النجاح الإخباري - حمادة فراعنة
لأسباب سياسية عديدة تفرض علينا الاختلاف مع إيران، ليس فقط بسبب احتلالها لجزر الإمارات العربية المتحدة، بل لأن تدخلاتها في مسامات المجتمع العربي تقوم على التقسيم والطائفية، وتحمل مظاهر العداء القومي، أسوة بعداء مماثل من بعض القوميين العرب الذي يطلقون أوصافاً عنصرية كالمجوس والفرس وغيرها من المفردات الوصفية ذات النزوع العدائي المرضي على الإيرانيين.
نختلف مع إيران في بعض العناوين والسياسات المتصادمة بالمصالح والأولويات العربية، مع الإدراك المسبق أن دوافع بعض العرب ليست نبيلة المقصد، بل تفعل ذلك استجابة لضغوط وتحريض أميركي خدمة لمصلحة العدو الوطني والقومي الإسرائيلي، لهذا نختلف مع إيران ولكننا لا نعاديها، ولا مصلحة لنا بعدائها، فهي جار أزلي لا يمكن التحرر منه، بل يجب البحث عن القواسم المشتركة للتعايش معه أسوة بتركيا وأثيوبيا.
نختلف مع إيران رغم أننا كعرب مستهدفون من العدو الوطني والقومي: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يبحث عن المس والأذى لكل العرب والمسلمين لأن مشروعه يقوم ويكبر على أنقاضهم، وهو يتبع التدرج في تدمير أعدائه، ونجح في ذلك، فهو الذي عمل على شق السودان، وتدمير العراق، وإضعاف سوريا، وتمزيق اليمن، وتغذية الانقسام الفلسطيني، إن لم يفعل ذلك مباشرة بأدوات إسرائيلية، فقد فعلها بواسطة أدوات أكبر منه كالولايات المتحدة وأوروبا، وفعلها على الأرض بتغذية قوى معارضة مخترقة أو بواسطة دعمها من قبل طرف ثالث حتى تنجز مهمتها، ومن ثم يتم رميها مثل حبة الليمون المعصورة.
ما قاله نتنياهو أنه أنجز القضاء على القومية العربية والوحدة العربية والحضور العربي، يلخص ما قلته عن تقسيم السودان وخراب العراق وتمزيقه بالقومية والطائفية، وإضعاف سوريا وتدمير بناها التحتية، وتمزيق اليمن جغرافياً وطائفياً، هو التجسيد العملي لمقولة نتنياهو أننا قضينا على القومية العربية، أي على فكرة تماسك العرب ووحدة أهدافهم وتدمير مستقبلهم كافة، فالوحدة التي تفرضها عوامل كثيرة متعددة باتت حلماً غير واقعي المنال، من يهتم الآن بما يفعل المستعمرون بأولى القبلتين وثاني الحرمين وثالث المسجدين ومسرى سيدنا محمد ومعراجه وقيامة السيد المسيح؟؟ لم يعد ذلك موضع اهتمام، بل تظهر بعض الأصوات النشاز في مكانة الأقصى غارقة في جهلها أو في وعيها الخبيث، لمصلحة العدو الذي يعمل على تهويدها وأسرلتها.
استهداف إيران من قبل الولايات المتحدة هدف المستعمرة الإسرائيلية وبتحريض مباشر من قبل نتنياهو وهو يستغل أخطاء إيران وتطلعاتها الإقليمية في النفوذ والتوسع، مثلما يستغل ضيق أفق بعض العرب وكوامن العداء القومي الكامن لديهم نحو إيران، لذلك يتبجح نتنياهو بقوله «تخلصنا من القومية العربية والآن هدفنا إيران»، ولا يعني هذا أن تركيا والباكستان ستسلمان من شره وأذاه ومن تخطيط الموساد لإضعاف هذه الدول والتآمر عليها، مثلما استعملها سابقاً أيام حكم العسكر في تركيا وحكم الشاه في إيران ضد العرب.
هل تصريحات نتنياهو الاستفزازية توقظ البعض لدينا؟؟، لدى بعض العرب ولدى عقلاء في إيران، لنبحث عن القواسم المشتركة بدلاً من البحث عن خلافاتنا وتعميقها، هل يمكن إدراك أن الصراع العربي الإيراني يستنزف قدراتنا وثرواتنا على حساب شعوبنا ويؤدي إلى حالة الإفقار والاستنزاف كما هو الواقع في العراق وسوريا واليمن، هل من حالة يقظة ولو متأخرة؟؟ وهل من يقرع الجرس؟؟.