النجاح الإخباري - لم تخل محاكمة قتلة الشهيد مازن فقها، من مواقف تختلط فيها الطرافة والألم لدى ثلاثة توقفت لديهم عقارب الزمن، عقب الحكم عليهم بالإعدام، وهي النهاية المحتومة التي أدركوا أنهم سيواجهونها بعد تورطهم في العمالة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وطيلة مراحل المحاكمة التي استغرقت أسبوعًا كاملاً كانت خلف الكواليس عدد من القصص والمواقف لدى كل واحد منهم، كشفت مصادر عايشت تفاصيل المحاكمة بعضًا منها، وأبرز المطالب التي تقدم بها كل منهم.

القاتل المباشر

"شخصية صلبة وقلب ميت" أبسط توصيف يمكن أن يطلق على قاتل قابل إحسان ضحيته بإطلاق مباشر للنار على رأسه وصدره، وفي كل مرحلة من مراحل المحاكمة كانت تثبت هذه القناعة لدى المحكمة تجاه القاتل المباشر للشهيد مازن فقها.

"أ.ل" والذي بدا غير مكترث بما أقدم عليه من جرائم مركبة كان آخرها اغتيال فقها، لم تبدُ عليه معالم الحزن والندم، عكس الآخرين الذي اشتركوا في هذه الجريمة، وكان مستفزًا الى حد أبعد لحظة تمثيل الجريمة وهو يشرح بقلب ميت، وفق المصادر.

وعندما بدأت محاكمته حاول إنكار التهمة، وهو رجل متمرس بهذه المهنة كونه عرض أكثر من مرة على القضاء العسكري في حوادث أخرى، كما تفيد المصادر، لكن أمام الوقائع والأدلة الدامغة التي قدمتها النيابة العسكرية اضطر بالاعتراف.

وعند نطق هيئة القضاء العسكري بحكم الإعدام على القاتل، بدا وكأنه متفاجئ من المصير المحتوم الذي سيواجهه.

القاتل وطيلة مراحل المحاكمة لم يزره أحد من أقاربه، باستثناء الجلسة الأخيرة لحظة النطق بالحكم زاره أحدهم.

لم يكن "أ,ل" غريبًا في تصرفاته فحسب، بل وحتى في مطالبه، وفق ما ترويه المصادر، فقد طلب أن يتناول طعام " السمك" يوميًا حتى يوم إعدامه، كما وطلب بألا يتم إعدامه في السوق أمام الناس كي "لا يبصقوا عليه ويقذفوه بأحذيتهم".

وزاد في غرابته عندما طلب أن يكون "السمك" طعامه الدائم إلى حين تنفيذ حكم الإعدام، فيما لم يطلب زيارة أحد أو الالتقاء بعائلته، مخاطبًا امن غزة" لا تلقوا بي للناس في السوق!".

يحيا العدل

على النقيض من القاتل المباشر كان العميل "ه.ع" مختلفًا ومسلمًا بالحكم المحتوم الذي سيواجهه، وللمرة الأولى في تاريخ القضاء العسكري يحدث أن يكبر ويصرخ بـ "يحيا العدل".

"ه.ع" الذي تورط في تقديم معلومات ضد الشهيد فقها ووقف خلف اغتيال العديد من قيادات ورموز المقاومة والمجند  منذ 1998 لدى المخابرات الإسرائيلية، بدا نادمًا على فعلته، وصرخ "يحيا العدل تحيا المقاومة"، ثم خرج إلى ساحة القضاء ليكرر هذه النداءات.

الطلب الوحيد الذي تقدم به "ه.ع" هو أن يتم تأجيل تنفيذ حكم الإعدام به بعد شهر رمضان، كي تكون فرصة له للتوبة.

أبناء العميل

العميل الثالث "ع.ن" الذي اشترك في مراقبة الشهيد وتأمين القاتل المباشر، وكان مسؤولاً عن قضايا أمنية أخرى لم تفصح الأجهزة الأمنية بغزة عنها، كان هو الآخر مصدومًا تعتريه معاني الخوف تجاه المصير الذي سيواجهه.

وطلبت عائلته اللقاء به، وجرى تحقيق مطلبهم بالجلوس معهم الخميس الماضي على انفراد مع شقيقه وابن عمه.

كان اللقاء الذي استمر لمدة ثلث ساعة تقريبًا، الوحيد الذي جمعه بعائلته بعيدًا عن الجهات المختصة التي فضلت أن تتيح له فرصة اللقاء معهم، كان يتهرب بالنظر إليهم وإلى عيونهم.

لم يطلب أحد من هؤلاء أن يلتقي بأبنائه، فيما كان طلب "ه.ع" ألا يتم إخبار أبنائه بتفاصيل تورطه في الخيانة، وألا يناديهم أحد "أبناء العميل".

وحكم القضاء العسكري بغزة بالإعدام شنقًا لكل من القاتل المباشر والعميل "ه.ع"، ورميًا بالرصاص للقاتل "ع.ن".

وتشير مصادر أمنية إلى أن العميل الهارب "أ.ص" تورط في تقديم معلومات عن عائلته أدت إلى استشهاد 11 منهم، من بينهم زوجته وأطفاله.

وأعلنت وزارة داخلية غزة أن الهارب "ص" قد تمكن من الفرار عبر الحدود الشرقية لقطاع غزة.