باسم برهوم - النجاح الإخباري - هناك مفردات سياسية جديدة، بدأت أنظمة عربية استخدامها عندما تتحدث عن القضية الفلسطينية، في ظل الهرولة للتطبيع مع إسرائيل، ولتوخي الدقة فإن بعض المفردات قديم يتم إعادة انتاجها من جديد، من أبرز هذه المفردات ان موقف القيادة الفلسطينية الرافض لاتفاقيات التطبيع، هو ثقافة قديمة، أو إعادة إحياء الاسطوانة المشروخة بأن الفلسطينيين يرفضون دائما، ويخسرون مزيدًا من الارض...!! والاكثر دهشة قول البعض من هذه الانظمة، انها كانت في السابق ترجح مصلحة فلسطين والقضية الفلسطينية على مصلحتها الوطنية الخاصة، وانها اليوم ستركز على مصالحها.
قبل الدخول في تحليل هذه المفردات والرد عليها. لا بد من الاشارة ان الدول العربية بحدودها الراهنة، هي نتاج الخارطة التي وضعها الاستعمار منذ اكثر من مائة عام، وفي الوقت الذي رسم فيه هذا الاستعمار هذه الحدود، قرر ان يلغي وجود فلسطين وان يضع مكانها " دولة يهودية " اي إسرائيل. المقصود من هذا التوضيح ان الاستعمار هو من وضع شكل النظام الشرق اوسطي، الذي يضم هذه الدول العربية مع إسرائيل..
 والآن هل المقصود بالمفردات الجديدة (...!!) اقناع الشعب الفلسطيني بالثقافة الجديدة، او ان موقف الفلسطيني المتمسك بانهاء الاحتلال الاسرائيلي، هو ثقافة قديمة؟ 
القيادة الفلسطينية تدرك المخاطر التي تتعرض لها الدول العربية، كما تحلل بشكل عميق الواقع العربي، وكم هو هش، ولكن نرجو من الاشقاء العرب ان لا يتحولوا الى بوق يكرر بجهل مفردات الدعاية الإسرائيلية الصهيونية، بان الشعب الفلسطيني مسكون باضاعة الفرص...!!! 
وانه في كل موقف رفض يخسر مزيدا من الأرض. الشعب الفلسطيني لم يخسر ارضه، هو يحاول استعادة ارض خسرها العرب في حربين، حرب 1948 وحرب 1967, نحن لم نهزم بهذه الحروب، بل الحكام العرب هم من هزموا. ونحن لسنا رفضويين عدميين، على ما يبدو ان بعض الدول العربية تتناسى اليوم ان منظمة التحرير الفلسطينية، قد وقعت اتفاق تسوية مع اسرائيل، بهدف اقامة سلام عادل وشامل ودائم، تعود من خلاله فلسطين الى خارطة الشرق الاوسط، ولو على اقل من ربع مساحة فلسطين التاريخية. الشعب الفلسطيني سعى جاهدا لتنفيذ هذا الاتفاق ولكن اسرائيل هي من تنكرت له.
اما الحديث الغريب، بان الدول العربية، او بعضها، كانت تضع مصلحة القضية الفلسطينية فوق مصالحها، هو بالفعل حديث غريب، ألم يأت الحكام العرب، وفي ذروة ثورة عام 1936 ليقولوا لنا لا عليكم نخن سنتولى قضيتكم ونأتي لكم بحقوقكم، وماذا كانت النتيجة
 نحن نقدر كل دعم وكل موقف دعم فيه الاشقاء العرب القضية الغلسطينية، التي هم من قال إنها قضية الامة المركزية، ولكن لم يحدث ان وضع نظام عربي القضية الفلسطينية فوق مصالحه، لانه لو حدث ذلك فعلا لكنا في مسار تاريخي غير الذي نحن فيه.
ان ما نراه امام اعيننا هو عملية جلب للدول العربية يقوم بها ترامب في سياق حملته الانتخابية بهدف الحصول على اخر صوت صهيوني يهودي وصهيوني مسيحي، وهذا الاخير اكثر تطرفا، ويريد ان يرى ترامب وقد حقق اقصى الاهداف الصهيونية ليمنحه صوته. الامر المؤسف ان الحكام العرب هم من ينبرون لخدمة حملة ترامب الانتخابية، من افغانستان مرورا باسرائيل، وانتهاء بكل ازمات المنطقة، لذلك لا داعي ان يغطي بعض العرب تخاذلهم وضعفهم بمفردات هم يعلمون انها ليست حقيقية. 

 

نقلا عن الحياة الجديدة