غيداء نجار - النجاح الإخباري - مع مواصلة  الطيران الحربي الإسرائيلي  قصفه بين الفينة والأخرى لا يعرف قطاع غزَّة السلام ولا الأمان، في عدوان يتجدَّد كلّ حين، ويهدد حياة المدنيين ففي ساعات الليلة الماضية استشهد ثلاثة مواطنين، بينهم امرأه حامل، وطفلتها، فيما أصيب  آخرون بجروح، جرّاء  قصف استهدف مواقع متفرقة في القطاع.

ورغم المفاوضات التي تجري في الوقت الراهن  بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي برعاية مصرية واممية سعيا للتوصل لاتفاق "هدنة"، ولَّد هذا التصعيد السافر جملة أسئلة من العيار الثقيل، أبرزها، لماذا هذا القصف في ظلَّ الحديث عن تهدئة طويلة المدى؟

إسرائيل.. تفاوض وتقصف في ان واحد

 المحلّل السياسي جهاد حرب رأى في حديث للنجاح الاخباري، أنَّ هذه لحظات العد على الأصابع، فإسرائيل تحاول أن تكون اليد الأقوى وأن تضع الضغط الأكبر على حركة حماس والفصائل الفلسطينية في اللحظة التي تفاوض وتقصف في آن واحد.

وبيَّن أنَّ إسرائيل تضغط على حركة حماس لأمرين؛ لإظهار قوة إسرائيل في مواجهة الفلسطينيين، وثانياً لتبرير أيّ قرار سياسي تتخذه الحكومة الإسرائيلية أمام المجتمع خاصة حزب اليمين.

وقال في حديثه لـ"النجاح الإخباري": "إنَّ نتنياهو ليس رجل دولة، وهو يخشى الدخول في حرب بهذه الأوقات في ظلِّ وجود توترات على الجبهة الشمالية، وفي منطقة الشرق الأوسط ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فهو لا يرغب بالذهاب إلى مغامرة قد تكون نتائجها غير محسوبة على الحكومة الإسرائيلية، خاصة أنَّ الحروب السابقة تبعتها لجان تحقيق إسرائيلية، وبالتالي يخشى أن تحمله حالة التقصير في هذا الحرب، بالإضافة لخشيته على مكانته السياسية داخل الحكومة".

وأشار حرب إلى أنَّ احتمالية التصعيد والقصف واردة لكن مرتبطة بالمفاوضات غير المعلومة حتى الآن حول الثمن الواجب دفعه، فهل تقبل إسرائيل الإفراج عن عدد كبير من الأسرى الفلسطنيين، أو الأسرى المحرَّرين بصفقة شاليط؟".

قصف غزة.. لإشباع جمهور إسرائيل

وبحسب المحلّل السياسي د.عماد أبو عواد، فإنَّ القصف الإسرائيلي الآن على القطاع يأتي في إطار التفاوض، فكلُّ طرف يريد تحقيق شروطه، وإسرائيل تريد من خلال القصف المستمر إيصال رسالة مفادها " عليكم التنازل عن بعض الشروط ليكون هناك نوع من التهدئة".

وأوضح لـ"النجاح الإخباري" أنَّ إسرائيل وحكومة اليمين بالتحديد تعاني خلال هذه الفترة من عدم الرضا من قبل الجمهور الإسرائيلي من حكومته، فهو يشعر أنَّ الحكومة لا تحسن علاج ملف غزة، وبالتالي تعتدي على غزَّة بين الفينة والأخرى لاشباع رغبات جمهورها، بالإضافة للتفاوض تحت النار ضمن إطار طبيعي وحماية أمنية".

وقال د. أبو عواد: "اعتقد أنَّه خلال هذه الأيام وحتى نهاية الشهر لن يكون هناك أيّ تصعيد أكبر، ولن نصل لمرحلة مواجهة، فالأطراف عمليًّا حتى نهاية الشهر بينهما مفاوضات بتدخلات مصرية وغيرها، وبالتالي عليهم الانتظار لحين انتهائها، وفي حال فشلت هذه المفاوضات سنكون قد وصلنا لنقطة التصعيد لعل أحد الأطراف يحسم الأمور لصالحه أو يحسن شروط المفاوضات".

وبالتطرُّق لملف الجنود الأسرى لدى المقاومة في غزَّة وعلاقة هذا بالقصف، أشار إلى أنَّهما ملفان منفصلان، فإسرائيل تدرك أنَّها ومنذ وقت طويل لم ولن تأخذ أيَّة معلومة حول جنودها إلا بإطار تبادل معلومات أو أسرى، وقال: "إسرائيل تتمنى أن يكون جنودها جثثًا فذلك يقلل التكلفة عليها، ويدعم تحسين الظروف التفاوضية، ففي حال كان جنودها أحياء لن تُحصِّل الكثير".

إسرائيل تعزز موقفها بالسلاح

 بينما يرى المحلل السياسي أكرم عطالله، أنَّ العدوان الأخير يأتي في ظلِّ استمرار المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين، مشيرًا إلى أنَّ الجانب الإسرائيلي يعتبر أنَّ المفاوضات لم تستكمل بسبب بعض الظروف.

وبيَّن "لـ النجاح الإخباري" أنَّ الاحتلال يعتقد أنَّ حماس تحاول كسب الوقت فقط، وهي تشدِّد في مفاوضاتها معه، وقال عطا الله: "بالتالي التدخل الإسرائيلي بالسلاح جاء ليعزّز موقفه، ليدفع حركة حماس لتقديم معلومات حول الجنود الأسرى".

