نابلس - النجاح الإخباري - كتب نبيل عمرو للنجاح:

بكل المقاييس يبدو اعلان السيدة بنسودا بشأن وجود أساس لفتح تحقيق جنائي مع إسرائيل لارتكابها جرائم حرب، بمثابة انجاز نوعي كبير تبدو آثاره الأولية جلية من خلال كثافة ردود الفعل الإسرائيلية عليه، ما يشي بأن معركة سياسية وقانونية لابد من خوضها ليس مع إسرائيل وحدها بل مع الإدارة الامريكية التي سارعت الى رفض الإعلان ما يجعل من إمكانية اتخاذ إجراءات عقابية ضد محكمة الجنايات الدولية أمرا واردا فقد فعلت ذلك ضد اليونسكو وهددت بفعله ضد أي جهة تتخذ قرارات تضر بمصلحة إسرائيل.

الاحتفاء الفلسطيني بإعلان السيدة بنسودا منطقيا تماما، إذ إن ما حدث جاء نتيجة لمعركة سياسية وقانونية استمرت لسنوات شهدت ضغوطا ومناورات ومساومات وتهديدات إلا أنَّها لم تثمر كما أراد الإسرائيليون والأمريكيون، بل قربت احتمالات مثول شخصيات إسرائيلية أمام المحكمة وكذلك رفعت غطاء الحماية والحصانة عن هذه الشخصيات ما يجعل من حركتها خارج إسرائيل أمرًا خاضعًا للمسائلة والملاحقة وحتى الاعتقال.

قوة أي قرار لا تكون بصياغة نصه، وإنَّما بمتابعته ووضع الآليات الكفيلة بالبناء عليه، فكم من قرارات صدرت عن مؤسسات دولية جرى الاحتفاء بها إلا أنَّها وبفعل انعدام المتابعة صارت مجرد رقم يضاف الى قائمة القرارات المحالة عمليا الى الأرشيف.

ولكي يعطي إعلان بنسودا نتائج سياسية، فلا مناص من جعل المعركة عالمية تشارك فيها دول ومؤسسات ذات وزن في الحياة الدولية وفي طليعتها المؤسسات الحقوقية.

إنَّ معركة بهذا الحجم تحتاج إلى إطار تحالفي واسع لادامة زخمها ولصد الهجمات المضادة التي لن يتوانى الإسرائيليون والأمريكيون عن القيام بها.

لقد لفت انتباهي موقف اتحاد المحامين العرب، الذي هو من اقوى المؤسسات الحقوقية وأكثرها امتدادات على المستوى الإقليمي والدولي، لقد اعلن امينه العام نقيب المحامين المصريين سامح عاشور، موقفًا يستحق البناء عليه، فقد وضع الرجل نقابة مصر العملاقة واتحاد المحامين العرب بتصرف هذه القضية وحشد كل إمكانيات ادامتها وكسبها.

إنَّ الإسرائيليين الذين وقع عليهم إعلان بنسودا كما لو أنَّه صاعقة أعلنوا عن سلسلة إجراءات سوف يتخذونها ليس فقط لمعاقبة محكمة الجنايات، بل لمعاقبة الفلسطينيين لأنَّهم توجهوا اليها فلنهيأ أنفسنا لمعركة كبرى وإذا ما أحسنا استخدام الأوراق المتوفرة لدينا قانونيًّا وتحالفيًّا، فليس مستحيلا الفوز بها.