د. بسام سعيد - النجاح الإخباري - لقد شعر الكثيرون في العالم بالسعادة وسط مناخات الكأبة التى تحاصرهم، وأنا واحد منهم بسبب هزيمة  دونالد ترامب وزوال الترامبية فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هذه الهزيمة  والتى لاقت ارتياحًا أيضًا فى كثير من المجتمعات المهمشة والضعيفة حتى فى داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. 
 وربما كان شعور المواطن  الفلسطيني  أكثر بالسعادة وهو  يناضل  من أجل الحصول على حريته  وحقه  العادل، كون سياسة ترامب تجاه فلسطين كانت مؤلمة وقاسية و مدفوعة برغبات قاعدته الانجيلية اليمينية المتطرفة، والذى مثلها الفتى الأغر صهره جاويد كوشنير، والسفير الأمريكى  المتطرف المستوطن ديفيد فريدمان، واللذان قطعا شوطا طويلا ومتعثرا فى محاولة تصفية وشطب القضية الفلسطينية فى ضربة واحدة والى الأبد تحت ما يسمى بصفقة القرن ! 
 فلقد كانت الإدارة الأمريكية المنصرفة خلال السنوات  الماضية صهيونية أكثر من الإسرائيليين، تمثَّل ذلك فى سلسلة من الإجراءات التى تم تنفيذها بدءًا بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطع المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، ونقل السفارة الأمريكية من تل ابيب إلى القدس، وقطع المساعدات المالية عن الأونروا، وشرعنة الاستيطان، وتنفيذ عملية تطبيع مع عدة دول عربية ورفض أي عودة للاجئين الفلسطينيين،  ومنح الاحتلال سيادة أمنية كاملة ما بين النهر والبحر ضمن ما سمى بصفقة القرن !
والسؤال الذي يطرح هنا، هل مع تغير هذه الإدارة ومجئ إدارة تختلف عنها سيتغير هذا  الواقع ؟ وللإجابة على هذا التساؤل 
يمكن القول وبواقعية إنَّ انتخاب بايدن سيخفف الضغط الذي مورس على القيادة الفلسطينية  تجاة القبول بما كان يملى عليها بالرغم من أنَّ بايدن ينتمى إلى سلاله مقلقة من السياسة الأمريكية تجاة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى  حيث لم تقدم أكثر من خدمة كلامية لاستقلال فلسطين مقابل الدعم اللا متناهى تجاه إسرائيل، ورغم ذلك فمن المتوقع من الإدارة الأمريكية الجديدة وعلى رأسها بايدن أن تعمل على رفع الحصار المالي عن السلطة  الفلسطينية، وكذلك عدم الاستجابة لاعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، وسيتم دعم حل الدولتين والذي لن يكون بالضرورة وفق الرؤيا الفلسطينية،  وسيتم كذلك إعادة فتح مكتب تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وإعادة فتح مكتب القنصلية الأمريكية بالقدس الشرقية وهذا يعنى بقاء القنصلية العامة قناة اتصال مع الفلسطينين وأن وجودها فى القدس الشرقية رسالة سياسية مهمة بأن موضوع القدس لم يحسم بعد. 
وما يجدر الإشارة  إليه بأن الكونجرس الأمريكي الجديد سيضم أكبر عدد من الأعضاء الذين يتحدثون بصراحة عن تأييدهم للحقوق الفلسطينية، وربما يدفع وجود النواب التقدميين ومن ورائهم ساندرز، والرئيس السابق أوباما  والذي عمل ويعمل فى الظل لإنجاح  إدارة بايدن إلى تغيير السياسة الأمريكية تجاة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى وخاصة أنَّ بايدن كان من أبرز داعمي قرار مجلس الأمن 2324 فى ديسمبر عام 2016 والذي أدان الاستيطان، فجو بايدن سياسي مجرب ويعرف الألغام الموضوعة فى طرق الشرق الأوسط وحتى هذه اللحظة لم تصدر عنه تصريحات متبلورة تدلل على استراتيجية جديدة ينوي تطبيقها فى الشرق الأوسط وليس لدية خطة قرن كسابقه المنتهية ولايته ترامب، مع أنَّ الفرق بين بايدن وترامب أنه نموذج للديموقراطيين من الجيل الذي ولد أثناء الحرب العالمية فهو يلتزم تجاه إسرائيل بالفكرة وليس السياسة بمعنى الالتزام بأمن إسرائيل، وليس الاحتلال بعكس موقف الافنجيليين القائم على الإيمان المسيحانى بالاحتلال والاستيطان والتوسع العنصرى!

 ختامًا ورغم كلِّ ما سبق  فمن الخطأ الإغراق فى التفاؤل والاعتقاد بأنَّ بايدن يحمل معه عصا سحرية يستطيع بواسطتها أن يحقِّق مالم ينجح به رؤساء أمريكيين على مرِّ الأجيال !