نبيل عمرو - النجاح الإخباري - مشهدان لم يمضي عليهما سوى ساعات قليلة تحملان أبلغ حدث سياسي ذي دلالة عميقة وقوية.

الأول مشهد الاحتفال الباهت في البيت الأبيض وعنوانه المزور السلام المرتجى للشرق الأوسط، والذي ظهر فيه بعض العرب وراياتهم الخجولة في ظل الرايات الامريكية والإسرائيلية.

اما المشهد الثاني فقد كان في إسرائيل، حين قام نشطاء إسرائيليون باستبدال اعلام الامارات والبحرين بعلم فلسطين.

المشهد ليس رمزيا ولا متسللا بل كان سياسيا وبليغا بامتياز، في المشهد الثاني قيل بلغة الاعلام ان السلام الحقيقي يصنع مع الفلسطينيين، وان العلم الذي له مغزى في أمر السلام هو العلم الفلسطيني الذي يرمز لشعب محترم وقضية عادلة، وسلام ان تحقق برضى اهله فهو الراسخ والمستقر.

ارتفاع علم فلسطين على سارية في قلب إسرائيل هو تذكير لنتنياهو بأن أي سلام يفعله مع أي جهة كانت يظل على الهامش ولا مغزى له بل مجرد عمل دعائي ربما ينفع في انتخابات او خطاب يلقى في الكنيست او في مستوطنة، اما السلام الحقيقي فهو حين يستعيد أصحاب الحق حقهم المصادر من قبل إسرائيل وحين يخفق علم الدولة الفلسطينية فوق القدس العاصمة وفي سماء الدولة الفلسطينية المستقلة، وحين تجد قضية الملايين اللاجئة حلا عادلا تودع فيه حياة البؤس في المخيمات لتحل محلها حياة العزة والكرامة على ارض الوطن وتحت رايات الدولة.

الرايات التي ارتفعت في البيت الأبيض كانت لمجرد ان يجمع نتنياهو وترمب أصواتا في انتخاباتهم الحرجة القادمة، كانت بالنسبة لترمب استدعاءً لاصوات مناصري إسرائيل وباطل احتلالها واستيطانها، وكانت كذلك بمثابة تغطية على فساد نتنياهو وملاحقاته امام القضاء والتظاهرات التي تحيط يوميا بمكتبه، وليس ادل على انها لم تنفع اكثر من تراجع مكانته في استطلاعات الرأي الأخيرة وكأن ما حدث في البيت الأبيض وخلال سويعات قليلة صار نسيا منسيا.

الرايات الفلسطينية التي ارتفعت في قلب إسرائيل هي الأقوى والأبلغ والاشد تعبيرا عن الحقيقة، انها تقول بصريح العبارة من يريد السلام فأبوابه فلسطين ومن يريد الأمان فعنوانه الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة، ومن يريد العدالة فحل قضية اللاجئين هو السبيل اليها، اما الذين يهربون من فلسطين الى كوسوفو او صربيا فهم يهربون من الحقيقة وسيصير وضعهم كالمنبّت لا ارضا قطع ولا ظهرا ابقى.