النجاح الإخباري - خاص - في الوقت الذي تُعقَد فيه جلسات المجلس التشريعي بين أعضاء من حركة "حماس" في غزة والقيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان عبر نظام الربط الإلكتروني "الفيديو كونفرنس"، تبدو مواقف كوادر الأولى متضاربة بشأن عودة الفار - المسؤول عن أحداث الانقسام، رغم تقاطع خطوط المصلحة المتبادلة بينهما.

يرى محللون أن سياسة التقارب التي طفت على مشهد فلسطين السياسي مؤخراً، لظروف مشتركة ومتبادلة تسعى بدرجة أولى من أبعادها استهداف لموقف السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس على وجه التحديد، لصد خطوات الرئيس الساعية في جُل المواقف لجلب "حماس" إلى المؤسسة الفلسطينية الرسمية، وتَحمل المسؤولية الكاملة عن قطاع غزة.

مصالح متبادلة ومشتركة.. وتخبط بموقف "حماس" الداخلي

يصف المفكر والمحلل السياسي محمد هواش لـِ "النجاح الإخباري" وضع "حماس" الإقليمي بالصعب للغاية، حيث فقدت الكثير من الحلفاء، ولم يعد لها سوى قطر وتركيا، وبهذا المعنى فهي مضطرة إلى إيجاد حلفاء، موضحاً أن خسارة الحلفاء لا يعني فقط خسارة علاقات سياسية وإنما تعني أيضاً تمويل وإمكانيات مادية ومشاريع.

في الجانب المقابل يسعى دحلان  إلى إيجاد أي منفذ في الضفة أو القطاع، فهو يريد  -بحسب هواش- أن يقول إنه موجود وأن يكون له وجود ومكانة في الوضع الفلسطيني بعد فصله من حركة فتح، طرده من قطاع غزة، وهذه المصالح المشتركة هي التي تدفعهم إلى "تحالف الضرورة".

يقول هواش إن اعتراضات واضحة قد بدت مؤخراً من كوادر "حماس" الميدانيين الذين يقودون مواقعاً بالضفة - على عودة دحلان ولو مبدئياً عبر شاشة، لأنه كان عنصر التشهير الأساسي بالسلطة الفلسطينية بالإضافة إلى الإنقسام، فكيف تُقنع قيادة "حماس" جمهورها مرة أخرى أن دحلان شريك وطني، الأمر الذي ظهر جلياً في الأيام الأخيرة بتصريحات القيادي في الحركة محمود الزهار "دحلان أشرف من عباس والمحيطين به"، ويشيد بدور دحلان بجلب أمواله وصرفها على مؤسسات في قطاع غزة.

ويضيف أن للكوادر أن تنتقد ما يحصل من تحالف، وهذا ما ظهر من نواب المجلس التشريعي مثل مشير المصري، الذي انتقد دحلان وانتقد موقف التحالف، لافتاً إلى أن قيادات الحركة الرئيسية هي التي تدير الموقف، ومن غير المعروف مَن يحاول الاستفادة من الآخر أكثر، حركة "حماس" أم دحلان.

التحالف الجديد - القديم

التحالف ليس غريباً أو جديداً، يقول هواش إن معلومات سابقة كانت تتحدث حول تنسيق دحلان مع "حماس" ضد الرئيس الراحل ياسر عرفات، وأن دحلان كان يسلم للولايات المتحدة الأمريكية والمخابارات المصرية كل ما يتعلق بسلوك عرفات على الأرض، مؤكداً أن التحالف لا يتغير بفترة الإنقلاب وفترة وسيطرة "حماس"على قطاع غزة، لأنها طردت كل من له علاقة بغير "حماس" في القطاع، ولم يعد لأحد سواها أي نفوذ بقطاع غزة.

ويظهر ما يمكن أن يوفره مثل هذا التحالف من علاقات مع كل من مصر والإمارات العربية المتحدة، تزامناً مع التحالف الذي تخوضه الأخيرة ضد حركة الإخوان المسلمين وممثليها في البلدان العربية، ومنها قطاع غزة.