وأشار إلى أنَّ الاحتلال لا يريد أن يدفع ثمناً كبيراً إذا كان جنوده الأسرى "جثثًا"، وقال: "إسرائيل اعتبرت أنَّ حركة حماس أعطت الموافقة على الاتفاق، وبالتالي تريد أن تبتزها في اللحظات الاخيرة".

الأمور ما زالت تحت السيطرة

وأفاد الخبير في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور، أنَّ ما يحدث لا ينفي وجود المفاوضات بين حركة حماس والجانب الإسرائيلي، فاليوم هناك جلسة للكابينت للتناقش بالهدنة المطروحة.

وقال لـ"النجاح الإخباري": إنَّه من الممكن أن يكون هذا القصف هو تسخين للأجواء، وخلق حالة توتر وتصعيد ليكون الجو مناسب لتمرير وقف إطلاق نار، كما أنَّ الإعلان عن اتفاق أو ضغط متبادل هو جزء من لغة المفاوضات لدفع الطرف الثاني للإقدام على خطوة هو متردد عليها".

وأردف: "جيش الاحتلال أعلن أنَّ هذه المرة سيكون الرد مختلفاً ولن يكون سهلاً، ولم يتحدَّث عن حرب، فحتى اللحظة الأمور تحت السيطرة"، وأوضح أنَّ هناك مستوى عالي من التحريض، فنتنياهو يواجه ضغطًا كبيرًا ليحسم موضوع غزّة من قبل أحزاب اليمين والمستوطنين وعائلات الجنود الأسرى، وهم يعلمون أنّه لن يكون هناك عودة لأبنائهم دون تسوية، وبذات الوقت إسرائيل تلجأ للأساليب العسكريّة من موقع القوة.

وأشار الخبير إلى أنَّ اجتماع الكابينت اليوم سيوضح الأمور، ويبعث مؤشرات مفادها، هل نحن ذاهبون لتسوية أم تصعيد؟ فالاجتماع اليوم سيحسم الاتجاه الذي تؤول إليه الأمور، مشدّداً على أنَّ التهدئة هي الخيار الأكبر.

 ونوّه منصور إلى أنَّ الوضع الداخلي لنتنياهو صعب، فهناك حديث لوقوع انتخابات مبكرة، والذهاب للانتخابات من بعد حرب ليس بالصواب، فهو لا يضمن النتائج أو الخسائر، وليس من الممكن أن يتوجه لحرب عشيّة ليلة الانتخابات ومن المتعارف أنَّ لديه هدنة طويلة الامد!.

إرادة غزة تخيف إسرائيل

وشدَّد الخبير العسكري اللواء واصف عريقات على أنَّ الاحتلال هو المعتدي، حين هاجم مناورة للمقاومة في غلاف قطاع غزة، واستشهد مواطنين على إثرها، مدركًا ما أقبل عليه.

وقال: "ما يحدث أنَّ إسرائيل تبث رسائل للضغط على المقاومة والشعب الفلسطيني لقبول إملاءاتها  كونها فشلت في التوصل لما تريد من تهدئة أو معلومات عن جنودها الأسرى عند المقاومة".

وتابع: "ما زلنا بمرحلة التسخين والتصعيد المسيطر عليه، ولكن ربما يتدحرج الوضع لمرحلة عدم  السيطرة، فنحن نلاحظ أنَّ القصف الإسرائيلي يهدف لايقاع العدد الأكبر من الضحايا في الساحة الفلسطينية".

وأوضح أنَّ إجراءات الاحتلال وتعليماتها لسكان مستوطنات غلاف غزَّة، بإخلاء بعض المناطق، وإلغاء المدارس، وإغلاق شاطئ زكيم، وتحديد مساحات التنقل، وحظر وصول المستوطنين إلى المنطقة المحاذية للجدار مع القطاع، بالإضافة لإغلاق السكك الحديدية الإسرائيلية من خط سدروت، وزيادة التعزيزات من خلال الجنود وتوظيف القبة الحديدية، دليل على أنَّ الوضع أقرب إلى الحرب، ونيته تتمثل بالتصعيد.

وحول ردّ المقاومة باعتمادها معادلة القصف بالقصف واحتمالية التصعيد، قال: "نعم إنَّ غزَّة لا تحتمل الحروب لكنَّ ليس بوسعها إلا الدفاع عن النفس وصد العدوان الإسرائيلي، فلا خيار أمام الشعب الفلسطيني والمقاومة إلا بالصمود والدفاع، وإسرائيل الآن أمام مأزق لذا تحاول الصد من خلال العمل العسكري، والشعب في غزة سيدفع الثمن".

وأشار إلى أنَّه لا يمكن المقارنة بين إمكانيات غزَّة وإسرائيل، وأنَّ هناك فرق كبير، لكن الارادة الموجودة لدى المواطنين في غزة هي تخيف إسرائيل وربما تقلب المعادلة.

حماس: المقاومة قادرة على حق الرد

وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم: "إن المقاومة الفلسطينية جاهزة دائما وقادرة على امتلاك حق الرد، مضيفا أن هذا واجبها الوطني والأخلاقي والقانوني تجاه الشعب الفلسطيني".

وأضاف" في حال استمرار العدوان والقصف والقتل بحق الشعب الفلسطيني في غزة والمقاومة، لن يكون دور المقاومة الصمت إنما واجبها الرد وكسر معادلة الاحتلال".

الرئيس يدعو المجتمع الدولي للتدخل

وأجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اتصالات دولية مكثفة وعلى المستويات كافة لوقف التصعيد الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة.

ونبه إلى خطورة هذا التصعيد، داعيا المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري والعاجل لوقفه وعدم جر المنطقة إلى مزيد من الدمار وعدم الاستقرار.