نابلس - ماجد هديب - النجاح الإخباري - ان نجاح الدول في  تحقيق الأمن يعتمد بالأساس على تحقيق حكومات هذه الدول لمقومات هذا الأمن على المستويين الداخلي والخارجي ،حيث لا يمكن لأي دولة ،ومهما كانت ،ان تدخل في نطاق الأمن ،او حتى الوصول لمؤشرات تحقيق استتبابه ،وهي التنمية ومواجهة الجريمة بمعالجة  أسبابها ودوافعها دون الاعتماد على الاستراتيجيات الأمنية ،ومن بينها الاستراتيجية الوقائية التي تشمل كافة  الجهود المبذولة  في أطار سياسة التخطيط التنموي الشامل للمجتمع  من أجل القضاء على الجريمة ، بالإضافة الى استراتيجية تطوير المؤسسات الأمنية والشرطية  ،الا ان مقومات الأمن ومؤشرات استتبابه بالنسبة الى سلطة الامر الواقع في غزة  تختلف عن تلك المقومات التي تتطلع الدول الى تحقيقها  ،حيث تعتمد سلطة الامر الواقع لتحقيق الأمن بمفهومه الضيق على قوة الردع وقسوة العقوبة بعيدا عن تلك الاستراتيجيات الأمنية ،وبعيدا أيضا عن التخطيط التنموي الشامل لمواجهة الجريمة والبطالة او الحد منها ،فهل يمكن تحقيق الأمن في غزة في ظل انعدام ادنى مقومات الامن الداخلية والخارجية اعتمادا على قوة الردع وقسوة العقوبة رغم اتساع نطاق الجريمة وتعدد أنواعها بفعل العولمة والتطور، وفي ظل عدم مواكبة  شرطة غزة للفكر الأمني الشرطي ؟.

ان انشغال حركة حماس في تعزيز استراتيجية أمن وجودها وتعزيز أركان استمرار سيطرتها على غزة  ،وذلك بإبقاء الجبهة الداخلية في حالة من الخضوع لأجهزتها الأمنية والخوف من سطوتها في ظل تنامي الجريمة وتعدد أنواعها بفعل العولمة وانعكاساتها أدى الى الاخلال بالتوازن بين قوة وكفاءة الأجهزة الشرطية في غزة من ناحية ،وامكانيات وقدرات جماعات الاجرام المستجد من ناحية أخرى ،حيث ان عدم  مواكبة حركة حماس  للفكر الشرطي مثلا ،مع عدم الاهتمام بانعكاسات قلة الخبرة وانعدام التدريب  للكشف عن الجرائم المستجدة ، ومن بينها الجرائم الالكترونية أدى الى حدوث نوع من الفراغ الأمني الذي يتعلق بالوقاية من الجريمة ،وهذا القول ليس اعتباطا ،وانما وفقا لمدلولات الأمن ،وعوامل تحقيقه ،ومؤشرات استتبابه ايضا ،فهل يمكن لأجهزة حركة حماس الأمنية مثلا التعامل مع الجرائم الالكترونية دون مواكبة التطور وامتلاك التقنيات ، وخاصة ان معظم من يتولى قيادة تلك الأجهزة هم ممن لا ثقافة امنية  لهم ،او علم ، ولا حتى تدريب ،وان توليهم لتلك الأجهزة كان بفعل اخلاصهم لحركة حماس وصلابة انتمائهم لقادتها فقط؟,

خلاصة القول ،ووفقا لنظريات الأمن الحديثة ،فانه  لا أمن في غزة ،ولا حتى جهاز شرطة ، ليس بسبب  عدم  قدرة حركة حماس على صياغة الاستراتيجيات الأمنية  ،او لعدم تحديد مرتكزات واسس هده الاستراتيجيات وأساليب التطبيق الفاعلة لها ،ولا حتى  بسبب قلة تدريب  العاملين في جهاز الشرطة التابع لها ،وانعدام  خبرة القائمين عليه ،مع عدم مواكبة هذا الجهاز للفكر الأمني الشرطي ،بالإضافة الى غياب  امتلاكه للتقنيات الحديثة التي تكشف  عن الجرائم  المستجدة بفعل العولمة ، وانما لا امن في غزة ،ولا حتى جهاز شرطة بالمفهوم الحقيقي بفعل غياب الوحدة الوطنية ، ،فالوحدة الوطنية هي من تحقق   صياغة تلك الاستراتيجيات الوطنية التي تحقق الأمن والاستقرار والتنمية ،كما تحقق القضاء على البطالة والجريمة من خلال استراتيجية تنظيم المؤسسات الأمنية المكلفة بمكافحة الجريمة  اعتمادا على التنسيق ، والتدريب، وتبادل الخبرات ،مع اعتماد اسلوب التخطيط لرسم السياسة العامة لملاحقة الظاهرة الإجرامية والتضييق عليها وفقا للأساليب  العلمية الحديثة  ،وليس بالاعتماد على قوة الردع و قسوة العقوبة  التي يدل استمرار استخدامها على انعدام الأمن في غزة  ،وغياب الأمان لمن فيها .