هبة أبو غضيب - النجاح الإخباري - عدّت وثيقة معدّلة لـ"إستراتيجية الجيش الإسرائيلي"، نشرها الجمعة الماضي أن جبهة الجيش ضد الفلسطينيين هي الأكثر احتمالا للاندلاع، وأن على الجيش الإسرائيلي الاستعداد لـ"سيناريو متطرف" لتطور مواجهة مباشرة مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية مثلما حدث خلال اجتياح الضفة في العام 2002.
واعتبر الوثيقة أن فلسطين في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، بينما جبهة الاحتلال ضد إيران وحزب الله في سورية ولبنان إلى جانب التنظيمات الجهادية، وعلى رأسها القاعدة و"داعش"، تحتل المرتبة الأولى من حيث التهديد لإسرائيل.
فهل ستشهد الضفة اندلاع انتفاضة جديدة، ومواجهة مباشرة مع أجهزة الأمن،و ما مؤشرات ذلك، وما الاختلاف هذه المرة عن هبة الأقصى في 2015، وما مصير التطبيع مع الدول العربية في حال اندلعت الانتفاضة، وما هدف الاحتلال من وراء الوثيقة؟.

وجاء في الوثيقة المعدلة أن الساحة الفلسطينية الأكثر احتمالا للاشتعال، وأنه سيكون لحركة حماس في غزة التأثير الأكبر على احتمال التصعيد في الضفة الغربية، وذكرت الوثيقة ما وصفته بـ"تهديد منفذ العملية الانفرادي"، وذلك في أعقاب الهبة الفلسطينية التي اندلعت في تشرين الأول/أكتوبر العام 2015، عندما تتالت عمليات الطعن والدهس التي نفذها فلسطينيون لا ينتمون إلى الفصائل الفلسطينية، ويوليها جيش الاحتلال أهمية أكبر من عمليات ينفذها مقاتلون في الفصائل.


وحول هذا أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة في قطاع غزة د. حسام الدجني أن فلسطين الساحة الأكثر احتمالا للإشتعال، بكل مكوناتها سواء مع الأجهزة الأمنية أو باقي الفصائل.
وأوضح الدجني لـ"النجاح الإخباري" أن هناك عدة اعتبارات ترجح اندلاع انتفاضة في الضفة كانتفاضة 2002، تعود إلى منهجية حكومة الاحتلال المتطرفة وعملها على ترسيخ الاستيطان واحتلال الضفة، إضافة إلى الوسيط الأمريكي المنحاز لإسرائيل، عدا عن صفقة القرن، والتحديات السياسية والإجتماعية في الضفة والإقتصادية بغزة خاصة، وكل ما يتعلق بالحقوق المدنية والإجتماعية لمواطني الـ48.
ونوه إلى أن كل العوامل التي ذكرت إضافة إلى السياق التاريخي للإنتفاضات السابقة، تساعد وتعجل من الإنفجار الشعبي، مرجحا أن تصبح الأجهزة الأمنية بمثابة أجهزة فصائل عمل وطني غير مرتبطة باتفاقيات مع الاحتلال في حال اندلعت الانتفاضة.
وأضاف أن إسرائيل تريد إضفاء الواقع ضمن إطار مشروع صهيوني كامل، مشيرا إلى أن هذا المشروع بدأ يصل لدرجات لا تقبلها السلطة الفلسطينية  ولا المواطن الفلسطيني وهو ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني أبو مازن مؤخرا.
ولفت إلى أن إسرائيل كانت محقة عندما تحدثت عن احتمالية انفجار الوضع، مرجحا الدجني تدخل جهات معينة في الوضع القادم على حدود سوريا ولبنان، خاصة بعد اغتيال القيادي في حماس بصيدا محمد حمدان.
وفيما يتعلق عن اختلاف المرحلة الحالية عن هبّة 2015، أوضح الدجني أن اليوم يوجد مصالحة، عدا عن أن السلطة بدأت تدرك أن الرئيس والمشروع الوطني والضفة الغربية مستهدفة من قبل الاحتلال أكثر من قطاع غزة.
ولفت إلى ان النضج الفكري بدأ يزداد بعد قرارات الولايات المتحدة باعتراف القدس عاصمة لاسرائيل، وقرارات الكنيست بتقسيم القدس، وغيرها.
وأوضح أن حركة فتح أصدرت بيانها الثامن الذي يدعو لمزيد من التصعيد، الامر الذي يؤكد دعمها للانتفاضة.
