اكرم عطا الله - النجاح الإخباري - هناك خطأ ما لدى من يتابعون الانتخابات الاسرائيلية باستعجال التخلص من بنيامين نتنياهو خصوصاً من الفلسطينيين والعرب، فالاستطلاعات التي تنتشر تشير لتقارب بين حزب أزرق أبيض الذي يضم مجموعة من الجنرالات يتقدمهم رئيس الأركان السابق بني غاتس وبين حزب الليكود الذي يقود حكومات اسرائيل بشكل متواصل منذ أكثر من عشر سنوات.

تشير الاستطلاعات الى تقارب شديد بين الحزبين الكبيرين في اسرائيل وأحياناً كما تشير آخرها الى تقدم لحزب الجنرالات بمقعد أو مقعدين ووفقاً لهذا التقدم يجري الاعتقاد أن ذلك يعني أن الحزب الذي يتقدم سيتم تكليفه بتشكيل الحكومة وبهذا ينتهي المستقبل السياسي لنتنياهو وقد يذهب للسجن وهذا التفسير لا ينطبق مع ما يجري داخل اسرائيل وطبيعة تشكُّل النظام السياسي فيها.

الأمر ليس كذلك في تلك الدولة فالحسابات فيها حسابات كتل برلمانية وليست حسابات أحزاب لذا ليس من الضروري أن يتم تكليف الحزب الأول بمهمة تشكيل الحكومة وقد حصل ذلك بعد انتخابات 2009 عندما تفوق حزب كاديما برئاسة تسيفي ليفني بواقع 28 مقعدا على حزب الليكود الذي حصل على 27 مقعداً وحينها تم تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة.

السبب في ذلك أن هناك تقليد متبع في اسرائيل بعد اعلان النتائج وهو أن الرئيس الاسرائيلي يستقبل الكتل الانتخابية تباعاً لتهنئتهم بالفوز ويجري سؤال تلك الكتل عن مرشحهم المفضل لتشكيل الحكومة ويقوم الرئيس بإجراء حساب من الأكثر أصواتاً قد تمت تزكيته من تلك الكتل الفائزة ليكلفه بتشكيل الحكومة وما حصل مع ليفني قبل عشر سنوات في انتخابات الكنيست الثامنة عشر أن الأحزاب العربية كعادتها تعتذر عن تسمية مرشح وأن الأحزاب الدينية شاس ويهدوت هتوراة لم ترشح ليفني لأسباب دينية لأنها امرأة وهذا محرم في التوراة بل قدمت نتنياهو كمرشح  ليحصل زعيم الليكود على أصوات أعلى من زعيمة كاديما حينها أعطاه الرئيس الإسرائيلي كتاب التكليف  حكومة اسرائيل.

هذه المرة قد يتشابه الأمر ويتقدم حزب أزرق أبيض لكن الكتلة اليمينية التي سترشح نتنياهو أكبر كثيراً من الكتلة التي سترشح بني غانتس فالاستطلاعات الأخيرة حتى الان التي نشرتها قنوات التلفزيون الثلاث في نهاية الاسبوع الماضي والتي تتشكل من الليكود واليمين الجديد وشاس ويهدوت هتوراة فإن معسكر اليمين الذي يضم أحزاب الليكود وكذلك يمينا وحزب يهدوت هتوراة وأيضا شاس سيحصل بين 58 أو 59 مقعدا هؤلاء بالقطع سيوصون نتنياهو حتى وان لم يوصي ليبرمان وبالمقابل فان غانتس لا يملك سوى حزبه أزرق أبيض والمعسكر الديمقراطي وحزب العمل – غيشر على وهؤلاء يقفون عند 44 مقعد وباعتبار أن العرب لن يوصون بحزب الجنرالات وان لمح بذلك زعيم المشتركة أيمن عودة لكن ذلك سيجد معارضة شديدة من باقي المشتركين في القائمة وكذلك موقف غانتس الرافض لضم العرب لحكومته لأسباب قومية .

وأيضاً قد يوصي ليبرمان بنتنياهو لتشكيل الحكومة حتى يجعل نتنياهو مكلفاً ومضطرا لمفاوضته والتودد اليه ويكون ليبرمان صاحب الكلمة العليا في ابتزاز زعيم حزب الليكود مرة اخرى كما حصل في الربيع الماضي  .

على الأغلب سيعاد تكليف نتنياهو بإقامة حكومة ولكن كيف ستكون ؟ يتوقف هذا الى حد ما على نتائج الانتخابات التي ستجري غدا فثلاثة مقاعد اضافية لكتلة اليمين هذا يعني تجاوزها للحد الذي يمكنها وحدها من الاعلان عن حكومة أو ضم ليبرمان اليها بتنازل يقدمه نتنياهو او الأحزاب الدينية لليبرمان أو أن يقدم الأخير هذا التنازل حتى لا يبدو في نظر الإسرائيليين معيقا دائما ليتسبب بجولة ثالثة أو كما يطالب ليبرمان بحكومة مشتركة كل ذلك يتعلق بالنتائج لكن ما هو شبه مؤكد هو أن نتنياهو من سيتسلم كتاب التكليف

كتلة اليمين الآن تهيمن على المشهد السياسي في اسرائيل وقد حسم النظام السياسي نفسه لصالح اليمين وبدأ ذلك واضحاً في العقد الأخير بشكل لا يدع مجالاً للشك وان كان العقد الذي سبقه أيضاً يمينياً لكن الأخير كان أكثر وضوحاً بتواصل حزب الليكود بلا انقطاع لذا فان التقدير الأرجح وفقاً لنتائج الاستطلاعات الأخيرة هو أن كتلة نتنياهو التي تقترب من 58 مقعد هي الأوفر حظاً وبذلك لن يسقط نتنياهو بتلك السهولة لن يسقط بالانتخابات فقط سيسقط بلوائح الاتهام والمحاكم وليس في صندوق الاقتراع ...!!!