المواقف الحمساوية لها ما يبررها، فمن وجهة نظر هواش أنه لا يستطيع هؤلاء تفسير هذا التغير لجمهور "حماس" الذي يؤيدها.

"حماس" تنسق مع إسرائيل

يقول هواش إن "حماس" لها مستوى من التنسيق مع إسرائيل فيما يتعلق في قطاع غزة، ومستوى من التنسيق مع بعض ضباط الإدارة المدنية، وبعض حاخامات المستوطنين، مشيراً إلى أنه تم عقد لقاء بالأمس بين القيادي في حركة "حماس" النائب د. ناصر الدين الشاعر، وحاخام مستوطنة عوفرة، لتهدئة المشاعر والخواطر فيما يتعلق بأحداث القدس في الأسبوعين الماضيين.

وكان موقع صحيفة يديعوت أحرنوت العبري، قد ادعى أنه في ظل الأحداث الأخيرة كانت هناك قناة حوار هادئة بين رجال دين يهود ورجال دين فلسطينيين، مشيرةً إلى أن من بين رجال الدين اليهود حاخام مستوطنة عوفرة "آفي جيسر"، و "يعقوب أرئيل" حاخام "رمات غان"، ومن الجانب الفلسطيني الشاعر من نابلس، والشيخ عماد الفالوجي من غزة.

وعلى الرغم من نفي الشاعر لـِ "النجاح الإخباري" أن تكون تلك الأخبار لها أي صلة بالواقع، وأنه يسمع بتلك الأسماء التي نسبت في الموقع العبري لأول مرة في حياته، إلا أن هواش يؤكد "أن الحديث عن هذا اللقاء من هذا المستوى لا يستطيع أحد أن يلفق هكذا خبر ولقاء، ومن الطبيعي أن ينفي السياسيون بعد أن يقوموا بهذه الأشياء، وهذا أن أمر طبيعي يقوم به السياسيون".

كما نفى الوزير السابق عماد الفالوجي أن يكون قد غادر قطاع غزة خلال الأسابيع الأخيرة، وبالتالي لم يلتق بأي شخصية يهودية أو إسرائيلية، وهو ينفي كليا ما أوردته صحيفة "يديعوت" حول مشاركته في لقاء مع الوزير السابق ناصر الدين الشاعر.

وقال الفالوجي، في تصريح له"، نشرت بعض المواقع الفلسطينية نقلا عن خبر في صحيفة اسرائيلية، أنه تمت لقاءات مع حاخام يهود لتهدئة الأوضاع في القدس..
وأنني إذ أؤكد أن هذه الأخبار غير صحيحة على الاطلاق..وأنني والدكتور ناصر الشاعر شاركنا فقط خلال الاسبوع الماضي وعبر الفيديو كونفرس بمؤتمر دولي أقامته الأمم المتحدة وبحضور معالي الأمين العام..ولم تحدث أي لقاءات بالمطلق مع أي جهة كانت"..

وختم الفالوجي، "ارجو من المواقع التأكد من الأخبار" قبل نشرها..

ويوضع هواش أن هذه طريقة "حماس" وآليتها على الدوام بمحاولتها أن تكون موجودة في كل حرب أو هبة أو أي حدث سياسي بارز، وما حصل من أحداث القدس خلال الأسبوعين الماضيين وهو الحدث الأبرز عل المستوى المحلي والإقليمي والعالمي.

ويلفت إلى أن "حماس" تريد إثبات أن حركتها موجودة حتى لو كان من باب الاتصالات مع الإسرائيليين، وعملياً هي تعزل نفسها وتضعف أي موقف لها من القضية، خصوصاً أنه لا وجود حقيقي في أحداث القدس، وأن الهبة كانت جماهيرية للمقدسيين خالصة.

 واستطاعت السلطة الفلسطينية أن تتبنى مواقف إيجابية لدعم هذه الحركة الشعبية، في وقت تتحدث فيه الصحافة العبرية عن تغيير في سياسة الرئيس محمود عباس، في حين لا تتحدث عن "حماس" بأي شكل أو دور.