدَّدة بالإستيلاء في القرية.

وقالت: "متمسكين بهذه الأرض كشجر الزيتون، ولن نتخلى عن أيّ جزء من فلسطين المروية بدماء الشهداء".

يذكر أنَّ الفعالية أقيمت ضمن فعاليات يوم المرأة، الذي يصــادف في الثامن من آذار من كلِّ عام، وتمكن المشاركون من زراعة (50) شجرة زيتون تحمل أسماء شهداء وأسرى، رغم محاولة قوات الاحتلال طردهم من الأراضي الواقعة بالمنطقة الشرقية في القرية، ويمنع أصحابها من الدخول إليها بتنسيق مسبق، بحجة أنَّها واقعة بالمنطقة المصنفة "ج".