ايهاب بسيسو - النجاح الإخباري - قبل أكثر من عشرين عاماً، تحديداً في صيف عام ١٩٩٩ حطت بنا طائرة الخطوط الجوية الفلسطينية على أرض مطار دبي. كنت على متن هذه الرحلة المباشرة من مطار غزة الدولي إلى مطار دبي والتي استغرقت حوالي ثلاث ساعات.

كان الشعور مزيجاً من فرح داخلي وسعادة بالنسبة لنا نحن القادمين من مطار غزة في رحلة جوية عبر خطوط جوية فلسطينية .

كانت تلك التجربة بمثابة مساحة جديدة في حياتنا اليومية تقدم لنا نكهة جديدة لوقت قادم، أو ربما صورة مغايرة للحال رغم كل تعقيدات المرحلة .
فمع إنشاء مطار غزة الدولي وبدء تسيير الرحلات العربية كان الأفق يحمل ما كان يشبه بداية جديدة للفينيق الفلسطيني .

أذكر تفاصيل الرحلة منذ اللحظة التي أقلعت فيها تلك الطائرة المتواضعة والتي تحمل اسم فلسطين لتخوض غمار تجربة الملاحة الجوية بكل اقتدار قبل أن تحط إلى جانب الطائرات العملاقة وشركات الطيران المختلفة في مطار دبي الدولي .

أذكر تلك السعادة الغامرة ونحن نخرج بعد تلك الرحلة من الطائرة لنستقبل الهواء مجدداً عابرين ردهات المطار  .
كأن الهواء فينا كان يعانق الهواء رغم بساطة الحكاية وعاطفتنا المفرطة .

فأن تسافر عبر خطوط جوية فلسطينية لم يكن حدثاً عادياً لمن عاش تجربة الاحتلال وتعدد أشكال القمع والحصار .

هكذا بدت الصورة بالنسبة لنا في ذلك الزمن البعيد .

اليوم أقلعت طائرة العال الاسرائيلية في أول رحلة تجارية من مطار اللد "بن غوريون" إلى مطار أبو ظبي .

المفارقة أن الطائرة التي طُبِع على هيكلها الخارجي كلمة سلام باللغة العربية والانجليزية والعبرية حملت في ذات الوقت اسم مستعمرة "كريات

جات" الاستيطانية والمقامة على أرض قريتي الفالوجة وعراق المنشية المدمرتين .

طائرة "كريات جات" الاسرائيلية تحل محل طائرة الخطوط الجوية الفلسطينية .

وفيما نتابع نشرات الأخبار أتذكر تدمير مطار غزة الدولي بالقذائف الاسرائلية خلال انتفاضة الأقصى .

وأتذكر أكثر من عشرين عاماً من التجربة .

لا شبه بين اليوم والبارحة .