وحول مصير تطبيع الدول العربية مع اسرائيل، في حال اندلعت الانتفاضة اختتم الدجني قائلا "المؤسسات العلمية تقول كلما كان هناك عملية تسوية ولقاءات مع الاحتلال تزداد وتيرة التطبيع، وعكس ذلك تقل العلاقات الدبلوماسية ولن يجرؤ أحد أن يتحدث عن التطبيع.
وشددت الوثيقة على أهمية ما يصفه الجيش الإسرائيلي بـ"المعركة بين الحروب"، في إشارة إلى العمليات العسكرية العلنية والسرية مثل الاغتيالات والغارات الجوية في سورية خصوصا. وكتب آيزنكوت في مقدمة الوثيقة المعدلة أن "غايتنا هي الدفاع والانتصار".
وكتب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، إن الوثيقة المعدلة تتحدث مطولا حول "التعاون بين إسرائيل ودول معتدلة في المنطقة ودول عظمى، في مقدمتها الولايات المتحدة"، بحسب ما أورده موقع عرب 48.
فيما اختلف بالرأي أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية بنابلس د. رائد نعيرات، ورأى أن فلسطين قد تكون المنطقة الأكثر اشتعالا، فهي على شفا جرف هارٍ، ولكنه استبعد اندلاع انتفاضة مشيرا إلى أن هذا الخيار ليس من ضمن مسار الطرف الفلسطيني.
وأوضح لـ"النجاح الإخباري" أنه لا يمكن فصل فلسطين عن باقي المناطق المحتمل اشتعالها، مثل ايران ولبنان، نظرا لإرتباطها جميعا بقضية اسرائيل.
وأشار إلى أن الإعلام الإسرائيلي يحاول ترويج فكرة كاذبة عن السلطة الفلسطينية، بأنها تقود لتفجير الوضع، معللا سبب ذلك إلى أن إسرائيل تسعى إلى ضغط العالم على السلطة وعدم تقديم الدعم لها، حتى تصبح غير قادرة على التفكير فيما وراء القضايا اليومية للمواطن الفلسطيني.
ونوه إلى أنه عند الحديث عن الانتفاضة يتوارد إلى أذهاننا انتفاضة الـ87 و2002 والأقصى، مشيرا إلى ان الوقت الحالي لا يسمح لتكرار إحداهما، مرجحا أن تحدث حالة اشتباك جديدة ولكن ليس بنفس الشكل والمنهجية.
وفيما يتعلق بمصير التطبيع العربي في حال اندلاع انتفاضة، أكد نعيرات أن التطبيع لا يمتلك مستقبلا، مشيرا إلى أن السياسة الاسرائيلية الحالية تريد التطبيع على حساب فلسطين، وفي المقابل لن تجرؤ اي دولة عربية او اي زعيم ان تكون له علاقة مع اسرائيل اذا كانت على حساب القضية الفلسطينية. 
 وكان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، غادي آيزنكوت، وضع الوثيقة الإستراتيجية، في منتصف العام 2015، وجرى حينها نشر نسختها غير السرية. واعتبر باحثون وخبراء، حينذاك، أن هذه وثيقة غير مألوفة، لأنها تناولت قضايا حساسة، مثل مفهوم الأمن وغايات الجيش في الحرب.
ولفت المحللون إلى أن الصيغة الأولى لـ"إستراتيجية الجيش الإسرائيلي"، في العام 2015، تعاطت مع الموضوع الإيراني من خلال المفاوضات بين إيران والدول الكبرى للتوصل إلى الاتفاق النووي، وكان موقف الجيش الإسرائيلي "أكثر تفاؤلا" كما الموقف الذي عبر عنه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي رفض هذه المفاوضات والاتفاق.
لكن الوثيقة المعدلة أشارت إلى "إسهام إيران السلبي في مجالات أخرى"، تتمثل بإرساء "محور تأثير شيعي" وإمكانية نشوء احتمال لتهديد تقليدي خطير، بواسطة نشر "ميليشيات شيعية عند حدود إسرائيل وسورية في الجولان". وقالت الوثيقة إن هذا "تهديد يتعزز".
ويعتبر الجيش أن الوثيقة المعدلة تأتي نتيجة تغيرات كبيرة في المنطقة منذ وضع الوثيقة الأولى، وأشارت، إضافة إلى التدخل الإيراني في سورية، إلى الوجود العسكري الروسي في سورية وبناء "العائق ضد الأنفاق" عند السياج الأمني المحيط بالقطاع وتصاعد تهديد "داعش" من سيناء.